ما زالت الأسواق العالمية، ترزح تحت نيران فيروس "كورونا المستجد" الذي يفتك بها، وتتوالي خسائرها الحادة، وسط غياب أية بوادر على احتوائه، أو خفض وتيره اجتياحه لدول العالم، وتزايد أرقام الوفيات والإصابات بأرقام مفزعة، إذا تواجه الأسواق خصما عتيدا يأبى عليها النهوض، أو نفض غبار الخسائر المضنية التي تكبدتها منذ إعلان ظهوره في نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي، 2019، وتحول جائحة عمقت من هلع المستثمرين، ولم تفلح معها حزم التحفيز النقدي أو تطمينات المسؤولين .


وشهدت أولى جلسات الأسبوع الجديد، عودة التراجعات الي البورصات العالمية بعدما كانت قد استعادت جانبا ضئيلا من خسائرها الأسبوع الماضي، وذلك في ظل القفزة المسجلة بأعداد المصابين والوفيات في كثير من بلدان العالم، ضاربة اقتصادات أوروبية كبرى الي جانب الولايات المتحدة، وسط تحذيرات من سقوط الاقتصاد الاول عالميا في بئر الركود.


البداية جاءت مع البورصات الآسيوية، حيث سجلت المؤشرات الرئيسية تراجعا جماعيا حادا تجاوز 7% وذلك بعد فشل تمرير خطة للدعم المالي الأمريكية لمعالجة الأضرار الناجمة الاقتصادية عن الفيروس.
وهوى المؤشر الرئيسي للبورصة الأسترالية بنسبة 8.5% ليصل إلى 4511 نقطة، كما تراجع مؤشر "هانج سينج " الصيني بنسبة 4.26% ليصل إلى 21838 نقطة، وسجل مؤشر بورصة سنغافورة تراجعا حادا بلغ 7 % ليصل إلى 2231 نقطة.


وفي أوروبا ، التي أضحت بؤرة انتشار المرض حسب وصف منظمة الصحة العالمية، شهدت تداولات اليوم عمليات بيع مكثفة دفعت البورصات الأوروبية للتراجع بنسبة 4% مع بداية التعاملات متجهة صوب تسجيل أدنى مستوى في نحو سبعة أعوام.


وزاد الاعلان عن وضع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قيد الحجر الصحي في مفاقمة مشاعر الخوف والذعر المسيطرة على المستثمرين بعد أن تسللت يد المرض إلى واحدة من أهم قادة القارة العجوز، حيث هوى مؤشر البورصة الألمانية " داكس" 4.5% مسجلا 8548 نقطة، ومؤشر "يورو ستوكس 600" بنسبة 4.6% ليصل إلى 279 نقطة، وتراجع مؤشر البورصة الفرنسية "كاك" بنسبة 3.07% ليصل إلى 3899 نقطة وهبط مؤشر بورصة لندن "فوتسي 100" نحو 4.09% مسجلا 4977 نقطة.


وكان المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم الأحد إن ميركل ستخضع لحجر صحي بعد مخالطة طبيب جاءت نتائج فحوصاته إيجابية لفيروس كورونا.


وفي التعلامات الإلكترونية المبكرة، سجلت المؤشرات الأمريكية هبوطا جماعيا بعد الإعلان عن قفزة في أعداد المصابين داخل الولايات المتحدة على نحو مثير للخوف، بجانب فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في تمرير خطة دعم مالي بقيمة تريليونين دولار أثر معارضة نواب الحزب الديمقراطي.


وهبط مؤشر "داو جونز" بنسبة 2.08% ليسجل 18505 نقطة فيما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز نحو 2.27% ليصل الي 2238 نقطة وهبط مؤشر ناسداك بنسبة 1.41% ليصل الي 6884 نقطة.


وحذر مسؤول بالفيدرالي الأمريكي من ارتفاع معدل البطالة بالبلاد من 3% الي 30 % نتيجة تعطل النشاط التجاري والاقتصادي للحد من انتشار كورونا.


وعلى صعيد السلع، منيت أسواق النفط العالمية بخسائر موجعة مع تراجع الأسعار الي أدنى مستوى في 17 عاما، جراء انحسار التوقعات بڜان اتفاق بين منظمة أوبك وقطاع النفط بتكساس.


وتراجع سعر العقود الآجلة لمزيج برنت تسليم شهر مايو بنسبة 2.7% ليصل إلى سعر 26.26 دولار للبرميل بعد أن هبط لمستوى قياسي بلغ 24.88 دولار مع بداية الجلسة وهو أدني مستوى له منذ شهر مايو من عام 2003.


كما افتتحت العقود الآجلة للخام الأمريكي تسليم شهر مايو على تراجع بنسبة 1.2 % لتسجل سعر 20.80 دولار، قبل أن تقلص خسائرها لتستقر عند مستوى 22.89دولار للبرميل.


وكان الأمين العام لمنظمة "أوبك "محمد باكندو، صرح بأنه تحدث مع مسؤول تنظيمي بقطاع النفط في تكساس عن الأوضاع الحالية في سوق الخام وعن "إمكانية التعاون مستقبلا"، ما عزز التفاؤل بشأن مطالعة اتفاق بين الجانبين يدعم الأسواق لكنه سرعان ما خفت ذلك بعد ابداء منتجين أمريكيين معارضة خفض الإنتاج.


ونقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن ستيفن إينز كبير المحللين لدى مجموعة " آكسي" المحدودة قوله: "قد نشهد تراجعا مدويا في أسعار النفط إلى ما يين 10 و 15 دولار للبرميل ما لم تتوصل أوبك وقطاع النفط في تكساس إلى اتفاق ".


ولم تسلم أسواق الملاذات الآمنة من ضربات "كورونا"، حيث انخفضت أسعار الذهب العالمية تحت ضغط مخاوف من شح السيولة النقدية دفعت بالمستثمرين الي بيع المعدن الأصفر للحصول على السيولة. 


وتراجع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6% ليصل إلى 1488.35 دولار للاوقية، كما انخفض سعر العقود الآجلة للمعدن النفيس بنسبة 0.5% ليصل إلى 1491 دولار للاوقية.


وأوضح ستيفن إينز كبير المحللين لدى شركة "إكسي" للخدمات المالية، أن ثمة مخاوف متنامية بشأن توجه بنوك مركزية أيضا إلى بيع احتياطياتها من الذهب من أجل شراء الدولار في ظل مواصلة العملة الأمريكية الارتفاع.