الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الليلة الكبيرة


مصر من الدول التي تتمتع بتاريخ عريق ترك عند شعبها هوية مميزة احد اهم مخرجاتها المناسبات الاحتفالية التي تحمل كل منها طابعا خاصا وعادات تميز كل مناسبة عن اخري باطعمتها وملابسها بل واغانيها التي تتردد في كل منها.

والمناسبات الدينية لها مكانة خاصة عند المصريين فتختلط اجواء الاحتفالات بالعبادات في ان واحد وبهجة متجولة في كل شبر من ارض المحروسة متنقلة في الوجدان الجمعي تجمع الكل علي اختلاف طبقاتهم من خلال مورثات اجتماعية وثقافية جزء منها مستمد من الجذور الحضارية وجزء اخر استقاه المصريين من الدولة الفاطمية بعدما اضافوا اليها واضفوا عليها الطابع المصري حتي أصبحت جزءا من التراث الخالص فلم تتوار او تختفي بل حفظها المصريون مغلفة بطابعهم تتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل وكأن الزمان توقف عندها وظلت في وجدانهم ينقلونها للشعوب المجاورة.

والمولد النبوي الشريف في مصر له خصوصية متفردة عن غيره من البلدان العربية والاسلامية تزدان له الشوارع إذ يملؤها من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها محلات بيع عرائس وحلوي المولد التي تعد الشكل الأكثر ثباتا وتميزا
في احتفالات المصريين بهذه المناسبة ورغم ارتفاع اسعارها إلا أنها طقس مقدس لا يتوقف الإقبال على شرائها من مختلف الطبقات بل والاديان.

يصاحب شراء الحلوي والعروسة او الحصان طقوس أخرى حيث يتم اعداد ميزانية خاصة لشراء كل ما لذ وطاب لتقديمه علي موائد العائلات المصرية التي يجتمع فيها الشمل مثله مثل ايام شهر رمضان.

واذا كانت المظاهر المادية تمثل جانبا احتفاليا فهناك جانب اخر روحاني اذ يتردد الكثير من المصريين في هذا اليوم علي المساجد واضرحة أولياء الله الصالحين حيث الدروس الدينية وحلقات الانشاد الديني والذكر في حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بل ان الكثيرين يقومون بعقد الزيجات تباركا بهذة المناسبة.

ورغم تغير الزمان وتبدل ملامح العصر الا ان ملامح احياء ذكري مولد نبي الهدي تظل كما هي عند المصريين راسخة رغم تعاقب الاجيال ومحاولات البعض طمسها وبين التجديد السنوي الذي يصاحب المظاهر الاحتفالية وبين فتاوى التحريم والمشروعية الدينية تظل ممارسة طقوس الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أهم المناسبات التي تؤصل لكيفية تعامل المصريين مع تراثهم.

وحالة متفردة تجمع بين المناسبة الدينية والممارسة الاحتفالية بين البهجة والفرحة لكن بطابع مصري اصيل فظل العقل الجمعي للذاكرة المصرية محافظا علي تلك الموروثات والشعائر ليس لمجرد أنها موروث فحسب بل لانه تفاعل معها تفاعلًا وجدانيًّا وروحيا فاخلص لها الي حد التقديس ورغم ان الشعيرة دينية الا انها مغلفة بالروح المصرية المتفردة الخصوصية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط