الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عانت من التمييز وحاربت زوجة ابنها ومنعتها من رؤية ابنتها.. ما لا تعرفه عن هدى شعراوي

هدى شعراوى
هدى شعراوى

نحتفل اليوم بميلاد زعيمة الحركة النسائية هدى شعراوى، وهى نشأت فى بيئة ميسورة الحال، فوالدها هو محمد سلطان باشا، رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق، و حصلت على تعليم أكبر من الفتيات فى الأسر البسيطة لكنها عانت من التمييز حسب النوع، حيث حرمت من استكمال دراستها، وكان أخوها الذى يصغرها بعشر سنوات يتمتع بامتيازات أكثر منها لمجرد أنه ولد.



تزوجت فى سن 12 عاما لابن عمتها الذى يكبرها بأربعين عامًا، والواصي عليها علي شعراوي، لكنها انفصلت عنه بعد عامين بسبب عودته لزوجته السابقة لأن والدتها وضعت فى عقد الزواج شرطًا فريدًا وهو أن يكون أحاديًا، أي ألا يكون زوج ابنتها متزوجًا من أخرى، وإلا يعتبر العقد لاغيًا تلقائيًا.



كان الانفصال عنه لمدة سبع سنوات (بعيدة لكنها لا تزال زوجته) فرصة لها لاستكمال دراستها للفرنسية، وتوسيع دائرة أصدقائها ومعارفها المحدودة، ثم التقت هدى بثلاث نساء كان لهن تأثير كبير في حياتها وغيرن أفكارها وعادت له بعد ذلك تحت ضغط عائلتها وأنجبت منه ابنتها بثينة وابنها محمد ووهبت لهما حياتها لعدة سنوات.


نجحت هدى شعراوي وغيرها من النساء المصريات من الطبقتين العليا والوسطى، في أن تصبحهن رائدات في تأسيس الجمعيات الخيرية، وجمعيات الخدمة العامة لمساعدة المحتاجين من النساء والأطفال، كما أنشأن عام 1909 مستوصفا للفقراء من النساء من الأطفال وتم توسيع نشاطه فيما بعد ليشمل توفير الخدمات الصحية، وذلك ردًا على معدلات وفيات الأطفال المتفشية في البلاد.


من خلال هذا العمل، فتح المجال نحو عالم جديد وأدوار اجتماعية جديدة، أصبحت فيما بعد جزءًا من جدول أعمال الحركة النسوية المنظمة.



في أواخر الحرب العالمية الأولى، أسس زعماء الحركة الوطنية الوفد المصري للمطالبة بالاستقلال، عندما تم ترحيل سعد زغلول ونفيه عملت هدى شعراوي بجانب زوجها الذي عين نائبًا لرئيس الوفد، في الكفاح الوطني من خلال حشد شبكة النساء والمساعدة في تنظيم أكبر مظاهرة نسائية مناهضة لبريطانيا، احتشدت النساء في الشوارع لأول مرة تنديدًا بالعنف والقمع الذي تمارسه السلطات البريطانية ضد الشعب المصري، واحتجاجًا على القبض على الزعماء الوطنيين وشاركت فى ثورة 1919.





ورغم أنها  كانت من أبرز الناشطات المصريات اللاتي شكلن تاريخ الحركة النسوية في مصر في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، إلا أن حياتها كانت بها سقطة كبيرة جعلت من يعرفها يصفها بأن لديها فصام فى الشخصية.



ففى عشرينات القرن الماضي، كانت المغنية فاطمة سري تحيى إحدى الحفلات الساهرة في قصور الأسر الأرستقراطية، ومن بين تلك الحفلات واحدة بقصر على بك شعراوى.



في هذه الليلة رآها محمد على بك شعراوي، ابن هدى شعراوى، فأعجب بها وتطور الأمر بينهما وعندما علم طليق المطربة بالقصة ثار عليها وحرمها من ولديها، ففكر محمد شعراوي في الانسحاب بعد ما تورَّطت معه وثارت من حولهما الشبهات، فكتب لها شيكًا بمبلغ كبير ثمنًا للوقت الذي أمضاه معها، فما كان منها إلا أن مزَّقت الشيك وداسته بأقدامها وتركته وهي ثائرة غاضبة، فلحق بها محمَّد شعراوي واعتذر لها عن سوء تصرفه وعرض عليها الزواج بشكل عرفي، فاعترضت المطربة وقالت إنَّها تريد عقدًا شرعيًا، فطلب منها أن تمهله حتى يسترضي والدته.



في هذه الأثناء، كانت المطربة قد شعرت بدبيب الحمل وقررت إجهاض نفسها، وعندما أخبرها الطبيب بأنَّ هذا الإجراء خطر على حياتها، تمسك شعراوي بها وبالجنين، وكتب عقدًا عرفيًا نصه "أقرُّ أنا الموقع على هذا محمد على شعراوي نجل المرحوم على باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، ويقيم بالمنزل شارع قصر النيل رقم 2 قسم عابدين بمصر، أنني تزوجت الست فاطمة كريمة المرحوم "سيد بيك المرواني" المشهورة باسم "فاطمة سري" من تاريخ أول سبتمبر سنة 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين أفرنكية، وعاشرتها معاشرة الأزواج، وما زلت معاشرًا لها إلى الآن، وقد حملت مني مستكنًا في بطنها الآن، فإذا انفصل فهذا ابني، وهذا إقرار مني بذلك، وأنا متصف بكافة الأوصاف المعتبرة بصحة الإقرار شرعًا وقانونًا، وهذا الإقرار حجة عليَّ تطبيقًا للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعية، وإن كان عقد زواجي بها لم يعتبر، إلا أنَّه صحيح شرعي مستوف لجميع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعًا".



أنجبت فاطمة سرى ابنتها ليلى، لكن محمد ابن هدى شعراوى رفض أن ينسبها له، وشجعته والدته على إنكار النسب، ودخلت في مساومات مع فاطمة سرّي، للتنازل عن القضية التي رفعتها مقابل مبالغ مالية ضخمة، ولما رفضت تحولت المفاوضات إلى تهديد بتلفيق قضية آداب لها.



ولكن القضاء أنصف فاطمة سرى وحكم بنسب الفتاة إلى عائلة شعراوي عام 1930، فلم تجد زعيمة المرأة أمامها سوى الاعتراف بها، وإجبار ابنها على الاعتراف بزواجه من فاطمة سرى وصحة نسب ابنته إليه، لكن هدى شعراوى انتقمت من فاطمة وعاقبتها بعدم رؤية ابنتها حتى توفيت.