أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال برنامج : ”في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : ” الأدب مع الله تعالى” والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وقناة النيل الثقافية ، وقناة نايل لايف – أنه ما أجمل الأدب مع الله تعالى، وما أجمل الأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وما أجمل الأدب مع الخلق".
وأشار إلى أن القرآن الكريم مليءٌ بمواطن الأدب مع الله تعالى ، وبالأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وبالأدب مع الخلق ، مبينًا نماذج ساميةً في الأدب مع الله سبحانه من خلال القرآن الكريم منها : ما كان من سيدنا عيسى (عليه السلام ) ، حيث يقول سبحانه : " وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ" ، فلم يقل سيدنا عيسى(عليه السلام) لم أقله ، وإنما قَال: "سُبْحَانَكَ"، تنزيهًا لله تعالى، "مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"، إن كانوا قد غيروا وبدلوا من بعدي فيما بلغتهم فأمرهم إليك ، وأنت أعلم بهم ، "إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ، غاية الأدب في الخطاب مع الله تعالى.
واضاف: وكذلك من الأدب الرفيع مع الله - تعالى- ما كان من سيدنا إبراهيم (عليه السلام ) ، حيث يقول سبحانه عنه : "الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ " ، فنسب عملية الخلق للخالق تعالى ، "وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ" ، ونسب عملية الرزق لله تعالى ، "وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ"، تأدبًا مع الله تعالى ، مع أن الصحة والمرض بيد الله تعالى ، ومن عند الله تعالى إلا أن أبا الأنبياء (عليه السلام) تأدبًا مع الله تعالى لم ينسبها له سبحانه ، ونسب الجوانب الحسنة لله تعالى، ولما جاء في المرض قال :"وَإِذَا مَرِضْتُ" ، ولم يقل وإذا أمرضني تأدبًا مع الله تعالى.
كما بين وزير الأوقاف أن الجن عرفت الأدب مع الله تعالى ، حيث قالوا : "وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا" ، فنسبوا الرشد والصلاح لله تعالى ، "أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا" ، ولم ينسبوا الشر له سبحانه ، حيث قالوا :" وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ" ، تأدبًا مع الله تعالى ، مبرزًا معاليه تأدب الخضر مع الله تعالى في قصة السفينة والغلام ، حيث قال تعالى:” أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا" ، نسب عيب السفينة لنفسه ، " وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ، فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا" ، نسب عملية الاجتهاد في قتل الغلام إلى نفسه ، " وأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ" فنسب الخير إلى الله تعالى ،" أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا” .
كما أبرز جمعة الأدب السامي من سيدنا أيوب (عليه السلام) مع الله تعالى ، حينما مسه الضر فقال سبحانه : "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ" لم يقل اشفني ، وإنما أعرض حالي عليك يارب ،" وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" ، قيل لأحد العلماء : ما أفضل الدعاء يوم عرفة ؟ ، فقال :" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي و يميت وهو على كل شيء قدير " ، فقيل له: هذا ثناء وليس بدعاء ، فقال : يقول سبحانه في الحديث القدسي :"من شغله ذِكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين"، وأنشد قول الشاعر :
لا كما فعل قارون لما قال : " إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي" ، فكانت النتيجة "فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ " ، وسئل أحدهم عن السيئة التي لا تنفع معها حسنة ؟ ، فقال : الكبر .