قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

قسوة الأب وجحيم لا ينتهي.. قصة سيدة تمنت أن تكون يتيمة !

سيدة حزينة
سيدة حزينة

تتجدد أحزان وآلام من فقدوا أحد والديهم أو كليهما كل يوم تحديدًا في "يوم اليتيم" ولكن الغريب أن تتجدد آلام من يعيش معه والديه أيضا وبصحة جيدة، هذا الوضع الذي قد يتمناه الكثيرون إلا أنه كان بمثابة جحيم لا ينتهي في حياة إحداهن حتى أنها تردد دائما "يا ريتني كنت يتيمة".

نشأت (م.م) التي رفضت الإفصاح عن اسمها، في أسرة مكونة من أب وأم وأربعة أشقاء، كان الحنان والهدوء يسود المنزل وبحكم غياب والدها عنه لفترات طويلة لم تشعر بقسوته، مرت الأيام وأصبحت في عامها السابع، بدأت تشعر في عدم تقبل وجودها.

طلب الأب من ابنته التي تبلغ الآن من العمر 45 عاما، أن تربي إخوتها أو تتوقف عن استكمال تعليمها.

وقالت الابنة التي شعرت في سنها الصغير بالمسئولية لمساندة والدتها بحكم أنها الابنة الكبرى، لـ"صدى البلد": "أمي كانت بتخلف كل سنة عيل ويموت..كنت بعمل كل حاجة في البيت أطبخ وأغسل وأربي إخواتي".

كان الأمر طبيعيا كأب يغلب عليه قوة الشخصية فرأت فيه "سي السيد" كما سمعت من أبناء الجيران، أصبحت في فترة المراهقة وكانت حينها شديدة الجمال ورغم ذلك كان الحزن والوحدة يعتريان وجهها دائما، قائلة: "محستش إن أنا طفلة زي اللي بشوفهم كنت بحس إني ست عجوزة من كتر الضغط والأوامر"، كانت ترى أصدقائها الأيتام أكثر سعادة منها "كنت بحسدهم على حياتهم الهادئة".

تقدم الكثير من الشبان لخطبة الفتاة الجميلة عريسا تلو الآخر، أما الأب فكانت أوامره قاسية جدا يخطبها لكل من يتقدم لها طمعا فيما سيجنيه منه من شبكة وهدايا، "رغم إن شغله كان كويس وكان معاه فلوس كتير"، تعامل معها كسلعة يعطيها لمن يدفع أكثر، حتى جائت خطبة من رجل يكبرها بعشرين عاما واقترب موعد الزفاف فلم تجد مفرا من هذا الوضع إلا الإقدام على الانتحار عساها تجد في الحياة الأخرى ما تمنته، "هددت إني هنتحر وقالي لو جدعة اعمليها ونطيت من البلكونة فعلا".

شاء القدر أن يمنحها فرصة أخرى فقبل اصطدامها بالأرض كانت إحدى جيرانها قد افترشت الشارع بالمراتب القطنية لتهويتها، فأصيبت بكدمات فقط، وأنكر الأب حينها أنها محاولة انتحار "قال للناس دي وقعت وهي بتنشر"، ولم يتراجع الأب عن زواجها من الرجل العجوز لأنه أخذ منه الكثير من المال لإتمام الزيجة، "هددت العريس وقولتله جنازتك هتبقى يوم فرحك"، فتراجع العريس العجوز عن قراره بالزواج منه.

بعد محاولة انتحارها فكرت في التصدي لمحاولات والدها في جعل حياتها بائسة خاصة بعد ملاحظتها لمحاولاته المستمرة للتفرقة بينها وبين إخوتها، "كان بيدي لهم فلوس ويعمل لهم كل اللي عاوزينه وأنا لأ" حتى أنهم كانوا يذهبون للتنزه معا أما هي فتظل في المنزل وحيدة، ففكرت أن ربما يكون في استقلالها المادي شيئا من استقرار حياتها أيضا.

أنهت المرحلة الثانوية ولم تفضل الالتحاق بالجامعة، وبدأت عملها في إحدى شركات القطاع الحكومي وبالفعل تحقق ما كانت تتمناه، فقضائها أكثر من 8 ساعات خارج المنزل خفف من حدة الخلافات بينهما، "بس اشترط عليا ياخد مرتبي" خضعت لرغبة والدها بإعطائها مرتبها كاملا كل أول شهر في سبيل الحرية التي وجدتها في العمل، وتقدم لها حينها شابا دون سابق معرفة ووافقت عليه لتقارب الظروف والشكل المقبول فحين وجدها والدها قد وافقت عليه رفضه هو "مكنتش عارفة هو بيعمل معايا كده ليه .. قالي لازم أجوزك لواحد مش بتحبيه".

تقدم شابا آخر بعدها بفترة وجدت فيه القبول ولكن تظاهرت بأنها ترفضه لتتفاجئ بأن والدها قد وافق على خطبتها منه رغم رفضها، وتزوجا وأنجبت أربعة أبناء، لم تشعر فيه يوما بحنان الأب فكاد أن يعرقل الزيجة لرغبته في الحصول على مال من أهل زوجها دون سبب، الكثير من المواقف الصعبة التي روتها لـ"صدى البلد"، ومنها عدم شعور ابنائها بأن لهم جد "أنا محكيتش لهم حاجة بس هما عارفين إنه مش بيحبهم".

تعمد الجد التفرقة بين الأحفاد كما اعتاد التفرقة بين أبنائه، فكان يعطي المال والهدايا لأبناء أختها أما هي وأبنائها فكأنهم غير موجودين، موقف تلو الآخر تنتظر فيه رد فعل من والدها ولا تجده حتى شعرت أنها بلا أب "أوقات كتير كنت بتمنى أكون يتيمة !"، ورغم أنها وجدت في زوجها حنان الأب التي حُرمت منه إلا أنها ما زالت متأثرة بقسوة والدها، "لسة بزوره علشان مكونش ابنة عاق" أما الأم فلا حرج عليها فطيلة حياتها تردد "نعم" و "حاضر" حتى لو أن الأمر يمسها أو ابنائها بالسوء.

عاشت أم روان تنصح كل من فقد والديه بأن يحمد الله أنه فقد أيا منهما أو كلاهما وفي قلبه الكثير من الحب لهما، أنهما رحلا وتركاه مع ذكريات تجعله يبتسم كلما تذكرها، أنهما أغمراه بالسعادة والحب والحنان، "لما أبوك يبقى عايش وكأنه مش موجود أصعب كتير من إنه يكون ميت وبتحبه".