الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صندوق أوياك.. لماذا يغض أردوغان الطرف عن الدجاجة التي تبيض ذهبا للجيش التركي

صندوق أوياك لمعاشات
صندوق أوياك لمعاشات العسكريين في تركيا

الدجاجة التي تبيض ذهبًا للجيش التركي والرئيس رجب طيب أردوغان، هكذا يوصف صندوق أوياك للمعاشات التقاعدية لضباط الجيش التركي. ولكن ألم تتوتر علاقة الجيش بأردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016، فكيف إذن أصبح صندوق أوياك نقطة التقاء مصالح أردوغان والمؤسسة العسكرية معًا؟

بحسب موقع "المونيتور" الأمريكي، بدأ صندوق أوياك في نوفمبر الماضي مفاوضات لشراء عمليات الوقود وغاز السيارات الخاصة بشركة "دميرورن" القابضة، ووافق على دفع 450 مليون دولار للاستحواذ على الفرعين التركيين لشركتي "توتال أويل" و"إم أويل" اللذين ظلا حتى الآن جزءًا من شركة دميرورن.

وأضاف الموقع أن النشاط الاقتصادي لصندوق أوياك أصبح هدفًا مستمرًا للانتقادات في عهد حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بالرغم من مساعيه لتقليص النفوذ السياسي والاقتصادي للجيش التركي، لم يحاول منع صندوق أوياك من توسيع نشاطه الاقتصادي، حتى بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو 2016.



وأوضح الموقع أن صندوق أوياك هو أكبر صندوق معاشات تقاعدية في تركيا، ويقوم كذلك بدور صندوق للمساعدات الائتمانية، ويدفع كل ضابط وضابط صف بالجيش التركي اشتراكات للصندوق بشكل إجباري، حيث يتم استقطاع نحو 10% من رواتب 250 ألف عسكري تركي عضو بالصندوق كمساهمات لصالح الأخير، ما يوفر له مدخولات شهرية تبلغ نحو 35 مليون دولار، الأمر الذي جعل من صندوق أوياك واحدًا من أكبر المستثمرين المحليين في تركيا، التي سقطت فريسة لأزمات اقتصادية عويصة ومتتالية منذ العام الماضي.

ويُعد صندوق أوياك لاعبًا رئيسيًا في منظومة الاقتصاد التركي، إذ يستثمر مليارات الدولارات في قطاعات مختلفة، مثل صناعات الحديد والصلب والإسمنت والسيارات والمقاولات والتعدين والطاقة والتمويل والكيماويات والخدمات اللوجستية وإدارة المواني. بل إنه معدود كقوة مهيمنة في بعض القطاعات؛ فهو مثلًا يسيطر على 25% من إنتاج الصلب في تركيا، و20% من صناعة السيارات، كما تساهم مصانع الإسمنت المملوكة للصندوق بجزء معتبر من الاقتصاد التركي.

وبالمجمل، يعمل أكثر من 32 ألف موظف وعامل في 60 شركة مملوكة لصندوق أوياك تعمل في 21 دولة، وفي عام 2015 بلغت قيمة الاصول المملوكة للصندوق 25 مليار دولار، وفي 2018 بلغت قيمة صادراته 4.7 مليارات دولار، وتكشف هذه الأرقام أن صندوق أوياك تخطى دوره الأساسي كصندوق ائتمان للعسكريين المتقاعدين إلى لاعب رئيسي ومركز قوة لا يستهان به في الاقتصاد التركي.

وبعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في 2016، شن نظام أردوغان حملة ممنهجة لتقليم اظافر مؤسسات عسكرية عديدة، واعتقد البعض أن الدور سيصيب صندوق أوياك لا محالة، وأن الحكومة ستفكك شركاته أو تنقل تبعيتها إلى شركات مقربة من حزب العدالة والتنمية، لكن ذلك لم يحدث، وعوضًا عن ذلك عزلت الحكومة طاقم المديرين القدامى للمؤسسات التابعة للصندوق، وأحلت محلهم مديرين مدنيين مقربين لها.

وطرح موقع "المونيتور" تفسيرين لنجاة صندوق أوياك من حملة النظام التركي لتقليم أظافر المؤسسة العسكرية، أولهما أن النظام بعد محاولة الانقلاب الفاشل وجد نفسه بحاجة لتعزيز تحالفه مع الجيش بالتوازي مع تقليص نفوذه وحملة الاعتقالات التي طالت العديد من ضباطه وجنوده، وكان صندوق أوياك هو نقطة تلاقي الجانبين – النظام والجيش – باعتباره مؤسسة تقدم مزايا وحوافز مغرية للعسكريين كأفراد، في وقت تشتد حاجة نظام أردوغان إليهم في مغامراته العسكرية الخارجية.

أما السبب الثاني لنجاة صندوق أوياك من حملة التطهير، فهو أن تركيا غارقة في أزمة اقتصادية عميقة كان من تداعياتها هروب الاستثمارات الأجنبية وتراجع الثقة في الاقتصاد وبيئة الاستثمار، وفي هذا المناخ لعب صندوق أوياك دورًا موازنًا لتعويض هروب الاستثمارات وألقى بثقله في السوق، وكان من شأن المساس به أن يشبه ذبح الدجاجة التي تبيض ذهبًا للنظام التركي.

وختم الموقع بالقول إن توسع نشاط صندوق أوياك سيضايق بلا شك الشركات التركية الكبرى، بما فيها تلك المقربة لأردوغان، فهل سيستمر الأخير في محاباة الصندوق أملًا بالحفاظ على ولاء الجيش له، أم سيستجيب للأصوات المتذمرة المطالبة بكبح تضخم الصندوق وتوسعه؟ ولن يحسم الاقتصاد وحده إجابة هذا السؤال، فعلاقة أردوغان بالجيش هي الفيصل.