الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيمان وهمان تكتب: مادلين والإرهاب

صدى البلد

مادلين والارهاب
مادلين فتاة عربية ولدت فى فلسطين المحتلة من أسرة مسيحية متدينة من عرب ٤٨ فى مدينة حيفا أغلب سكانها من اليهود بالاضافة الى العرب مسلمون ومسيحيون. 
وفى ظل مجتمع متباين مختلف فى كل شىء فى نظام الدراسة والتعليم والتوظيف فالاولوية لليهود تعلمت فى مدارس إسرائيلية فأجادت اللغة العبرية الى كباقي عرب اسرائيل كما يطلقون عليهم وانهت دراستها الثانوية، وكان حلم حياتها ان تهاجر الى امريكا وفى إحدى الأيام قرأت إعلان فى الصحف عن حاجة احدى الشركات لبنات يجدن اللغه العبريه للعمل فى أمريكا جليسات أطفال لأسر يهوديه لتعليم الاطفال اللغه العبريه اتصلت بالشركة، وأبدت رغبتها فى العمل والسفر وبالفعل قامت الشركه بعد عمل المقابلة الشخصية لها وبعد التعاقد معها بدفع مبلغ الف دولار كمقدم تعاقد ووفرت لها الشركة تذكرة سفر كذلك اسبوع ترفيهي فى نيويورك قبل ان تتسلم مهام وظيفتها فى أمريكا وكانت مدة العقد ستة اشهر بعدها تعود الى اسرائيل وافت امها فى الحال، حيث ان حالتهم الماديه اقل من المتوسط بكثير الاب لايعمل والام تعمل لدى اسره يهوديه حتى تستطيع توفير نفقات المعيشه جاء ميعاد السفر ودعت مادلين اسرتها و توجهت الى المطار وداخلها مشاعر مختلفه من أمل وطموح وخوف وقلق.
وصلت إلى نيويورك وانتهى الاسبوع الترفيهى فى الخروجات وبعض المحاضرات بين الحين والاخر للتعرف على عادات وتقاليد المجتمع اليهودى الامريكى وفى نهاية الاسبوع تم توزيع البنات على الاسر اليهودية، وكان نصيب مادلين العمل فى ولاية جيرسى فى احدى المدن كانت الأسره صغيره ام مذيعه تليفزيون فى قناه محليه والاب طبيب معروف وإبن واحد فى الرابعة من عمره وكان عليها ان تتحدث معه باللغه العبريه فقط ساعدها الاب فى استخراج رخصة قياده حتى تتمكن من توصيل الطفل الى المدرسه الخاصة، حيث انها مدرسة مخصصه للجاليه اليهودية ابليت مادلين بلاءا حسنا فى عملها واصبحت العائله تعتمد عليها اعتماد كلى فى تربية الطفل والاعتناء ببعض امور المنزل ابدت رغبتها بانها تريد ان تلتحق بالجامعه وبالفعل ساعدها الاب فى الالتحاق باحدى الكليات لدراسة اعمال السكرتاريه  وبعد مضى الستة اشهر بداؤا يستدعوها للعودة الى اسرائيل ولكنها رفضت وساعدتها الاسرة على تغيير تصريح الاقامه من عمل الى دراسه.
تعرفت مادلين على مجموعة من الشباب العربى، واثناء تناول الغداء فى المطعم العربى تعرفوا على مجموعه من الشباب الأمريكى وتبادلوا الأحاديث كان أحدهم يدعى جريج يشغل منصب مرموق وحصل ألفة معه، الى أن فاجأها أنه سيخطب صديقة الطيار خوليو وهو شاب من برتوريكو ونزل الخبر عليها كالصاعقه فلم يخطر على بالها أبدا هذا الخاطر.. لم يكتفى القدر بتلك الصدمه ولكن عند عودتها للمنزل فاجأها رب الأسرة بأنه حصل على عمل كطبيب فى مستشفى كبير فى سويسرا وعليه سوف تنتقل الاسره بالكامل.
مرت بأصعب أيام حياتها واضطرت ان تقبل بالعمل لدى سيده من باكستان تمتلك دار لرعاية وحيث انه لم يكن لديها سكن اضطرت ان تقيم عند تلك السيده وتدعى ياسمين .. كانت سيده قويه الشخصيه متسلطه عصبيه استغلت احتياجها للسكن والعمل حتى تستمر فى دراستها والحفاظ على الاقامه القانونيه فأثقلت عليها بمسؤليات كثيره ليست من صميم عملها وبعد مرور عدة اسابيع تحولت من طالبه جامعيه وحياه مستقره الى مجرد خادمة عند تلك الباكستانية المتسلطة، وفى يوم اجازتها كالعاده تقابل نهى وزهرة، وتقضى اليوم فى الشكوى وأحيانا البكاء وفى احد الايام تلقت مكالمه من صديقتها نهى تخطرها بحاجة اسره مصريه لجليسه للاعتناء بطفلتهم المريضه ذهبت لمقابلة الأسرة كان ذلك فى شهر يناير بعد اعصار ساندى استقلت القطار كان الجو شديد البروده وأثار الاعصار فى كل مكان جو يبعث على الكآبة كانت تتمنى ان توفق فى تلك الوظيفه حتى ترتاح من تلك المراة الباكستانية المتسلطة.
