الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسام الفحام يكتب: صراع الغاز.. وأطماع الأعداء.. والنجاح الاستراتيجي

صدى البلد

في فبراير من العام الماضي، قال الرئيس السيسي: "مصر جابت جون كبير أوي في موضوع الغاز".. كلام الرئيس كان في سياق إبرام صفقة غاز بين مصر مع إسرائيل، صفقة بمقتضاها يتم نقل الغاز الإسرائيلي لمصر، لتسييله وإعادة التصدير للسوق الأوروبية.

الصفقة تم تغطيتها في الإعلام المُعادي بصورة فجّة ومزيفة، لتصدير صورة واحدة، هي: مصر تستورد الغاز الإسرائيلي رغم اكتشافات الغاز المصرية الأخيرة في حقل ظهر.

وانطلقت القنوات الإقليمية والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بتركيا وقطر، للسخرية من الرئيس وتصريحه السابق، وتشويه صورة مصر وإظهارها كدولة مارقة تقوم بالتطبيع مع إسرائيل وتخدم مصالحها، وبكل أسف، غاب إعلام الدولة المصرية عن هذه المعركة، ونجح الإعلام المُعادي في غسل أدمغة الكثير من المصريين ومنهم شريحة الشباب الذي أصبح رغم ذكائه وتحصيله العلمي الكبير في حالات كثيرة، مغيب بصورة محزنة نتيجة لاصطدامه بصورة شبه يومية لحملات أنقرة وطهران وتل أبيب لفصل انتمائه وولائه عن وطنه دون أن يدري.

لماذا مصر استوردت غاز من إسرائيل رغم تحقيق حقل ظهر الاكتفاء الذاتي لمصر من الغاز الطبيعي؟

الحقيقة إن مصر تعمل منذ 5 سنوات للوصول لحلم سيغير من خريطة الطاقة في الإقليم، والحلم هو أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا لتداول الطاقة.

ولكى تتحول مصر لمركز إقليمي لتداول الطاقة، لا بد أن يمر غاز غالبية دول المنطقة علي أراضيها حتى تكون مصر عقدة الغاز.

بعد إبرام صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي عن طريق خط أنابيب عسقلان - العريش..مصر وقعت الدولة اتفاق لإنشاء خط أنابيب بين مصر وقبرص في يوليو الماضي، من خلاله سيتم نقل غاز حقل أفروديت القبرصي لمصر، لإعادة تسييله وتصديره للسوق الأوروبية:

مصر تستورد غاز قبرص مثل غاز إسرائيل .. وتستورد بسعر أقل من سعر تصدير الغاز المسال بكل تأكيد .. لأن مصر الدولة الوحيدة في حوض البحر الأبيض المتوسط التي لديها منشآت تسييل الغاز في إدكو ودمياط، علي الساحل المصري الشمالي، وتلك الحسنة الوحيدة لمبارك بجانب رفضه دخول عناصر الإخوان المسلمين للجيش المصري.. وتلك المنشآت تقوم بتسييل الغاز وتصديره عبر سفن أو أنابيب نقل لأوروبا ودول أخري.

أوروبا تبحث من فترة عن أي مخرج يغنيها عن الاعتماد شبه الكلي علي الغاز الروسي، مصر استطاعت أن تقدم نفسها لأوروبا كمصدر طاقة بديل دون الإضرار بمصالح الحليف الروسي، لاحظ أن شركة غازبروم الروسية لها استثمارات في حقل ظهر، مع ايضا شركة بريتش بتروليم البريطانية.. وبذلك مصر حصلت علي توافق دولي كونها عقدة الغاز الحقيقية في المنطقة.


ويعد الغاز أحد أهم أسباب الحرب السورية، وعبر عن ذلك صراحةً الرئيس السوري من 3 سنوات عندما قال أن سبب الحرب هو رفض سوريا مقترح قدمته قطر لنقل الغاز القطري عبر سوريا ليصل لتركيا ومنه لأوروبا.

ومراد تركيا أن تكون عقدة الغاز في المنطقة، وليست أي دولة أخري، وهذا يفسر أسباب انخراط تركيا المباشر في الأزمة السورية وتورطها بدعم داعش والنصرة لإسقاط الدولة السورية وحلها وإنشاء حكومة عميلة تحقق لها مصالحها و اهمها ان تكون عقدة يمر منها الغاز القطري والروسي لأوروبا.

مصر انتظرت حتى ثبتت الدولة السورية اقدامها وانتصرت في الحرب من بعد معركة القُصير وحلب، وقدمت نفسها كمركز إقليمي للطاقة بعد أن انتظرت الظروف التالية:

- عزلة تركيا الإقليمية نتيجة لسياساتها التي جعلتها تنتقل من صفر مشاكل مع دول جوارها إلي افتعال مشاكل مع كافة جيرانها بما فيهما روسيا وإيران.

- عدم استقرار العلاقات السياسية بين إسرائيل وتركيا رغم استمرار التنسيق العسكري ما بينهما.

- اكتشاف حقل ظهر وإعادة تغيير مصفوفة الأدوار الإقليمية من خلاله، وهى خريطة التحالفات والشراكات التى تغيرت بعد هذا الاكتشاف الجديد والكبير.

- القرب الجغرافي بين مصر وإسرائيل جعل الاخيرة تفضل ابرام عقود تصدير الغاز لمصر، بلا من تركيا؛ لأن تكلفة إنشاء خط غاز مباشر من اسرائيل لتركيا مرتفعة جدا.

وتسوق الحكومة التركية نفسها على غير الحقيقة أنها راعية المسلمين في العالم والدولة التي ترفض مرور الغاز الإسرائيلي عبر اراضيها.. مع ان الحقيقة أنهم تمنوا وحلموا كثيرا بوصول الغاز الإسرائيلي عبر أراضيهم.

بعد تحييد إسرائيل من لعبة الغاز عبر صفقة مصر الأخيرة معها، اتجهت القاهرة لتنفيذ مشاريع ربط كهربائي مع قبرص واليونان، وأيضا كانت علي وشك إعادة ترسيم الحدود مع اليونان، تمهيدا لنقل الغاز من اليونان لمصر .. ثم بعد ذلك من مصر لأوروبا وبذلك تكون مصر أمنت مركزها بشكل قوي جدا.

توقيع الاتفاق الإطاري لمشروع الربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان تم في مايو الماضي.. الربط سيتم عن طريق جزيرة "كريت"

حتي جاءت اتفاقية تركيا مع حكومة الوفاق الليبية، لترسيم الحدود البحرية وأعمال الدعم العسكري للميلشيات المسلحة المسيطرة علي العاصمة الليبية طرابلس.. الاتفاقية جاءت بصورة منافية لكل قواعد الترسيم بالأمم المتحدة، و وضعت خصيصا لقطع الطريق امام اي مشاريع ربط "طاقة" بين مصر واليونان علي وجه الخصوص.

لاحظ أن الاتفاقية التركية المزعومة جاءت لتقطع الطريق من امام جزيرة كريت اليونانية خصيصا، وهي الجزيرة المعدة لمشروع الربط بين الثلاثي مصر وقبرص واليونان..وتلك "بلطجة رسمي ".. حكومة الوفاق الليبية حكومة عميلة تعمل علي تنفيذ مشاريع المحور القطري التركي الإيراني في المنطقة وشمال أفريقيا.

الاتفاق غير قانوني ولا يمهد لأي سيادة أممية أصلا .. لكنه بطنجة.. معناها : "محدش هينقل الغاز من مصر لأوروبا إلا بموافقة تركيا ". بعد فشل تركي ذريع في ملف الطاقة والاستحواذ علي رقع جغرافية اضافية في شمال افريقيا..

منطلق القراصنة ينفع مع الدول الضعيفة إنما مصر حضرت بقوة سلاح هجومي لاول مرة منذ حرب اكتوبر.. وعملت علي تحديث أسطولين بحريين قبل اندلاع عمليات التصعيد الحالية في شرق المتوسط بنحو عامين.

إذا كانت تركيا تدرك قوة مصر العسكرية، لماذا أبرمت اتفاقية ليس لها سند قانوني يمهد لسيادة أممية؟

ببساطة ترغب فى الجلوس على طاولة المفاوضات مع مصر وقبرص واليونان ، فضلا عن ضغطها علي اليونان وقبرص لتخفيض علاقاتهم الاستراتيجية مع مصر مقابل خفض مواجهات التصعيد العسكرية بينهم .. و هذا التفكير العثمانلى تحت أعين القيادة العسكرية المصرية التي أصبحت ترسل وفود عسكرية شهرية من أرفع القيادات لدولتي قبرص واليونان تأكيدًا علي وحدوية المصير .. اخرها كان رئيس اركان سلاح البحرية المصري في قبرص قبل عشرة أيام.

وتابعت الفضيحة التي لم تأخذ حقها في الإعلام، وهي ارسال الحكومة التركية عرضا لاسرائيل بأنها علي استعداد لنقل الغاز الاسرائيلي عبر أراضيها ؛ رغم أن تركيا ترى نفسها من حماة الإسلام وترفض التعاون مع اسرائيل. وتلقت تركيا رفضا من تل ابيب، لأن العقود وقعت وبالفعل يتم نقل الغاز الإسرائيلي لمصر.


الناس المتدينة الغلبانة التي تدعم أردوغان السفاح المجرم نتيجة لجهلها وتعصبها الأعمى لدينها، عرفوا انها ليست لعبة إسلام ودين وخلافة؟ انما لعبة مصالح .. ومصر بالشوكة والسكينة حصلت على حقها من فك السبع، وكله بالقانون الدولي.

تحتدم معركة طرابلس، بغض النظر عن كونها بؤرة للميلشيات المسلحة التي تدار من قِبل عناصر مدرجة علي قوائم الإرهاب الدولي، إلا إنها تشكل آخر معاقل العثمانية الجديدة في شمال افريقيا، وخسارتها تعني خسارة تركيا للإقليم.. ولهذا السبب، ينشط الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، الحديقة الخلفية لإقليم شمال إفريقيا، وهو ما يفسر أيضا زيارات أردوغان وتميم الى تشاد ومالي وارتباط صعود النشاط المسلح فيهما بهذه الزيارات.

تشاد ومالي بالتحديد يمكن من خلالهما تغذية الصراع في ليبيا، وفصلهما عن ليبيا أمنيا يمثل خسارة المحور التركي القطري لخطوط إمداد معتبرة.. وسبقت القيادة العسكرية المصرية الجميع و انشأت مركز مكافحة الإرهاب في دول الساحل والصحراء قبل سنة كاملة من صعود النشاط الإرهابي في المنطقة.

وتحاول قطر مغازلة دول الرباعي العربي، وعرضها تسوية الخلاف بمزاعم التخلي عن جماعة الإخوان الإرهابية.. هذه المحاولات القطرية ما إلا خطة لتحييد السعودية من محور الرباعي العربي لصالح تركيا؛ لأن مصر تستعد لتسوية موضوع طرابلس.


وسارعت قطر بتوفير دعم مادي وعسكري لحكومة الوفاق الارهابية.. أتمنى من الإخوة السعوديين ألا ينجرفوا في الفخ القطري وأوهام المصالحة .. اتمني ان يثقوا اكثر بالرؤية المصرية الإماراتية تجاه محور قطر وتركيا.

الرئيس السيسى في جلسة الأمن والسلم الدوليين بمنتدى شباب العالم كانت تصريحاته تثبت إن مصر مدركة لأبعاد الصراع جيدا.

وفى تقديرى أن الإرهاب غرضه الأساسي وقف خطط التنمية الشاملة، ومكافحته تتم بالتوازي مع خطط التنمية .. ليظل الثابت الاستراتيجي للدولة المصرية في معادلة الصراع والبقاء .. التنمية أصل الدفاع، وليس العكس .. يبقي فقط وعي المصريين وهو ما يتنافس عليه الملالي في طهران والأغا السفاح في أنقرة والقطريين من اجل تزييف وعى المصريين.

قد تسمع من يقول : احنا بنطبع مع إسرائيل...!!
وهو لا يعلم أن مصر أصبحت المركز الإقليمي الوحيد فى المنطقة لتسييل الغاز.

إنه تخطيط العميقة حتى تحقق النجاح الاستراتيجي.

اجوان السيسي لا تنتهى.. وادعي للراجل الأمين وقادة بلدك فهم افضل من حملوا الأمانة.


تحيا مصر بلادي