الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفرحة ومحاولات تغييبها


من المسئول عن غياب الفرحة فى وجوهنا دائما؟
الشعب المصرى ابن نكتة، إنه شعب متفائل بطبيعته، مهما كانت شدائده فإنه يحولها لنكتة حتى يستطيع مواصلة الحياة .
كلمات طالما ترددت على مسامعنا، حتى أصبحت من موروثنا الاجتماعي، ولكن ما يحدث منذ فترة هو عبارة عن محاولات جادة لحلحلة هذا الموروث وجعل الكثيرين منا عابثين .
نعم ضغوطات الحياة تزداد كل يوم، وارتفاع أسعار يلهب قلوب وجيوب الأسر، وثقل الهموم تزداد وخاصة مع سرعة تحرك الحياة ومتطلباتها، وإختراعات يومية تجعل الفجوة الطبقية تتسع وتزداد، وخاصة فى الطبقات الوسطي بالمجتمع والتى تجتهد بإستمرار لكي تتعلق بمكانتها الاجتماعية وتظل كفتها تميل لطبقات أعلى منها دون أن تنزلق لمستويات أدنى، فكيف لها أن تحقق لأبنائها متطلبات فى زيادة مستمرة ؟
سؤال هو الشغل الشاغل فى مجتمعنا، مع طموح طبقى لا يقف عند حد، فكلما تعتقد أنك حققت شيئا تجد الأحدث منه قد ظهر فى الأفق وقد حققه غيرك، فكيف لا تحققه لأبنائك؟
السؤال: هل هذا التكالب والصراع الطبقى المادى الذى أدخل على المجتمع حقيقى ومشروع، أم أننا سمحنا لتلك المتطلبات الطبقية والتى فى أحيان كثيرة هى أشياء تكميلية من باب الرفاهية أن تتحكم فينا و أصبحنا فى سباق معها طوال الوقت ؟
فى المجتمعات المستقرة وصاحبة العملات القيمة توجد أيضا طبقات وسطي، ولكنها لا تنجرف لتحمل نفسها أعباء ليس لها قيمة، فتجد أهم ماركات الهواتف المحمولة علي سبيل المثال تنتج خطوط إنتاج كاملة لما يطلق عليه (المجتمعات الاستهلاكية) وكذلك تفعل أهم بيوت الأزياء والتى تنتج مثلا قطعة ملابس واحدة بأكثر من دخل شهرى لبعض الأسر، تتهافت علي تلك المنتجات مجتمعاتنا ويصبح أحد طموحاتنا أن يكون هاتفنا المحمول من أحدث موديل، وخزانة ملابسنا تحوى ولو قطعة واحدة من أفخم الثياب، وليس مهما أين سنرتديها أو كيف سنستفيد من الهاتف و إمكاناته التي من الممكن ألا نكون فى حاجة إليها أبدا،ونحن أيضا المجتمع الذى يتلاعب به السوق العقارى لنسكن فى المساكن الكبيرة والتى لابد أن تحتوى علي غرف لا تستخدم إلا فى المناسبات هذا وإن استخدمت !
أما فى الطبقات الأشد احتياجا، تجد العروس عليها أن تشترى من جميع أنواع الأوانى والمفروشات وتحمل الأهل ما ليس فى طاقتهم وما سيتم تخزينه فى بيتها الجديد لسنوات دون استخدام.
كل هذا العبث الذى يطفو على سطح القيم الاجتماعية لدينا يجعلنا لا ننظر بإيجابية للأشياء حتى مع اعترافنا بصعوبة الحياة، وأيضا يسهل على من يعمل على تحريك وحلحلة منظومة القيم مهمته، فهل لنا أن نواجه أنفسنا و ندافع عن قيمنا ونختار أسلوب و نمط لحياتنا دون أن ننجرف خلف نمط يرسمه لنا غيرنا فيحولنا جميعا إلى عرائس يوجهها ليتربح منها اقتصاديا و أحيانا سياسيا بينما يخنق فينا حقوقنا فى خلق طريقة وشكل إجتماعى يرضينا ويجعلنا أحد المجتمعات المستقرة بطبقاتها الوسطى .
(عيش وقتك عيش أيامك، الدنيا براح قدامك، والضحكة تهون أى جراح، على ايه تنزل دمعاتك، لو يوم عداك أو فاتك، الدنيا لو جارحة لونها لون فرحة، ما هو إيه بيطول عمر الواحد غير الفرحة، افتح حضنك للعالم، حب ومتحبش تكره) تلك الكلمات للشاعر عبد المنعم طه والتى غناها منير في ألبوم يحمل نفس الاسم (الفرحة)
إذن الفرحة تأتينا من أبسط الأشياء، من أن يهتم أحد بتفاصيل الآخر، من تذكرك لتاريخ مهم تسعد به من تحب، من إهدائك من تحب شيئا بسيطا دون مناسبة .
الفرحة تجعل من كل منا شخص إيجابى، لديه القدرة على التحمل، والاستمرار.
هى التى تجعلنا قادرين على رسم خطانا دون انتظار ذلك من أحد غيرنا .
فلنفرح ولا نتنازل عن إنسانيتنا، حتى مع أصعب الأوقات .
فكم أتمنى أن أرى الناس تضحك في وجوه بعضها، فيعطيني ذلك بعض شعور بالطمأنينة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط