الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليبيا.. جارة تركيا من البحر؟!


من بين الخزعبلات التي يزفها نظام أردوغان للعالم سواء كان هذا من خلاله هو، أو عبر قادة نظامه أن ليبيا جارة تركيا من البحر؟! وأن التدخل التركي في ليبيا ينطلق من هذه البديهية؟؟!

وبالطبع لا يمكن مناقشة الجهل كما يعرف الجميع، ولا يمكن التوقف لمجادلة جاهل أو القول كيف تأتي تركيا لتتحول بقدرة قادر إلى دولة جارة في البحر لليبيا؟!

ولكن يمكن مناقشة الأطماع التي دفعت أردوغان، ليدفع بجيشه وبنحو 15 ألف مرتزق سوري إلى الساحة الليبية ليكون في صف حكومة الوفاق الحاكمة في طرابلس.

والحاصل أن مصر وعلى مدى انطلاق الأزمة الليبية، كان موقفها واحد لا جدال فيه ولا مراء، وهى أن يقرر الليبيون مصيرهم بأنفسهم وأن هناك حاجة ماسة للحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، لكن ما يحدث من جانب أردوغان وجيشه في ليبيا وبخزعبلات وأكاذيب لا حد لها يدفعنا إلى البحث في كلا الموقفين المصري والتركي من الأزمة في ليبيا وتداعيات وجود أردوغان في ليبيا.

والحاصل أن القفزة التي قام بها أردوغان بعدما أقنعه بعض من قادة جيشه، وممن يعرفون حلمه الاستعماري أمثال الأميرال جهاد يايجي، والذي يعرف بمهندس التدخل التركي في ليبيا وصاحب الكتاب المشبوه "ليبيا.. جارة تركيا من البحر" هؤلاء من عبثوا في عقل أردوغان الطامح في خلافة غابرة، وأوهموه خطأ أن باحتلاله ليبيا أو بالوقوف في صف حكومة الوفاق، والتدخل بشكل سافر وفج في الحرب الأهلية الدائرة هناك، فإن ذلك سيتيح له موضع قدم وإذا استطاع أن يحقق نصرا لحكومة الوفاق على الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا وغربها فإنه بذلك يكون قد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

أولها التواجد في شرق المتوسط، ومع طلب الشركات التركية مؤخرا التنقيب عن النفط والغاز فإنه يسرق ما ليس له من مقدرات نفطية  وغاز في شرق المتوسط ودون أي وجه حق.

ثانيا: يستطيع من خلال تواجده في ليبيا أو "جنوب أوروبا" أن يكون شوكة في الخاصرة الأوروبية، ويستطيع أن يضغط من مكانه على كل من اليونان وقبرص في اشتباكه معهما في الكثير من الملفات.

 ثالثا أنه بتواجده في ليبيا يمكن أن يعيد إشعال جذورة الحلم الإخواني الارهابي من جديد بالتواصل مع إخوان ليبيا وإخوان تونس في حزب النهضة، ثم الأهم بالنسبة له أن يكون بالقرب من مصر.

 ومصر منذ 2013 وهى تشكل حجر عثرة في مشاريع أردوغان وأوهامه في المنطقة، ليس فقط لأنها كانت من كشفت الحلم الاخواني السافر في المنطقة وتصدت له بثورة شعبية مهيبة في 2013 ولكن لأنها تصدت لأحلام أردوغان شخصيا وكشفت مؤامراته للعالم.

لكن هل يمكن لهذه الأحلام التركية أن تتحقق من خلال خزعبلات ليبيا.. جارة تركيا من البحر؟

 في رأيي أن الخرق اتسع على الراتق، كما يقولون وأن إمكانيات أردوغان العسكرية والاقتصادية لا تخول له أبدا دفع فاتورة الاستمرار، كما أن خطوط إمداد قواته الطويلة، مشكوفة في البحر والجو بامتداد البحر المتوسط، وهى كذلك شوكة في خاصرته ويمكن بكل سهولة اعتراض سفنه واعتراض طائراته.

كما أن أمريكا لا تزال نائمة تحت وطأة كورونا، وترامب لم ينتبه إلى أوهام "الوالي العثماني" بعد وهذا يساوي الكثير.

مأزق أردوغان أنه يعيش في نهاية القرن الثامن عشر، وفي ظل الأجداد ولا يعرف أنه ضيّع إمكانيات تركيا والاقتصاد التركي يدفع فاتورة باهظة لسياساته الجنونية، كما لايعرف أن الامبراطورية العثمانية  لا يمكن أن تعاد أو تستعاد فهذا ولى زمنه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط