قال المستشار سعيد مرعي رئيس المحكمة الدستورية العليا، إن مصر تطبق الدستور شكلًا وموضوعًا، وتلتزم به في التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية وتخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا اللاحقة لضمان توافقها تلك التشريعات واللوائح مع الدستور.
وأوضح مرعي، أن المبادئ التي وضعتها المحكمة الدستورية العليا يتم الاعتداد بها مع كل حكم تصدره، أبرزها أن "تنظيم الحقوق والحريات يخضع للسلطة التقديرية للمشرع"، ما يعني أن ما يراه المشرع ملائمًا للحريات وفق مقتضيات الصالح العام والأسس الموضوعية.
جاء ذلك في كلمته اليوم الاثنين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته المحكمة الدستورية العليا، بشأن احتفال المحكمة بمرور 50 عامًا على إنشاء القضاء الدستوري، والذي سيقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
وأشار مرعي، إلى أنه رغم قصر عمر القضاء الدستوري في مصر منذ عام 1969، فيما يوجد محاكم أطول عمرًا في مصر، إلا أن المحكمة الدستورية العليا تمكنت في الوصول إلى ترتيب متقدم على مستوى العالم استنادًا إلى دعم الدولة بمختلف أجهزتها للمحكمة الدستورية العليا، إلى جانب الاستعانة بالأنظمة التكنولوجية لتبويب الأحكام وعرض أحدث أحكامها، فضلًا عن الإثراء الفكري لأعضاء المحكمة.
وتابع أن المحكمة الدستورية العليا احتلت مكانة رفيعة في وجدان المصريين باعتبارها الملاذ الذي يرد إليهم حقوقهم ويرد أي عدوان أو اعتداء على هذه الحقوق، فضلًا عن تنامي مكانة المحكمة متجاوزًا النطاق الإقليمي إلى الخارج لما تمارسه من دور الرقابة على دستورية التشريعات وتشمل القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، واللوائح بجميع أنواعها (بصرف النظر عن مصدرها).
وأضاف أن دور المحكمة يمتد دورها إلى "التشريع" وفق المعيار الموضوعي، في ظل اعتداد السلطة التنفيذية والتشريعية بالقواعد العامة المجردة التي أصدرتها "الدستورية العليا"، مشيرًا إلى أن المحكمة أصبحت صاحبة القول الفصل في تقرير مدى دستورية التشريعات، فيما تمتنع مختلف المحاكم باختلاف درجاتها التعرض بشكل مباشر أو غير مباشر لهذا الأمر، إلا لتحري من وجهة نظر مبدئية الشبهات حول التشريع ومخالفة نصوصه اللازمة للفصل في النزاع المعروض عليه، لتقرر بناء على ذلك الاستجابة للدفع بعدم دستورية نص أو ترى بنفسها إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مسألة الدستورية.
وثمن مرعي، من اعتبار الدستور المصري للرقابة اللاحقة على القوانين، ولم يتح للمحكمة الدستورية العليا حق الرقابة على مشروعات القوانين، مستبعدًا الأفكار أو المشروعات التي تطرح على البرلمان، ما يعني أن المحكمة لا تمارس دورها إلا بعد اكتمال إصدار التشريع وصدوره كقانون ساري على المجتمع؛ حتى تتضح السلبيات وما قد يشوب التشريع من عيوب، بوصف أن التطبيق العملي هو ما يبرز تلك السلبيات.
ولفت رئيس "الدستورية العليا" أن المحكمة لا تسرف في الرقابة ما يهدد دور المشرع ولا تحد من دورها ما يضيع حقوق المواطنين، لضمان التوازن في الدولة، حيث أن تدخل المحكمة ليس مطلقًا ولكن مقيد وفق إجراءات لممارسة دورها في الرقابة على التشريعات الصادرة.
وفي هذا الصدد، أن الدولة المصرية ملتزمة بمراعاة المبادئ الدستورية في كافة التشريعات التي تصدرها، وتصونها الرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية العليا، لافتًا إلى أن المحكمة بعد أن تصدر حكمها بعدم دستورية التشريع أو رفض الطعن على تشريع، ينشر حكم المحكمة الدستورية العليا في الجريدة الرسمية، مثلما الحال مع ميلاد التشريع بنشره في تلك الجريدة.