الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوجع أشكال العنف!


سألتني صحفية شابة عن أكثر أشكال العنف الموجعة التي تتعرض لها النساء،.. قالتها وكلها ثقة أنني سأحدثها عن البيان الصحفي الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ونشره عبر صفحته الرسمية أمس بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وما جاء فيه من أرقام صادمة كتعرض 34% من النساء لعنف بدني أو جنسي من جانب الزوج، و1،5% لعنف على يد أفراد العائلة والبيئة المحيطة ،27% للزواج المبكر، فضلًا عن 89% من النساء أجريت لهن عمليات ختان، و9% تعرضن لأي من أشكال التحرش في الشارع وذلك وفقًا لنتائج بحث التكلفة الاقتصادية للعنف الاجتماعي ضد المرأة في الفئة العمرية (18-64سنة) بمصر 2015.. أو أذكر لها قصص وحكايات نساء تعرضن للقهر والاضطهاد جراء حرمانهن من الميراث أو إجبارهن على الحياة مع زوج لا يطقن ولو رائحة نفسه!.. كلها صور مؤلمة للنساء المعنفات لكنني على يقين أن القضاء عليها بات وشيك ليس فقط لخضوعنا لدستور يساوي بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وقوانين تم تعديلها للقضاء على العنف ضد المرأة كقانون الميراث وتغليظ عقوبتي ختان الإناث و التحرش الجنسي.. ولا لوجود مجلس قومي للمرأة يدافع عن حقوقها ويناهض كافة أشكال العنف الذي تتعرض له الإناث عبر مبادراته المختلفة حتى أصبحت على يقين بانتهاء كافة أشكال العنف السابق ذكرها بحلول عام 2030 وهو الموعد المحدد لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة، لذا لن أقف كثيرًا عند أي من أشكال العنف السابقة..
فالعنف الأشد وجعًا والأقسى ألمًا على أي امرأة هو ذلك المكبوت بين حنايا قلبها فلا تستطيع أن تطلق سراحه ولا تملك البوح به حتى ولو لأقرب المقربين..
فكيف لامرأة تخلت عن أحلامها وألغت أهدافها واختصرتها جميعًا في حب رجل حتى أصبح نيل رضاه كل ما تتمناه، وبدلًا من تقديره لمشاعرها طعنها بخنجر الإهمال، ويوم تلو أخر وجدت نفسها في أخر قائمة أولوياته بعدما كانت في الصدارة.. وأبدًا لن أنسى تلك الزوجة التي حدثتني باكيه ليته يكلمني.. يحدثني.. أو حتى يصرخ في وجهي لكنه يعنفني ألف مرة في الثانية الواحدة بصمته وتجاهله!..أليس صمت المشاعر أحد أنواع العنف المعنوي المسكوت عنه؟! وليت هذا الصمت يقتصر على زوج أصيب بعطب في الأحاسيس وتوقف قلبه عن النبض بأحرف أسم بل الأخطر يكمن في أب أختصر مسئولياته تجاه أبنته في المسائل المادية وأغفل أو تغافل عمدًا أو دون عمد عن احتياجات أبنته المعنوية في إيجاد أب يكون الصديق والسند فيستمع لها لا عليها، يحميها، يدعمها، وقبل أن تسقط يمد يده وبكل ما أوتي من قوة يشدها من أي أخفاق يهدد مسار ثقتها في ذاتها.. فالفتاة التي تنشأ في كنف أب يدللها ويساندها لم ولن تقع يومًا في دائرة العنف أي كان نوعه لأنها ببساطة غير قابلة للكسر..
بالمختصر المفيد العنف ضد المرأة من وجهة نظري لا يقتصر على ضرب، تحرش لفظي أو جنسي، أو حتى ختان وحرمان من الميراث فحسب فتجاهل المشاعر عنف، وهجر الحبيب عنف، والتلاعب بالقلب أشد وأقسى أنواع العنف، وسأظل أنا وغيري من النساء المتيمات بالحب نحلم باليوم الذي نحيا فيه دون أن تتعرض أحدنا لهزيمة عاطفية تفقدها توازنها، فتلك هي أوجع أشكال العنف..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط