الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بلا وطن


يعني ايه كلمة وطن يعني أرض حدود مكان ولا حالة من الشجن، كلمات تتردد دائمًا في أذهان ملايين المصريين خاصة منذ غناء محمد فؤاد لها في فيلمه الشهير "أمريكا شيكا بيكا"، فكلمة وطن تحمل في حروفها الثلاثة معاني وقيما وأفكارا لا حصر لها وذاكرة عنيدة لا تمحى عبر السنوات.

ما تداولته الصحف العالمية خلال الأيام القليلة الماضية من أخبار عن قرارات بريطانية لسحب الجنسية من مقاتلين انضموا إلى في صفوف تنظيم "داعش" يعتبر خطوة حاسمة في المرحلة الحالية وإضافة إلى جهود العالم لكبح جماح الإرهاب.

هي تذكرة ذهاب بلا عودة إلى مستقبل مظلم ولن تفيدهم جواز سفر بلادهم التي ينعم بحمايتها المواطنون الذين يستحقوها، شاميما بيجوم وريما اقبال وأختها زارا تم سحب الجنسية البريطانية منهما خلال شهر مارس الجاري ويمكن توقع اتخاذ الحكومة البريطانية قرارات مشابهة بالمستقبل، والجدير بالذكر أن حكومة ألمانيا تدرس حاليًا مشروع قانون مناظر لما فعلته بريطانيا من سحب الجنسية الألمانية من ألمان انضموا لداعش وقاتلوا في صفوفه.

وعلى الرغم من الحياة المترفة والمرفهة التي وفرتها تلك البلدان الغربية لمواطنيها، إلا أن العامل المادي لم يشكل السبب المباشر لتجنيدهم بتلك التنظيمات ذلك الأمر الذي يدحض النظرية التي تقول إن انتشار الفقر والعوز في بلدان العالم الثالث يمثل الحافز الأهم لدفع الشباب صوب التنظيمات الإرهابية.

ومن هذا المنطلق، يتبدى في الذهن سؤال ملح عن مبررات نجاح عمليات"غسيل المخ" التي تنظمها تلك الجماعات الإرهابية في أماكن النزاع في سوريا واليمن وأيضًا معاونيهم خارج تلك الأماكن، وإن كان الفقر حاضرًا في القائمة إلا أن تلك المبررات يدخل بها عوامل أخرى أكثر تأثيرها مثل الكبت المجتمعي وغياب الوعي والتهميش والاضطهاد في بعض المجتمعات النامية، وكلها عوامل متشابكة ومعقدة وإذا غاب أحدهم فان باقي العوامل تتوافر وتتكفل بغسيل المخ بعناية.

بلا وطن.. مشكلة خطيرة تؤرق الحكومات أكثر مِن مَن يعانون من المشكلة نفسها، فهم لا يحملون أي بطاقة هوية ولا يتمتعون بأي حقوق مدنية ولا سياسية ويتنقلون بين الدول في الظلام على الأقدام، أعدادهم تتجاوز المليون وفق ما تنشره مفوضية الأمم المتحدة العليا لشئون اللاجئين على موقعها الالكتروني وأغلبهم تم تجريده من الجنسية لأسباب سياسية وتنال النزاعات الحدودية والطائفية نصيب الأسد مثلما يحدث اليوم مع مسلمي الروهينجا في ميانمار من نزع الجنسية وبالتالي الطرد من البلاد على خلفية الصراع الاثني، وتنال أوروبا نفسها قسطًا من تلك المشكلة إذ لاتزال مشكلة الغجر صداع مؤلم للحكومات هناك.

وطن يعني الأمان والضمان للبقاء وتراب يحمل المواطن فوقه ويهبه الحياة من لقمة عيش، فلا وجود للمواطن دون تراب الوطن.. وعليه أن يقدر حق تقدير ثمن هذا التراب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط