الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العزلة الرمضانية


ساعات قليلة ويطرق بابنا أجمل شهر، ورمضانا هذا العام ليس كغيره من السنوات، فالأمر لا يتعلق باختلاف أيامه أو طول وقصر عدد ساعات صيامه، لكن لطلة هلاله بين أجواء ملبدة بفيروس فتاك حرمنا من لمة الأهل والأحباب.

فلأول مرة يأتي الشهر الكريم ونحن في عزلة منزلية بعيدًا عن العزائم والتجمعات العائلية لكن لما لا ننظر إلى هذه الكورونا باعتبارها منحة إلهية نواجه فيها أنفسنا، لماذا لا ننتهز خلو الشهر الكريم من الزيارات التي تحولت بفعل جري البعض وراء المظاهر إلى مجاملات وقيود مفروضة  خالية من أي مشاعر حقيقية ونعيد كشف حساباتنا الذاتية؟!

جائز أخذتنا طموحاتنا وآمالنا إلى أقوال وأفعال أبعد ما تكون عن فطرتنا، ويمكن شغلتنا دوامة الحياة عن ناسنا وأصدقائنا فأصبحت الولائم الرمضانية لسنوات طوال مجرد شهادة إثبات أن المتواجد على قائمة مأدبة طعامنا  لا يزال على البال، وكأن الآخر سواء قريب، صديق، وأحيانًا شريك عمر، يقاسمنا المأكل والمشرب بالاسم ليس أكثر.

لماذا لا نكف عن النظر إلى من أسكنونا في قلوبهم  كحب مضمون غير قابل للطي والنسيان مهما جابه من أعاصير إهمال تقتلع حلو المشاعر واهتزازات تجاهل تهدم طمأنة الروح.. نعم.. البعض يغفل أو يتغافل عن حاجات الأقرباء العاطفية، والغريب أنه حزين على فقدان تواجدهم على مائدته الرمضانية جراء وباء باغتنا عنوة فقلب عادتنا السنوية رأسًا على عقب.

عفوًا عزيزي المكتئب، فالمسألة ليست بكم الولائم العائلية والعملية التي أعتدت إقامتها، والكرم ليس بأموال تنفقها على "سفرة" تلتقط صورها أو تنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي بل بمضمون ومحتوى لتعاملاتنا مع المدعوين إليها، هل نصل رحمنا عن حق وكلما احتاجنا قريب يجدنا أقرب إليه من حبل الوريد؟ نسأل عن مرضانا وندعو لهم بالشفاء في السر قبل العلن، نقف بجانب أصدقائنا في كل ضيق ومحنة، نراعي المولى عز وجل في تعاملاتنا مع زملائنا، فلا نلتفت للمكائد ونتجاوز عن الصغائر؟!

أعتقد أن هذا الفيروس المستجد أتى مواكبًا لشهر الرحمة والمغفرة ليضعنا أمام مرآتنا  فنواجه ذاتنا بأخطائنا ونتوقف عن اللهث المتواصل على غد في علم الغيب.

 تعالوا معًا اليوم نفكر في كيفية مراضاة خالقنا، نعطي الحقوق لأصحابها لو سبق وقصرنا بسوء أو حسن نية في حق أحد عباده، نتوب عن كل ذنب فعلناه بقصد أو دون قصد، نستغفر كثيرًا لرب الكون وكلنا أمل ورجاء أن يرفع عنا الوباء والبلاء ويحفظ بلادنا من كل شر وبلية.

وكل رمضان وأنا وأنت ونحن إلى الله أقرب.           

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط