الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحيق فرحة الأمس


لا أدري كيف أخذني الأمس برحيق فرحته من التفكير في الفيروس المستجد، وبدلًا من الكتابة عن تزايد أعداد المصابين بكورونا التي سجلتها وزارة الصحة اليوم، وجدت مفكرتي الذهنية خالية تمامًا من أي شيء عدا البيت القديم وهذا الشارع الذي يحمل أسم جدي اللواء عبد الحميد لطفي الكائن بمنطقة المهندسين،..حدث ذلك عندما دعتني صديقة للانضمام لمجموعة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي مخصصة لمن نشأ في مناطق "المهندسين،الدقي، والعجوزة" .. قبلت الدعوة ولم أكن أعرف أنها ستكون سببًا في إصابتي بزهايمر الحاضر ولهفة حنين جارف للمكان الذي ولدت ونشأت فيه، وكأن سعادتي مرهونة بذكرى أيام راحت وولت، لكن أبت بقاياها أن تتركني لحال سبيلي كي أركز في الحاضر وتفاصيله!

والغريب أنني لست الوحيدة المهرولة  لزمن فات بل هناك 57ألف رجل وامرأة من مختلف الأجيال بدء من الستينات حتى التسعينات  لكل منهم عمله ومسئولياته انضموا لهذه المجموعة خلال أسبوع فقط من إنشائها، وجميعهم ينقب عن طفولته وشبابه  بأحاديث الماضي وكأن سردنا لأسماء المحال التي اعتدنا الذهاب إليها، والكلام عن عطورنا القديمة كفيل لاستنشاق كل منا رائحة البهجة، حتى الحب الذي كان أصبحت حكاويه مصدر لسعادتنا ناسين أو متناسين أيام وليالي طوال بكيناها عليه!.

والأغرب أن لا أحد من المتورطين في ذكريات الأمس يستطيع الفكاك ولو للحظات والعودة لصفحته الشخصية بهموم الحاضر ومخاوف الكورونا!.. وتساءلت، هل العزلة المنزلية وملل البعض وراء أقدامنا على فتح دفاترنا القديمة، أم أن هناك بيوت ومناطق مهما سكناها لم ولن تترك فينا أثر يذكر وأخرى تجلب إلينا السعادة ولو نطق لساننا بأحرف أسماء شوارعها؟!.. والأهم هل المنازل بجدرانها أم بناس وأهل كانت طلة حضورهم كفيلة لطمأنتنا ومنحنا الأمان الذي بات فقدانه سببًا في خراب كثير من العلاقات الأسرية؟!.

فمنذ الوهلة الأولى لانضمامي لتلك المجموعة، باغتني إحساس بيني وبين أعضائها بسيمفونية مبادئ مشتركة، حالة من الشوق لقيم وأخلاق تربيا وكبرنا عليها، نغمة واحدة من الصواب والخطأ في عصر اختلطت فيه المفاهيم، وتحولت معظم مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي لساحة شائعات ومشاحنات تصل حد السب والقذف في بعض الأحيان، لذا تمنيت أن تبقى هذه المجموعة على عهدها لتظل مصدر فرحة كل من ينتمي إليها.

وبعيدًا عن قصص الأمس، لما لا نأخذ من مشاعره الحلوة طاقة إيجابية تعطينا نظرة تفاؤل بالمستقبل، نتذكر أبطال رواية  تسببت في دمعة صبانا واليوم نضحك كلما تذكرناهم، ولنأخذ منهم عبرة تؤهلنا للتعامل مع وضع قد يكون على غير هوانا، لكن ربما يأتي غد نتمنى لو أعادنا إليه كما نحن نتلهف ألان أشياء توهمنا أنها أحزان والواقع أنها كانت ولازالت أحلى الأوقات.

تعالوا معًا نحلم "ببكرة" بقلب موارب للحب وأشخاص تتشابه مع حياتنا ليس في المستوى المادي، الاجتماعي، والثقافي فقط بل الروح، القيم، المبادئ والتي كشفت تجارب الزواج، الصداقة، حتى الزمالة أن فقدانها العامل الرئيسي في خواء العلاقات، وخلاف فشجار نمرض بهشاشة وجدانية تنهي الحكاية خالفه ورائها كسور وخدوش نفسية غير قابلة للإصلاح.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط