يزعم بعض الناس أن انتشار فيروس كورونا عقاب وبلاء من الله تعالى، بسبب كثرة الذنوب والمعاصي، خاصة بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية كثرة الوفيات والإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وقالت دار الإفتاء المصرية، إن الجزم بأن الوباء وفيروس كورونا عقاب من الله لا يصح لأن هذا أمر غيبي، والذي على الإنسان أن يفعله في مثل هذه الأزمات عمومًا أولًا: أن يرجع إلى الله تعالى بالتوبة الصادقة، وثانيًا: الاستغفار، وثالثًا: أن يكثر من الأعمال الصالحة فهذا من أسباب رفع البلاء.
واستدلت الإفتاء بقول الله تعالى: «وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (سورة يس: 107).
وأضافت: أنهفي الوقت نفسه لا يهمل منطق الأسباب ويأخذ بها في الوقاية والعلاج، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ» (رواه البخاري)، ويقول: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ»» (رواه ابن ماجه).
وأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أننزول البلاء سنةٌ كونيةٌ لتمحيص العباد، وابتلاء الله تعالى للعباد ليس مخصوصًا بالظالمين والعصاة والمذنبين، بل يصيب أيضًا الأنبياء والأولياء والصالحين، وابتلاء الله للصالحين لا يُعدّ هوانًا بهم أو ظلمًا لهم، وإنما هو علامةٌ على حبّه لهم، ورِفعةٌ في درجاتهم، ما لم يُقَصِّرُوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واستشهد بما أخرجه البيهقي في "الآداب" عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ الله إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»، وعنه رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ خَيْرًا ابْتَلَاهُمْ».
وأشار إلى أنه ورد في السنة النبوية الشريفة كذلك ما يشير إلى البلاء العام وأسباب حصوله؛ ومن ذلك ما رواه ابن ماجه في "سننه" عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَنْزَلَ اللهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ»، قال العلامة ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/ 512، ط. دار الوطن): [قد يشكل هذا فيقال: كيف يصيب العذاب من لم يفعل أفعالهم؟ والجواب من وجهين: أحدهما: أن يكون فيهم راضيًا بأفعالهم، أو غير منكر لها، فيعذب برضاه المعصية، وسكوته عن الإنكار، فإن الصالحين من بني إسرائيل لما أنكروا على المفسدين ثم واكلوهم وصافوهم عم العذاب الكل. والثاني: أن يكون إصابة العذاب لهم لا على وجه التعذيب، ولكن يكون إماتة لهم عند انتهاء آجالهم، كما هلكت البهائم والمواشي في الطوفان بآجالها لا بالتعذيب].