الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التخوين في عالم السياسة


السياسة فى مصر لها مفهوم مختلف شكلا ومضمونا عن باقى المفاهيم الصحيحة المرتبطة بباقى البلدان والدول، وأهم المتناقضات فى عالم السياسة داخل مصر، أن الجميع يمتهن مهنة السياسة, لدرجة أنها أصبحت مهنة من لا مهنة له , وأصبح الحديث فيها مباحا للجميع , الذين يعلمون والذين لا يعلمون , كما أن عالم السياسة فى مصر به كثير من المشاكل المرتبطة بعدم المعرفة وكثير من المتناقضات , فينتج عن عدم المعرفة تفسيرات ورؤى خاطئة ينتج عنها شائعات لا حصر لها .

والأكثر من هذا تخوين المختلفين من الفصائل السياسية والأفراد بعضهم للبعض , وظهور حالة عدم الرضا عند أصحاب الرؤى العقيمة وتصدير الصورة السلبية من أصحاب الرؤى المنقوصة أو أصحاب الأفكار المتطرفة, حيث إن الجاهل والمتطرف له نفس الأثر السلبى على المجتمع , فدائما وأبدا تجده يدافع عن الأفكار المغلوطة أو المنقوصة من أجل وضع نفسه على خارطة الحوار , بل إن الأمر قد يصل به الى تخوين أصحاب الأفكار المخالفة فى الرأى .

ولأن السياسة لها أفرادها وأسسها وضوابطها التى تغيب عن الأغلبية , فيجب التزام كل فرد بتخصصه وبنائه, ويجب أن لا ينغمس الجميع فى ما ليس مرتبطا بتخصصه الأساسى , فأصحاب التخصصات دائما هم أصحاب النجاحات وهم أصحاب الإنجازات , فالطبيب الذى يهمل عمله على حساب عمل آخر لن يكون الأفضل, والمدرس الذى يهمل عمله على حساب عمل آخر لن يكون الأفضل , والمهندس الذى يهمل عمله على حساب عمل آخر لن يكون الأفضل , والسياسى الحقيقى الذى يهمل عمله على حساب عمل آخر لن يكون الأفضل.

وكلامى ليس معناه أن تقف الألسنة عن الكلام وأصحاب الرؤى عن الفكر والإبداع , ولكن يجب أن يؤثر ويُصلح ويغير كل شخص فى مكانه وأن يتحدث فيما يعرف وأن يترك السياسة لأهل السياسة , كما هو موجود فى كل بلدان العالم المتحضرة والمتقدمة , وأن يترك كل منا تخوين الآخر لمجرد اختلافه فى الرأى أو المعتقد , فكل له معتقده ورأيه دون إسفاف أو توبيخ أو تحقير أو عدوانية الآخرين , ويجب أن يرتبط الرأى والمعتقد بالسلام الاجتماعى والاستقرار السياسى والاقتصادى , فالأفكار المطروحة دائما حتى ولو مخالفة يجب أن تكون داعمة وبناءة لا هدامة وليس فيها من التخلى شىء عن حب الوطن.

ذلك لأن الفكر لا يناقش بالتخوين والتوبيخ والعدوانية ولكن الفكر يُناقش بدراسة ومنهجية وتشريح الإشكاليات ووضع الحلول وفك الاشتباك وإدراك البعد التاريخى والاقتصادى والسياسى وعدم الانفصال عن الواقع وتقديم الأفكار ووجهات النظر والوعى والإرادة والتصميم والاستدلال بالماضى والحاضر فى نماذج واقعية مشرفة وبناء معرفى واقعى وأيديولوجى ينطلق منه الشخص الى عملية الفهم سواء فى عالم السياسة أو فى باقى العوالم.

يا سادة .. هناك من يريد أن يظهر على سطح الماء وينادى بالإصلاح , ولا يدرى أى إصلاح يريده , ولا ينتهج إلا منهج التخوين والعنف وقد يصل به الحال الى سفك الدماء , هؤلاء إما عدوانيون بطبعهم ولا يصلحون للمناقشة, لأن الحديث معهم أو إليهم خسران , وإما جهلاء لا يدركون معطيات الواقع فنتيجتهم الحتمية خطأ لا محالة , وهم فى نفس درجة العدوانيون , لذلك أدعو الجميع أن يبقى كل فى مكانه الحقيقى وإذا تطورت الأمور وأتيحت الفرصة للتداخل فى عالم السياسة يجب أن لا يخون بعضنا البعض , فالخطأ عندك قد يكون هو الصواب المطلق عندى, والعكس صحيح.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط