الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد نبيل يكتب: الممر.. النكسة وحرب الاستنزاف بعين شريف عرفة

صدى البلد

زاوية جديدة من بطولات فترة عصيبة مرت بها مصر وقواتها المسلحة يقدمها المخرج شريف عرفة من خلال فيلمه الجديد الممر، والذى رصدت له ميزانية كبيرة وصلت طبقا للمنتج هشام عبد الخالق لـ 100 مليون جنيه، وهى الأضخم فى السينما المصرية بدون شك إذا ما تم احتساب التجهيزات والمعدات التى مد بها الجيش الفيلم لخروجه فى صورة لائقة بفيلم حربية من طراز حقيقى.

تبدأ أحداث الفيلم مع نكسة عام 1967 وما لحقتها من جر أذيال الخيبة والهزيمة، وحتى بدء استعادة الجيش المصرى لتنسيق خطوطه بصورة أولية، وتكليف الضابط نور "أحمد عز" برئاسة فرقة صاعقة خاصة لتنفيذ عملية خلف خطوط العدو بالضفة الشرقية للقناة، وهى الفترة التى يؤرخ لها بحرب الاستنزاف، ورغم ارتباك هذه الفترة، إلا أن مشهد سخرية المواطنين فى السنترال من ضابط الجيش العائد مهزوما ومنسحبا من أرضه لم توضح الصورة بشكل دقيق فى ظل إنتفاضة كانت واضحة وتكاتف بين فئات الشعب لدعم جيشه وكان الشعار الأسمى هو "هنحارب"، ربما فى مرحلة لاحقة بدأ اليأس يتسلل لكنه لم يكن خلال تلك الأشهر اللاحقة للنكسة مباشرة.

المخرج شريف عرفة قام أيضا بالإشراف على الإنتاج، واستطاع تنفيذ مشاهد حربية على الطريقة الهوليودية، نظرا للتخطيط الجيد وربما الإستعانة ببعض العناصر المدربة لوضع تصورات حقيقية عن ساحات المعركة ورسم تفاصيل عن المعارك والاشتباكات وحتى التجهيزات اللوجستية للجنود، وغيرها من تفاصيل شعرنا أنها تقدم على نحو متفانى فى أغلبها، ولكن كتابة عرفه للسيناريو بمشاركة أمير طعيمة كانت الحلقة الأضعف في الفيلم بلا منازع، حيث إقحام بعض الشخصيات ولا سيما التى تمثل توزيع جغرافى معين يضمن مشاركة فعالة من شرائح مختلفة فى الأحداث دون إيجاد خطوط درامية وخلفيات تاريخية لكل شخصية كان أمر لافت.

والمثال الأكثر وضوحا على تقديم شخصيات هزلية لم يتم كتابتها بحرص كافى وكانت لتؤدي دورا أكبر فى الأحداث برز عبر شخصية الصحفى إحسان الذى جسده الممثل أحمد رزق ليصاحب الفرقة الخاصة أثناء تنفيذ عملية انتقامية خلف خطوط العدو داخل سيناء فى فترة حرب الاستنزاف وقت حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بعد أن تم الإشارة إلى العمليات التى قام بها البطل إبراهيم الرفاعى.

باقى الشخصيات الرئيسية تم إدارتها بالكثير من الوعي، ولكن الأداء الأكثر نضجا لم يكن من نصيب أحمد عز فقط، والذى يبذل مؤخرا جهد كبير للتطور على مستوى الأداء وعدم الإرتكاز لشعبيته، وإنما برع إياد نصار فى تقديم شخصية الضابط الإسرائيلي قائد معسكر العدو حتى دون مساهمة لافتة للتعمق مع الشخصية فى بداية ظهورها لتكوين ند قوى أمام بطل الفيلم، ولحق به الجندى هلال أو "محمد فراج" من خلال لجهة صعيدية المتقنة وتعبيراته التى بدت على سجيتها وفطرته التى قربته من المشاهدين خلف الشاشات، فضلا عن ظهور مميز لـ محمد جمعة، أسماء أبو اليزيد، أحمد فلوكس، ونور محمود فى بداية الفيلم، عابه قصر المدة الزمنية التى ظهر فيها والتى لم تمنحنا الوقت للتعاطف مع استشهاده.

فيلم الممر شهد إجادة لـ أيمن أبو المكارم فى التصوير، وعمر خيرت فى الموسيقى، فضلا عن مشاهد مقنعة للتفجيرات وتصميم المعارك، وبرغم مدته الزمنية الطويلة نسبيا ولكن شريف عرفة استغلها فى توزيع المعارك على طول شريط الفيلم، ليصنع عملا حربيا على قدر كبير من الإحترام للجماهير والتى تتطلع لمشاهدة بطولات جيشها فى مواجهة العدوان الغاشم، وعلى الجانب الآخر، أولئك الذين يشاهدون هذه النوعية من الأفلام بين الحين والآخر حول العالم ، وطالما منوا النفس بفيلم مصرى على مستوى فنى مقارب يؤرخ لفترة حساسة.