الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعصار سكاني مدمر!


هل نحن أمام انفجار سكاني أم إعصار مجتمعي يقتلع الأخضر واليابس من كافة خطط الدولة التنموية  لتحسين الاقتصاد، الصحة، والتعليم؟!..فمنذ أن دقت الساعة السكانية لجهاز التعبئة العامة والإحصاء عن وصول تعداد سكان مصر لـ 100مليون نسمة وزاد عليهم حتى كتابة هذه السطور 26ألفا و324نسمة وأنا أتساءل إلى أين تأخذنا الساعة السكانية؟!


فالقضية السكانية في رأيي ليست زيادة ِمطردة للمواليد فحسب بل جريمة في حق صغار لا ذنب لهم أن يأتوا في حياة لا يستطيع ذووهم توفير الحد الأدنى للمعيشة.. ومواطن من حقه أن يجني ثمار الخطط التنموية للنهوض ببلده لولا هذه الكارثة السكانية!


أقول ذلك لأن نسبة كبيرة من الأسر المتسببة في تلك الزيادة من محافظات تحت حد الفقر،.. فوفقًا للبيانات الرسمية تسجل محافظات الوجه القبلي الأكثر ارتفاعا في عدد المواليد على رأسها سوهاج، والغريب أن خريطة الفقر في مصر"2010- 2017" كشفت أن محافظة سوهاج  ثاني المحافظات فقرًا بنسبة57،2% يليها المنيا وقنا بينما جاءت أسيوط في المركز الأول بنسبة 60،4%.


وبعيدًا عن الأرقام والإحصائيات يكفي أن نذهب لزيارة ميدانية للأماكن الأكثر فقرًا في أي محافظة أو مدينة لنرى كم البؤس والمعاناة المحفور على جبين أهلها حتى أن أكثر من 6 أفراد يعيشون في غرفة واحدة، ولنا أن نتخيل ما يمكن أن يتعرض له صغارهم من مخاطر نتيجة ما يرونه.. أو نتكلم مع النساء هناك فغالبيتهن أنجبن أكثر من طفل لربط الرجل على غرار الموروثات السائدة،.. فكانت النتيجة توريط أنفسهن فأصبحن معيلات يصرفن على طابور من الصغار والرجل ليس إلا ضيف شرف أو خان وهجر!..


أما لو ذهبنا إلى الريف واستمعنا لحكاوي نسائه ورجاله وجدنا أن مسلسل "مازال النيل يجري" الذي عبر فيه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة عام 1992 عن  المفاهيم الدينية والمجتمعية المغلوطة المؤدية للزيادة السكانية  لازالت مستمرة حتى الآن! والأعجب أن سكانه يتمسكون بالعزوة والمعتقدات القديمة مع أن أبناءهم يهجرون الأرض وبدلًا من زراعتها يفرون إلى المدن بحثًا عن لقمة عيش أسهل على حد قول بعضهم!


وبعد كل ما قيل، نجد من يأتينا بنصائح خارجية  ويحدثنا عن النمور الأسيوية وضرورة استيراد حلول من الصين والهند للتصدي لمشكلة الزيادة السكانية..


والحقيقة أن تلك الأفكار أبعد ما تكون عن واقعنا ، فعلينا أن نبحث عن ما يناسب مجتمعنا وفقًا لثقافته وتدينه، فمصر كانت دائمًا وأبدًا صاحبة الريادة في مجابهة أصعب الأزمات والقضاء على أحلك المحن،.. لذا لن يأتي الحل من تجارب غربية إنما يكمن في خطة منهجية تشارك فيها كافة الوزارات المعنية، من مناهج تعليمية ، ووسائل إعلامية تخاطب المتلقي بأساليب مقنعة، وأعمال درامية تقتحم قلب وعقل المشاهد، ومجالس متخصصة وجمعيات أهلية تجوب كافة القرى والنجوع بمشاريع صغيرة ومتناهية الصغر مقترنة بتقنين الإنجاب ، فتبدأ بتثقيف المرأة وتدريبها على كيفية إدارة المشروع وتوفير جزء لسداد أقساطه وانتهاء بتعلم زوجها حرفة تدر عليه دخلا مع ضرورة اختلاف المشاريع وتكملة كل منهم للأخر كي يكسب الجميع، والأهم من كل ما سبق خطاب ديني مستنير للتوعية بأهمية تنظيم الأسرة..


وأتمنى أن تشهد الأيام القادمة حلا جذريا للقضاء على الزيادة السكانية ممهورا بجملة "صنع في مصر"..    

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط