الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.محمد عبد الرحيم البيومي يكتب: ندوة الحج الكبرى بين الأمن والإيمان

صدى البلد

فى أجواء من الرقى والازدهار تعيشها المملكة العربية السعودية فى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله انطلقت ندوة الحج الكبرى التى تنظمها وزارة الحج والعمرة لهذا العنون تحت عنوان(الإسلام تعايش وتسامح).

وشرفت أن أكون ضيفا عليها هذا العام،لأنعم بزيارة بيت الله الحرام الذى طالما هفت نفسي شوقا وحنينا إليه ،وأنعم كذلك بسكينة النفس والروح فى مدينة سيدى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.

واستوقفتنى أشياء فى رحلتى هذه أذكر منها:

١- جماعية العمل ومهنيته وحرفيته والتى تجلت فى إدارة دقيقة للحج فى مختلف مراحله. 2-انعكاس روح القائد على جنوده .وقد لمسنا ذلك فى حفاوة الترحاب بضيوف بيت الله الحرام من كافة الأفراد وكأنه يصافح فيك روحا قبل أن يصافح يدا. وكأنى بهذه الحفاوة قد اصل لها من معالى أ. د/محمد صالح بن طاهر بنتن وزير الحج والعمرة ومعالي أ. د/عبدالفتاح بن سليمان مشاط نائب وزير الحج والعمرة والمشرف العام على لجان الندوة.

وفى ظل هذا الجو الهادر بمشاعر الأمن والإيمان انطلقت الدورة الرابعة والأربعين لندوة الحج السنوية الكبرى تحت عنوان (الإسلام تعايش وتسامح) وألقيت الندوة بصورة عملية الضوء على ما تقدمه المملكة العربية السعودية من مجهودات جبارة لرعاية حجاج بيت الله الحرام والتي يعمل على تفعيلها معالي الدكتور/ محمد صالح بن طاهر بنتن وزير الحج والعمرة، والذى أوضح أن ندوة الحج الكبرى لهذا العام ١٤٤٠ تأتي بعنوان (الإسلام تعايش وتسامح) ووتناقش الندوة العديد من المحاور الأساسية ومن أهمها ..

-العلم والاسلام في خدمة المجتمعات
-منهاج التسامح والتعايش في الإسلام
-الإنسانية في العصر الرقمي
-الإسلام وقضايا التعايش المعاصرة
-إبراز الدور الثقافي والحضاري الذي تضطلع به المملكة
-وتعزيز التواصل العلمي والثقافي البناء بين الباحثين والمفكرين الأسلاميين من مختلف دول العالم للعمل على إبراز الإنجازات والمشروعات الرائدة والتطورات المتلاحقة بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لخدمة المسلمين

٣-التأكيد على شعار ( من الفكرة إلى الذكرى) و الذى أكد على تفعيله معالي وزير الحج السعودي منوها بأننا نريد الحج أن يكون فكرة وذكرى وان الفكرة انما هى باب لترغيب اي إنسان لحج بيت الله الحرام وتوسيع إدراكه ومخيلته لما تقوم به المملكة من جهود من خلالها يتم التيسير على حجاج بيت الله الحرام لتصبح في النهاية ذكرى لها عبق أصيل في تذكر المشاعر المقدسة من خلال الراحة والأمن والأمان التي وفرتهم المملكة العربية السعودية لحجاج بيت الله الحرام.

٤- كذلك يلفت الأنظار الخطة الاستراتيجيه لبرنامج خدمة ضيوف الرحمن وهذه الخطة تضمنت أهدافا كثيرة ومتعددة فكان منها تيسير استضافه المزيد من المعتمرين والحجاج وتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين، وتقديم خدمات ذات جودة عالية للحجاج والمعتمرين، واثراء التجربة للحجاج والمعتمرين وتبدأ رحلة الضيوف من مرحلة ما قبل الوصول مرورا بالسكن والخدمات والنقل وإقامة المشاعر وزيارة الأماكن الثقافية والتراثية، وتضمن البرنامج عددا من المبادرات تستشرف رؤية مستقبلية منها مبادرة الإجراءات السهلة والمسيرة والمعلومات و الإرشادات الواضحة والمتوفرة والتشويق للزيارات المتعددة المفعمة بالروحانية، ومبادرة وجود مطارات مهيئه لاستقبال ضيوف الرحمان وفق مستويات عالمية، وكذلك وجود مبادرة منظومة متكاملة للارشاد المكاني والزماني في الحرمين الشريفين والتقنيات التفاعلية لتوفير مسارات دقيقة وآمنة لتحركات ضيوف الرحمان، ومبادرة الزيارات للمواقع الثقافية والتاريخية التي تمثل رؤية وتقديم لتجربة روحانية فريدة تجعل الإنسان في شوق دائم إلى تكرار زيارة بيت الله الحرام.

٥-أما البعد الفكرى فقد أكدت الندوة أن حكمة العليم الخبير سبحانه تعالى اقتضت ان يهدي الفرقاء المختلفين إلى الطريق الاقوم حتى يستطيعون التعايش في امان وسلام، فكفل للناس حرية التدين، بعد أن بين لهم الحق قال تعالى "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".

وحرم الإكراه على الدين فقال تعالى "لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" .. وبين أن حساب الناس انما هو على الله وحده فقال "إن إلينا ايابهم ثم إن علينا حسابهم".

وأوضح ان الانسان مخلوق لله كرمه الله فقال جل ثناؤه" ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ".

وبناء على ذلك نجد التطبيق العلمي في الهدي الكريم، فها هو ذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يهاجر للمدينة فيجد فيها طوائف من اليهود فلم يخيرهم بين الإسلام أو السيف، ولم يخيرهم بين الإسلام او الجلاء عن المدينة ولكنه عاهدهم على التعايش السلمي فيما بينهم وبين المسلمين، ووثق ذلك بالوثيقة الشهيرة التي رويت في كتب السيرة والتي تعرف ب(صحيفة المدينة) وفحواها التضامن في الحفاظ على الوطن ليتمتع الجميع بخبراته وان اختلفت عقائدهم.

ويأتي نصارى نجران من جنوب الجزيرة فيجادلهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عقائدهم ويعرض عليهم الإسلام، فلما رفضوا عاهدهم على العلاقات السلمية بينهم وبين المسلمين.

بل نجد الإسلام يحل للمسلم مشاركة الكتابي في الطعام مالم يكن محرما عن المسلم ويحل له ذبيحته، بل وصل الامر إلى اباحة النسب والمصاهرة بما يعني المشاركة في الدم وما بعد هذا من سماحه.

لقد أقام هذا الدين اساس العلاقات بين الفرقاء من الناس على قاعد الإنسانية ،ووصفها بحصن التعارف "يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير"
ولو قبلت البشرية الحائرة اليوم الخطة التي جاء بها الإسلام في تنظيم قضية الاختلاف بين الناس لساد السلام والأمان بين أبناء الوطن الواحد وبين أوطان الدنيا كلها. وتبقى كلمة (اللهم اجعلها مغفرة لما مضى ،وصلاحا لما بقى،وتقبلها منى وادخلنى بها فى عبادك الصالحين.) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الكاتب : عميد كلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق جامعة الأزهر.