الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نوستالجيا .. العندليب


عندما أستمع إلى عبد الحليم حافظ هذه الأيام، أجد نفسى أمام الأجيال الجديدة من المراهقين مصابة بالحنين إلى الماضى، وعندما أصادف برنامج بالإذاعة يذيع أغنيات له أو عبد الوهاب أو غيرهما أجده يأتى فى فقرة مستحدثة ببعض الإذاعات تسمي (نوستالجيا) وهى كلمة إنجليزية تعنى الحنين أيضاً، ولكنى فى الحقيقة استوقفتني الفكرة، هل أغانى مثل تلك والتى تعتبر من جواهر التراث الغنائى والموسيقى المصرى تستحق أن نقدمها لأبنائنا علي أنها شيء من التراث؟

ونصبغها بصبغة قديمة تجعل الغالبية العظمي منهم لا يعيرونها أى اهتمام، ثم نعود لنحاسبهم ونعيب عليهم اتجاههم لأغنيات لا تضاهيها فى مستوي الكلمات ولا الموسيقى ولا الأداء، أو نعيب اتجاههم كليا للاستماع لأغانى غير ناطقة بالعربية، أو موسيقي الأندر جراوند التى تنمى الإحباط والتمرد والغضب سواء (الراب، الهيب هوب، إلخ..) بدلا من أن تعلى من قيمة المشاعر والحب والقيم الإيجابية داخل النفس.

إن ذلك لا يمكن أن يكون التطور الطبيعى لمسار فن الأغنية المصرية، وليس علينا أن نقبله باستسهال مفرط مع ضحكة ليس لها معني من أم أو أب لا يعى حجم ما وضع نفسه فيه من مسئولية عندما اتخذ قرار الأبوة وقول (هنعمل إيه ما هى الأجيال الجديدة كلها كده). 

إن غياب الإعلام المثقف، وأعنى هنا المهتم بالثقافة وليس بالأخبار والسياسة، أو بفضائح البعض، أو بأخبار الموضة والفنانين، غياب هذا النوع من الإعلام يعتبر عاملا أساسيا فى التحول الثقافى وسهولة اللعب بالذوق الفنى لأجيال ناشئة.
غياب هذا النوع يضعنا نحن الآباء والأمهات أمام مسئولياتنا لتوجيه أبنائنا بشكل سليم، وهو ما لم يكن مهتم به آبائنا حيث كان الإعلام الثقافى حاضرا بقوة، كنت تستمتع بتحليل أجمل قصائد الشعر والأدب ويتم تقديمها لك باعتبارها ذات قيمة بشكل محبب مع فاروق شوشة، وتستمتع بالموسيقي العالمية وتفهمها مع سمحة الخولى، وتعرف الجديد عن الموسيقى العربية وهى قديمة ولكن تحبها لأنها تقدم لك بأسلوب شيق مع رتيبة الحفنى.

ذلك الإعلام الثقافى الذى كان يعلي من الفن الراقى وقيمته، بدلا من اهتمامه بفكرة تقديم الفن الهابط ونقده.

إن أنجح الطرق للتوجيه والتربية السليمة هى الإعلاء من القيمة الإيجابية، وإهمال كل ما هو سلبى، أما عندما تصر علي نقد السلبى والحديث عنه فإنك تعطيه قيمة لا يستحقها بالفعل، ألم نستمع للحكمة التى تقول (عليك أن تهزم الأشياء بالاستغناء عنها).

تلك الأفكار و التى وددت أن أشاركها مع حضراتكم فى هذا المقال جاءت لى عندما كنت أستمع لواحدة من أجمل أغنيات عبد الحليم والتى تقول : (يا خلي القلب يا حبيبى، لو فى قلبك قد قلبى حب، لو بتكوى النار نهارك، لو بتسهر زى ليلى، لو صحيح بتحب! كنا نحضن حلمنا ونبعد بعيد، عن عيون الدنيا، عن كل العيون). 

ما تلك الصورة البديعة !! وتلك الكلمات الراقية وهى متداولة حتى الآن وليست قديمة بتعبيراتها، ولحن ميلودى سهل يستطيع المستمع ترديده وحفظه، إذن ماذا ينقص الأغنية لتكون حاضرة ؟

إنه التقديم لها بشكل جديد يجعل أجيال أبنائنا يتذوقوها ويحبون ترديدها، ولا تنسوا أحبائى عندما قدم محمد منير أغنيات لشادية، وورده، وأم كلثوم تقبلها شباب مستمعيه.

إذن ليس علينا الانتظار لظهور إعلام ثقافى، ولكن وكعادة الكثير من دعواتى لحضراتكم نحن كآباء، أو مُربين لابد أن نتحمل مسئولياتنا حتي إشعار آخر.

ولا نترك أنفسنا لنصبح نحن أيضا فى عيون أبنائنا نوستالجيا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط