الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

للأسف الكل بيطبل



دعاني الأسبوع الماضي أحد زملائي في العمل لتناول الغذاء بمنزله، وبالفعل قبلت الدعوة وتحركنا سويا في اليوم المحدد بعد انتهاء العمل مستقلين سيارتي، فهو لا يمتلك سيارة حيث أنه لا يحب قيادة السيارات ولا امتلاكها من الأساس، استغرقنا في الطريق أكثر من ساعة ونصف، وأدركت حينها سبب عزوفه عن شراء سيارة،فالقيادة في طريق منزله تُعدُ من المغامرات بل هي امتحان للصبر وقوة التحمل وطول البال.
تجاذبنا أطراف الحديث طوال مدة الطريق وكان الموضوع الأساسي هو مجموعة فوازير يطرحها صديقي وكلها تدور حول أنواع الأطعمة التي قامت زوجته بإعدادها لنا اليوم: تفتكر المدام طابخه إيه؟ تعتقد السلطات إيه؟ ياترى تحب تشرب حاجة ساقعة قبل الأكل ولا أثناء الأكل؟ تحبها كولا ولا برتقال؟ تحب تشرب الشاي في البلكونة ولا في الليفنج؟ ولا نعمل لك قهوة أحسن؟
أستمع إلى كل هذه الأسئلة وأنا مضطر للإجابة عنها بابتسامة رغم ما أشعر به من جوع وانفعال ناتج عن صراعي مع الطريق.
بعد صمت حوالي ربع ساعة عاودني بمجموعة أخرى من الأسئلة حول أنواع الفاكهة التي أفضلها، وأخبرني عن خبرته الواسعة في اختيار البطيخ الجيد حيث أنه هو فاكهته المفضلة وتناقشنا سويا في أسباب تصنيف البطيخ كأحد أصناف الخضروات وليس من ضمن صنوف الفاكهة، المهم وجدته ميالا جدا للبطيخ ويحاول إقناعي بأن يكون هو اختياري، وبالفعل أجبته بأن البطيخ هو فاكهتي المفضلة أيضا وأتمنى أن نأكل بطيخ بعد الغذاء.
طلب مني الوقوف أمام شادر بطيخ في طريقنا، وبالفعل نزلنا سويا لأجده يمسك ببطيخة كبيرة ويضمها إلى صدره ويلفها بساعده الأيسر بكل حنان ثم يطبل عليها بيده اليمنى ليتركها بعد ذلك لحالها، ويأخذ الثانية ويطبل عليها أيضا ثم يتركها، والثالثة يتركها أيضا بعد التطبيل عليها، وينظر إلىّ نظرة فخر واعتزاز بموهبته في التطبيل ويقول لي: "اصبر بس أنا مش عاوزك تستعجل، اختيار البطيخة ده مزاج عندي".
ولا أبالغ حين أخبركم أنه قام بالتطبيل على مايقرب من عشر بطيخات، والغريب في الموضوع أن البائع كان جالسا ولم يحرك ساكنا (يبدو أنه يعرف صديقي جيدا ويتركه لممارسة هوايته).
وأخيرا وقع اختياره على البطيخة الفائزة، فقد نالت أكبر قدر من التطبيل وحملها بل يكاد يكون احتضنها وكنت منتظر منه أن يصرخ قائلا "وجدتها .. وجدتها" كما فعل العالم الفيزيائي (أرخميدس) حينما اكتشف قانون الطفو وجرى في الشارع عاريا.
المهم وصلنا البيت بعد صراع طويل مع الطريق، ولا أخفيكم سرا كان الغذاء رائعا، ولم لا فهو من تحضير زوجته (ست بيت مصرية).
جاء وقت تناول الفاكهة وأحضر صديقي البطيخة بنفسه قائلا لي أن تقطيع البطيخ أيضا من هواياته المفضلة، وأقدم بالسكين وكأنه سيفتح (عكا)، وبالفعل شق البطيخة نصفين وليته ما فعل، البطيخة طلعت (قرعة)، وتحول الحديث باقي الجلسة عن غش تجار البطيخ، وهنا قاطعته سائلا لماذا تقوم بالتطبيل إذا على البطيخة إذا كانت هذه هي النتيجة؟
فاجأني بأنه لا يعرف لماذا يُطبل، وقال لي أنا لقيت الناس كلها بتطبل عملت زيهم........ دُمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط