الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد وفاة سيدة تخلى عنها أولادها .. حكاية تقى في تغسيل موتى فيروس كورونا

تقى محمد
تقى محمد

تستيقظ والناس نيام، تبدأ يومها من الساعة الثالثة فجرًا، تتوجه نحو دورة المياة لتتوضأ ثم ترتدي ملابسها الفضفاضه وتقف باتجاه القبله لتصلي، وتنتهي من صلاتها، ثم تردد الأذكار حتى سطوع الشمس، فتقوم لارتداء العباءة الأنيقة، وتفتح باب منزلها بالتوكل على الله وتسير في طريقها بتمهل مشغولة البال.

تصل تقى محمد إلى التأمين في الساعة السادسة والنصف لاستلام موتى فيروس كورونا المستجد، تقف لبضع ثواني حتى تستوعب ماذا يجرى بالعالم من حولها، ثم ترتدي ثياب الوقاية، قائلة «ببتدي أشوف الحالات وأوزعها على البنات سواء من المستشفيات الخاصة أو الحكومية».

«ست ماتت وولادها ما رضيوش يستلموها عشان خايفين».. بتلك العبارة بدأت تقى محمد حديثها لـ«صدى البلد» فهي كباقي الفتيات كانت تجلس في منزلها بطريقة آمنة تتابع أخبار الوباء القاتل وهو ينهش جسد الكبير والصغير، حتى سمعت لقصة السيدة التي تخلى عنها اولادها، لتقرر من هذه اللحظة أنها لم تتخلى عن شخص قط وبدون مقابل.

بدأت تقى في تكوين فريق «الاغاثة والانقاذ» المكون من ١٢ فتاة بالفيوم، لتغسيل موتى فيروس كورونا المستجد، لتعد الفتاة العشرينية هي أول من تطوع بالسيدات، وتامر هيكل أول من غسل موتى كورونا من الرجال في الفيوم.

بالرغم من خطورة الموقف، إلا أنها تعتبره فعل إنساني في المقام الأول تنتظر مكافأته من الله، وكان أول من ساندها هما والدها وخطيبها «أحمد»، كما تتلقى كلمات تحفيزية من والدتها لكنها دائما تمتزج ببعض الكلمات الدلالية على الخوف.

مرت على الفتاة بعض المواقف التي أثرت عليها، وكانت الدموع دائما تتصدر المشهد، قائلة «زوجة إبن عمي واختى وصاحبتي لما ماتت كانت أصعب حاجه على قلبي وان فيه دور لحد منك انت هتغسله ودوره مجاش في الغسل لسه ومركون»، أما من المواقف التي لم تنساها الفتاة وهي لمشهد العروس التي لم تتجاوز الـ ١٧ عاما، وقامت بتغسيلها، ثم بدأ والد العروس يحاكي تقى قائلًا«عمرها ما اشتكت بصداع يا ابله».

تقوم الفتاة مع فريقها لتغسيل حوالي ١٢ حالة يوميًا، ويكون متوسط الحالات فيما يقرب من ٩، وأقل عدد في اليوم كان ٥ حالات فقط، كل تلك الحالات تقوم بتغسيلها بعين يغمرها الدموع، وقلب لا يعرف سوى الإنسانية.

تنتهى الفتاة من عملها الإنساني بعد يوم طويل وشاق، لتتجه نحو منزلها، يستقبلها والدها بحفاوة لتهوين عليها ما شاهدته أثناء اليوم، ثم تتوجه نحو دورة المياة للتخلص من ملابسها وتعقيمها، وتقوم بالاستحمام، وتخرج لتجلس برفقة والدها ليتناولون العشاء معا، قائلة «بابا دايما بيجهزلي لبسي وكل حاجه، وبيتعمد يبوس أيدي وراسي».



ووجهت رسالة مؤثرة من خلال «صدى البلد»، قائلة «الكلمة الطيبة صدقة، ياريت الناس تجبر بخاطر مريض كورونا، لأن  ٨٠ أو ٨٥ من العلاج يعود للحالة النفسية، المريض بيفرح بكلمه والله، يطمنوهم ويبقوا معاهم مش شرط ف نفس المكان الوسائل كتير يحسسوهم انهم كويسين وإن المرض هو اللي وحش مش المريض لأن والله العظيم بنشوف مآسي وربنا يعافينا جميعا».