الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحياة حلوة.. بس نفهمها


الحياة حلوة بس نفهمها من أجمل ما غنى ولحن فريد الأطرش كلمات المخرج أحمد بدرخان من فيلم (أحبك أنت) إنتاج عام 1949، وهي من الأغاني المبهجة التي يجب أن نسمعها بل ونرددها هذه الأيام، لما تتضمنه من دعوة للتفاؤل وحُب الحياة دعوني أذكركم بمطلع الأغنية:

الحياة حلوة بس نفهمهـا 
الحياة غنوة ما احلى أنغامها 
ارقصوا و غنوا وانسوا همومها 
دي الحيــــــاة حلـــــوة

أول ما يلفت النظر في كلمات الأغنية هو البيت الأول حيث يتضمن حكمة بالغة الأهمية وهي أن الحياة حلوة على شرط أن (نفهمها)، وفي الواقع قضية فهم الحياة قضية شائكة ومُحيرة، فكل منا يدعي أنه أكثر الناس فهما للحياة، وربما ينتهي العمر وكل منا يعتقد ذلك، حيث أن فهم الحياة شيء نسبي يختلف من شخص إلى آخر.


ولعل ظهور فيروس كورونا في الفترة الأخيرة يجعلنا نعيد حساباتنا في فهم الحياة والنظر إليها من منظور مختلف، وكأن الله عز وجل أراد لنا الخير حين سمح لهذا الفيروس التفشي في العديد من البلدان، وكأنه يدق لنا ناقوس الخطر حتى نستيقظ من غفلتنا ونعيد حساباتنا في تفاصيل الحياة ومحاولة فهمها فهما صحيحا حتى نعيشها بصورة أفضل، فالكثير منا يعتقد أن طريقة حياته هي الطريقة المُثلى وأن جميع تصرفاته صائبة حيث يفعل أحسن ما ينبغي فعله، بل ويرى الجميع من حوله مخطئون.

جاء فيروس كورونا ليذكرنا بأن الله هو الحقيقة الوحيدة في هذا الكون وأنه القادر على تغيير كل شيء في لمح البصر، فها نحن نرى كل شيء حولنا يتغير ويتبدل، الدول العُظمى تنهار وتعلن فشلها في مواجهة هذا الفيروس، المُدن والعواصم العالمية التي لا تعرف النوم، أغلقت أنوارها ونامت خوفا ورهبة، البورصة العالمية انهارت، الاقتصاد العالمي يتحطم، كل الدول أخرجت الاحتياطي النقدي لديها لتضخه في مواجهة هذه الأزمة، شيء مُرعب ومُخيف.

وهنا أعود بحضراتكم من حيث بدأت (فهم الحياة)، لقد منعنا الله من فوق سبع سماوات عن بعض الممارسات التي لا يرضاها، وإذا فتح الله لنا باب الفهم في المنع لأصبح المنع عين العطاء.

لقد منعنا الله من الخروج من المنزل ليلا في ظل قرارات حظر التجوال السائدة في البلاد حاليا، ربما لنعيد النظر فيما كنا نخرج من أجله، وببساطة أرى أن من يخرج ليلا ثلاثة صنوف، الأول يخرج من أجل العمل ولقمة العيش، والثاني يخرج من أجل اللهو أو المتعة المحرمة، والثالث يخرج بغير هدف ولا يعلم أصلا لماذا يخرج من بيته، ربما يخرج فقط ليضيع الوقت.

وهنا أقول للأول لاتنسى وأنت تجمع المال الحلال أن تجعل جزءً يسيرا للصدقة و كفالة اليتيم وأن تجعل شيئا من وقت خروجك هذا لبر والديك وأن تصل رحمك وتزور أختك أو تزور مريض من أقاربك، وأقول للثاني اليوم تكف عن الحرام رغما عن أنفك، فمتى ستتوب بإرادتك، وأقول للثالث سيحاسبك الله عن عمرك فيما أفنيته فإلى متى ستضيع عمرك بغير هدف.

فيروس كورونا سينتهي وستذهب هذه الغُمة بإذن الله قريبا، والحصيف منا من يخرج من هذه المحنة مستفيدا من الدرس، والغافل فقط هو من يعود لممارسة حياته دون إمعان النظر في بعض سلوكياته الخاطئة.

يجب تغيير العديد من تصرفاتنا اليومية، فهناك أشياء كثيرة يجب أن نفعلها وهناك أشياء أكثر يجب الاستغناء عنها، وحينها سنشعر جميعا أن (الحياة حلوة)،،،،،، دُمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط