الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البالالام!


إن المشكلة أجل و أكبر من أن نستمر صامتين و لا نطالب لها بحل جماعى ذلك لأن العواقب لم ولن تكون أبدا فردية لا فى انعكاساتها ولا فى مخاطرها أو محاسنها وميزاتها ، وما أعنيه هو مشكلة الحياة المعاصرة فى تطبيقات الحاضر وتكنولوجياته التى كانت خيالا فى الماضي ..

 ألم يكفينا عجزا فى الخيال وعطبا فى التوقع و عمى عن النظر إلى المستقبل !. أليست مشكلة اننا لا نعرف أنها مشكلة ولا ندرك أن هناك مشكلة من الأساس حتي لو أدركنا فمن منا يعرف حجمها الحقيقي ، السؤال المطروح : هل ما نحن فيه من ثورة تكنولوجيا المعرفة والإتصال يعد من قبيل التطور الطبيعي للعلم ؟ هل هذا التطور خير أم إثم وهل خيره أعظم من إثمه ؟ وهل يتجه بنا هذا العلم للعلي أم إلى الهاوية ؟

ثارت تساؤلاتي عندما اضطررت أن أتحدث لولدى فى الغرفة المجاورة عبر أحد تطبيقات التواصل الأجتماعى رغم أننا نعيش تحت سقف واحد، فجال بخاطرى كل تاريخ العالم وعشت الحقب التى عاشتها الكرة الأرضية فى لحظات : من أول التحول الحادث للبشر من مجتمعات الرعي والمجتمعات الزراعية التى كانت أطول حقب التاريخ التى بعدها انتقلنا إلى الحقبة الصناعية التى بدأت من القرن السابع عشر وبعدها بدأ عصر الحوسبة والمعلوماتية بتدشين الحاسوب الميكانيكي الاول 1922 على يد شارلز باباج لننتقل إلى عصر جديد تماما ومختلف تماما بعد أول تزواج حقيقي بين الأقمار الإصطناعية و تكنولوجيا الإتصالات الأرضية والحواسب و التطبيقات الناقلة للصوت والصورة وبعد نجاح النقل على الهواء إلى الدول ومنها ، وبعد أن تحولت إلى تكنولوجيا بسيطة متاحة للجميع يمتلكها أغلب سكان العالم بدون رقابة الدولة ، أصبحنا فى مشكلة أننا نعيش واقعا كالخيال وخيال كالواقع.

 لكن يبدو أننا هنا فى مجتمعاتنا المحلية لا نفهم خطورة أو ميزة هذا التقدم ولا نساهم فيه إلا كمستهلكين دون أن ندري أن العالميين قد نقلوا بالفعل جزءا من المادة أو خصائصها فى جزء من الثانية من أقصى العالم إلى أقصاه ، وأن العالم ينتظر فى أى وقت أن يحدث انتقال للمادة كلها بنفس السرعة كما نرى فى سينما الخيال الذى لم يعد خيالا ، ومع كل ما ينتظرنا مازلنا نعتبر أن ما بين أيدينا من تقدم فى علوم الإتصال اليوم واقعا افتراضيا و نحاول الثورة عليه والرجوع عنه رغم أنه صار أقوى من الواقع التقليدى فى أثره واستخدامه ، ورغم أن ما نحن قادمون منه هو الذى أصبح تاريخا ..

 فالإنسان لم يكن يوما ً ملكًا بجناحين لكنه طار فى السموات بحرية كاملة ، ولم يكن سمكة بذيل وخياشيم وزعانف لكنه غاص أعماق المحيطات وأصبح قادرًا على أن يتنفس تحت الماء ، والمؤكد أنه اليوم مازال لا يملك مهارات التخفى و الإنتقال من مكان إلى مكان فى جزء من الثانية مثل الجان والشياطين إلا أنه بات فى الطريق إلى ذلك ، بعد أن نقل الصوت والصورة فى نفس التوقيت لم يعد متبقيا سوى نقل المادة ذاتها فى نفس اللحظة ، وبدلا من تهيئة أنفسنا لما لا فكاك منه غدًا مازلنا نغوص فى أوهام رفض الحاضر والعجز التقليدى الذى نتمتع به عن المسايرة والمساهمة و لو بالخيال ، هكذا أصبح العالم وهكذا تغيرت خصائصه الطبيعية وعلاقاته ومسلماته و ومازلنا نفكر فى قضايا أغطية الرؤوس والأرداف والعقول رغم أن مانحن بصدده يفرض علينا فروضا أخري و علينا أن نجد لأنفسنا مسلمات وبديهيات وطرق حياة جديدة تناسب الطبيعة البشرية من ناحية وتتلاقي مع التطور المتسارع من ناحية أخري فى مستقبل لن يستأذن أحد ولن يقف أمام تطوراته أي قبول أو رفض بأي مبررات .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط