الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القتل بالإرث


فقدت أبيها منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات ولحقت به أمها وهى فى الخامسة وكانت وحيدة لا أخوة لها، لأن عمر زواج أبيها وأمها لم يدم طويلا وكان فيه الأب مريضا عليلا إلى أن شمله الله برحمته وأراحه من مرضه وتوفاه.
نعمة لم تكن تدرك لماذا يحدث لها كل هذا وهى الطفلة التى انتزع منها الله سبحانه ابويها وسندها ، كفلتها عمتها واعتبرتها ابنتها الثانية وعاشت مع عمتها وابنتها غدير التى كانت تصغرها بثلاثة اعوام.

 وللحق كانت عمتها أما ثانية لها ولم تميز عنها ابنتها أبدا بل كانت تحرص دوما أن تقول لابنتها أختك نعمة.

 كبرت نعمة وهى تكن لعمتها وزوجها كل معانى الأمتنان والمحبة . وكانت نعمة جميلة جمال أخذ عقول معظم شباب حيها وصاروا يطرقون باب عمتها طالبين يد نعمة.

 ووقع اختيار عمتها وزوجها على احد المتقدمين شابا طيب الأصل جميل الوجه مفتول البنيان وكأنه من الهة الإغريق . أصرت عمتها على أن تتزوج نعمة معها خوفا عليها من الانتقال إلى بيت عيلة وأن تلاقى هناك تعبا او تنمرا عليها ، ووافق صابر وتمت الخطبة وبعدها زفت نعمة لصابر وتزوجت فى الطابق العلوى من بيت عمتها وانجبت من زوجها ابنان اكملا سعادتها وسعادة صابر الذى شهد له كل آل البيت بالاحترام والادب الجم.

 بعد خمس سنوات من الزواج شعرت نعمة بتغييرات من عمتها وحرص ان تزين ابنتها غدير وقت عودة صابر من العمل وليس هذا فقط بل تأخذه هى وابنتها ويختليا به لساعات فى احدى الغرف واذا طرقت عليهم الباب يرفضون دخولها بمزاعم غير مقنعة ، لم تدم هذه الطرق كثيرا.

 فقد علمت ان عمتها اعجبها تعامل صابر مع نعمة وادبه واخلاقه فطلبت منه أن يتزوج ابنتها وهو لم يرفض بل رحب وفرح ، ولكى تكمل عمتها ورطة نعمة طلبت منه ان يطلق نعمة ووافق ايضا ، ودارت الدنيا بنعمة ولم تصدق ان عمتها ، من كانت تعتبرها امها الثانية تفعل بها ذلك ، وواجهتها ولكنها ردت عليها بأن ابنتها اولى بزوج مكتمل مثل صابر.

 حزمت نعمة متاعها وابنيها وانتقلت الى بيت مجاور لبيتها السابق وبيت ضرتها وعمتها الحاليين ، ولكنها اضمرت لعمتها مافعلته وقررت الانتقام منها فصارت تنتظر زوج عمتها عند عودته وتتعمد ان يراها وتتحدث معه وتخبره عما تعيشه وتشعر به ، وتعلق بها زوج عمتها وطلب منها الزواج فوافقت بشرط ان يطلق عمتها فوافق على الفور وكان غنيا فاشترى لها بيتا واسسه بكل ماهو ثمين وفخيم.

 جن جنون عمتها وصارت تحكى مافعلته لكل الجيران وهم يحدوثها بما يرضيها ولكنهم بينهم وبين انفسهم يرون ان مافعلته نعمة لايقل غدرا عما فعلته العمة مع بنت اخيها اليتيمة اللطيمة. بعد سبع سنوات من زواجها مرض الزوج وتوفاه الله فورثت نعمة فيه مما جعل عمتها تشيط غضبا لانها لم تأخذ شيئا من ميراث زوجها لانها طلقها ، ميراث نعمة فى البيت الذى يعيش فيه طليقها جعله يراها وتراه ويعود له الحنين اليها ويطلب منها السماح ويرجوها ان تقبل عودته اليها وتوافق بشرط ان يطلق ابنة عمتها طلقة بائنة لارجعة فيها فيوافق على الفور ويؤكد لها انه لم يكن سعيدا معها وبأنه لم يسعد الا حينما كانت معه وكان معها زوجان يحسدهما الكل. 

وقع طلاق ابنة عمتها على عمتها وبنتها وقعا مزلزلا واصرت نعمة ان تعيش فى شقتها الاولى وان تخرج عمتها وابنتها من البيت الى لارجعة ، ولم تنفع دموع عمتها ولا ابنتها فى ثنيها عما اشترطته ، وخرجت العمة وبنتها وتوجهتا الى المحاكم وترفعا قضايا على نعمة لانها اخذت كل شىء زوج سابق وميراث وزوج حالى بكل مشتملاته.

خسرت العمة كل القضايا التى رفعتها على نعمة التى كان قلبها يحمل كل معانى البغض لهذه العمة ولابنتها اللذين انتزعا من نعمة سعادتها الاولى وفرقا بينها وبين زوجها الذى عادت إليه إمعانا فى غيظ عمتها وبنتها ولكنها كانت تبغضه لأنه فرط فيها ولم يحتفظ بها ولم يرفض ماطلبته عمتها وطلقها فور أن لمحت له العمة بعروس جديدة.

 كانت كل يوم تنظر اليه وتسعد لالمه برفضها له وابتعادها ونفورها عنه ومنه ، وكانت تتلذذ اكثر واكثر بحيرته من أسباب رفضها وكانت تدفعه دفعا للحزن والعزلة بكافة الطرق.

 نعمة كانت هى الحكاية والمحكى فى منطقتها وايضا كانت اللغز الذى يعجز الكل عن تفسير مفرداته وبحث كيف اصبحت الفتاة الصغيرة ذات الاعوام السبعة عشرة المطلقة ومعها طفلان تواصل الحياة وتنتقم ممن قتلو المشاعر فى قلبها وجعلوه فقط يعرف طعم الكراهية والبغض بعدما كان غضا ينبض بالحب والحنان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط