الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دار العلوم.. رسالة تنويرية.. وريادة شاملة


ستظل قلعة اللغة العربية والفكر الإسلامي الرصين -كلية دار العلوم جامعة القاهرة-، سهلا خصبا، أذوب فيه عشقا وهياما ووجدا لها، إذ هي معشوقة الروح والفؤاد، دارى، ووطني، بها تعلمت، وفيها تخرجت، ومن فضل علومها الإسلامية والعربية نهلت واغترفت وعملت، وتشكل وجدانى وعقلى الفكرى، فهى الكلية الأقدم والأعرق والأكبر، فيرجع تاريخ إنشائها إلى العام 1872 م على يد على مبارك باشا، ولم تغب أبدا حصن اللغة العربية والفكر الإسلامي عن المشهد الحضارى لمجتمعها وأمتها، وعندما تنهض الأمة العربية والإسلامية، فإن نهضتها تجئ بالكلمة والفكر واللغة، ودار العلوم هى سيدة من يتعامل بالكلمة والفكر واللغة العربية.

من هنا كانت شهادة المفكر المجدد صاحب التنوير والنهضة في الفكر الاسلامى الشيخ محمد عبده حينما زار دار العلوم وقال كلمته المشهورة: "تموت اللغة في كل مكان وتحيا في دار العلوم"، فأضحى خريجو دار العلوم نجوما تتلألأ فى سماء المجتمع، سواء أكانوا إعلاميين، أم اساتذة مدرسين ومعلمين، فحق كذلك فيهم قول الشاعر الكبير فاروق جويدة: تركنا على كل أرض علامة.. قلاعا من النور تحمى الكرامة.

والآن تحيا كلية دار العلوم جامعة القاهرة، نهضة شاملة، حضارية، تنويرية، فكرية، إبداعية، تدريبية، إعلامية، تنموية، بفضل الله تعالى ، ثم عميدها العالم الجليل، والمفكر الإسلامي القدير الدكتور عبدالراضى محمد عبدالمحسن، الذى يعد درة ثمينة من درر وقامات مصر العلمية والفكرية -دون مجاملة له- ، إذ شرفت بإجراء العديد من الحوارات الفكرية الإسلامية معه، فتجولت فى خزانة عقله وفكره، أبحث عن إجابات شافية للعديد من تساؤلاتي له في القضايا الفكرية والحضارية والفلسفية واللغوية المتنوعة، فكان نعم البستان الطارح بصحيح وأطيب الثمار والأطروحات التي روت ظمأ الفكري، وأشبعت نهمى الصحفى.

ولما لا وهو واحد من المفكرين الإصلاحيين الذين يحملون همّ صلاح وتجديد الفكر الدينى، والثقافى، والمجتمعى، والطلابى، لوطنه، فنراه يجيد اللغة الألمانية والانجليزية كتابة وتحدثا، وكان فاعلا رئيسا فى ترجمة القرآن الكريم الى اللغة الالمانية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ومستشارا علميا للهيئة العالمية للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ورسالته للدكتوراه كانت أول رسالة علمية فى مقارنة الاديان بجامعة القاهرة، وله من الأبحاث والدراسات والمؤتمرات ما نافح وناظر به الفكر الغربى المتحامل على اسلامنا ونبينا وقرآننا فى حوارات الأديان، مفندا ومدحضا حججهم، مصدرا لهم فكره الإسلامي الرصين الصحيح، كما يشار له بالبنان في جامعات ألمانيا ومراكز الدراسات الإسلامية بها،ومازالعطاؤه الفكرىوالبحثىوالعلمى الإسلامي نهرا جاريا متدفقا.

الدكتور عبدالراضى محمد عبدالمحسن عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة، استطاع أن يضع كليته على خارطة التفاعل المجتمعى، محليا ودوليا، فكانت له عدة مشاريع وأطروحات تنموية مجتمعية، دفع بها دار العز لتتبوأ مكانة عالية مرموقة فوق مكانتها الشامخة السامقة ، فجدد خطابها الدينى والمعرفى والفكرى، بإعادة تكوين وتشكيل الوعي الفكرى والدينى لطلابها على أساس من الفكر الوسطى الصحيح، من خلال العمل مع المجموعات الطلابية،عبر مشروعاته الوطنية التي قام بها في الكلية،مثل مشروع إعداد مائة قائد،الذى تم فيه إعداد الطلاب إعدادا علميا، وثقافيا،ومهاريا، بصقل مواهبهم، وإكسابهم مهارات شخصية، ليكونوا كوادر وطنية قادرة على الحوار والمناظرة والنقاش الموضوعى.

إضافة لمشروعه إعداد مائة إعلامى، الذى أرسى فيه دعائم ميثاق أخلاقي مرتبط لدى طلابه الإعلاميين، وتنمية لمهاراتهم الإعلامية لإعدادهم لسوق العمل بالخارج عن طريق أساتذة كلية الإعلام، ومشروع الجمعيات العلمية، والتي من خلال هذه المشاريع تدريب الطلاب عليها في أشهر الصيف في ورش عمل، وندوات، ومحاضرات، ومسابقات تثقيفية،وعلمية، ودينية، لبناء وعى جديد لأبنائه الطلاب، كما استطاع أن يخرج بكليته الى رحاب العالمية، باتفاقيات تبادل علمى دولي مع كبرى جامعات العالم، وغيرها من الإنجازات الأخرى.

ثم ها هو ذا يصنع مجدا دوليا جديدا لكلية دار العلوم جامعة القاهرة، في إطار دورها الرائد على مستوى الجامعات المصرية، عبر مبادرته "إفريقيا بتتكلم عربي"، التي تنفذها الكلية، في إطار تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، وتهدف لتعليم ألف إفريقي من كل دول القارة السمراء اللغة العربية، بمستويات مختلفة خلال العام الذي ترأس فيه مصر الاتحاد الإفريقي، حيث تأتى المبادرة تحت رعاية الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، إسهاما فى توثيق روابط المحبة والصداقة ونشر ثقافة التسامح والتعايش وتعزيز العلاقات الثقافية بين مصر وإفريقيا، من خلال اللغة العربية.

وهكذا تستمر رؤية ورسالة كلية دار العلوم جامعة القاهرة، بفضل الله وتوفيقه، ثم عميدها وعلمائها، وطلابها، ومنسوبيها-العاملين بها وخريجيها-، ساعية إلى التميز والتفرد على المستوى القومي، والإقليمي، والدولي، ليس فقط في دراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية وبحث قضاياهما، وإعداد خريج متخصص في اللغة العربية وآدابها والعلوم الإسلامية، بل في استمرارية تبوأها الصدارة بفضل عراقة أساتذتها وخريجيها، وخبراتهم وعطاءاتهم المتفردة على مر السنين في شتى المجالات المختلفة مثل الخطابة وإلقاء الدروس الدينية بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف، والمشاركة في ندوات الإذاعة والتليفزيون والنقابات المختلفة، وتدريس العربية لغير الناطقين بها، وتدريس العربية للدبلوماسيين والأجانب، والمشاركة في وسائل الإعلام المختلفة، وإعداد وتقديم البرامج التعليمية بتليفزيون جمهورية مصر العربية في المراحل التعليمية المختلفة، والتدريس في الدورات التدريبية في اللغة العربية للمذيعين بمصر، والاشتراك في إعداد مقررات اللغة العربية والتربية الدينية لوزارة التربية والتعليم، و إلقاء محاضرات بوزارتي الدفاع والخارجية، والإعداد اللغوي للباحثين الشرعيين والمفتين بدار الإفتاء المصرية، وإلقاء المحاضرات بمعهد الإذاعة والتليفزيون، والتدريس بمعهد الدراسات والبحوث التابع لجامعة الدول العربية، وتحكيم المسابقات بالجامعة ووزارة الثقافة، والقيام بأعمال التصحيح اللغوي لمحاضر جلسات المجلس الأعلى للجامعات ومجلسي الشعب والشورى، هذا إضافة لكبار الإعلاميين، خريجى دار العلوم جامعة القاهرة - تلك الدرر واللآلئ المنثورة- المنتشرة في قطاعات العمل بالإعلام المختلف (المقروء والمسموع والمرئى).

وأختم بقول أستاذنا الدكتور عبدالراضى محمد عبد المحسن: "لكليتنا المتميزة انسجاما مع رسالتنا التنويرية وريادتنا العمرانية الشاملة، جوانب النهوض المتكامل (الإنسان -المكان -الدولة)، حيث سعت كلية دار العلوم وما زالت تسعى إلى العمل على مكانتها في هذا المضمار الفسيح، حريصة على أن يكون لها ريادة وقصب سبق، حتى ارتقت منه مكانة عالية ومنزلة سامقة، ينقلب دونها البصر وهو حسير".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-