 قابلها الأب واصطحبها الى المنزل لترى الطفله .. كانت فتاه طريحة الفراش ممتلئة الجسم لاتتكلم ولاتتحرك ولاحتى تستطيع تناول الطعام قابلتها الام بقائمة طويله من الاوامر بدايتا من الاعتناء بنظافة الابنه وحملها ووضعها على الكرسى المتحرك والخروج بها للنزهه كذلك تغير الحفاضات لها وايضا اطعامها عن طريق حقن فى فتحه بالبطن.. المرتب كان ضعيف جدا مقابل كل تلك المهام الصعبه مع العلم ان الحكومه الامريكيه تقوم بتحمل كل النفقات لكن الاسره ارادت التربح من وراء مرض الابنه قى مقابل ان تسمح لها بالإقامة فى نفس المنزل .. كانت تتمنى ان تنتهى المقابله باسرع مايمكن فقد قررت الا تعمل عند تلك الاسره لانها لن تقوى على حمل الفتاه حيث انها تفوقها فى الوزن وانتهت المقابلة على امل ان تفكر مادلين وترد عليهم وفى اثناء عودتها بالقطار لم تتمالك نفسها انهمرت دموعها وشعرت بالاكتئاب توجهت الى منزل صديقتها المغربيه وهى منهاره واصرت صديقتها على ان تقضى الليله معها وصارحتها ان لها صديق ايطالى وحاولت ان تخفف عن مادلين بتقديم القهوة المغربى لها وبعض الحلوى و كذلك عرضت عليها التدخين وامعانا فى زيادة كرم الضيافه قدمت لها قطعه من الحشيش طبعا اعتذرت بادب وقضت ليلتها معها وفى الصباح الباكر وهى تستعد للخروج  تلقت مكالمه تليفونيه من سيده تعرض عليها الاعتناء بوالدتها المسنه وبالفعل انتقلت الى منزل السيده العجوز التى كانت تحتاج ونيس استقرت الحياه معها بعض الوقت وكان كل همها ان تكمل دراستها حتى تحصل على عمل محترم واقامة قانونيه 
مضت الايام على وتيره واحده وفى احد ايام الاجازات ذهبت مادلين الى صديقاتها وهى تبكى وفى حالة حزن شديده واعترفت لهن ان اخوها الصغير وهو شاب فى بداية العشرينات قد تم تجنيده فى جماعه من الجماعات الدينيه المتشدده واقنعوه بتغيير ديانته حاولت نهي ان تخفف عنها على العكس زهره قابلتها بوابل من التهكم  وتطور الامر بينهم الى مشاده وارتفعت الاصوات وانهاءاً لهذا الموقف المتوتر اخذتها نهى وانصرفا واصبحا من هذا اليوم صديقتين فقط وانقطعت كل صله لهما بزهره المغربيه .. انهت مادلين دراستها الجامعيه وقدمت اوراقها لشركة  للحصول على عمل وتوفيق وضعها القانونى وبالفعل حصلت على الجرين كارد وعملت فى احدى الشركات بولاية بنسلڤينيا.
واخيراً بدأ الاستعداد لاول زياره لاهلها فى اسرائيل بعد غربة ثمانية سنوات قامت بشراء هدايا كثيره لامها واختها  كانت فى قمة السعاده وهى تشترى وصلت الى بيت العائله كانت احوال امها احسن بكثير نتيجه للاموال التى كانت ترسلها لها قابلتها الام بالفرح والبكاء كذلك اختها وباقى افراد العائله لم  ترى اخيها وعلمت انه سافر الى لبنان وانضم الى حزب الله وانقطعت كل صله له بأهله فى اسرائيل.  
عادت مادلين مره اخرى الى امريكا ولكن بمشاعر مختلفة..  كانت تزور عائله فى منطقة ساذرلاند بمقاطعة ويلسون جنوب تكساس قضت ايام الاجازة فى سعادة و مرح . جاء يوم الاحد وكالعاده تزينت مادلين واستعدت للذهاب للكنيسه مع اصدقائها واتفقت على الذهاب الى تناول الغداء وبعدها الى المطار  وبالفعل ذهبا الى كنيسه صغيره تسمى الكنيسه المعمدانيه حيث كان يقام احتفالا دينيا بها  وفى اثناء الصلاه وحوالي الساعه الحادية عشر ونصف اقتحم الكنيسه شاب مزود برشاش يرتدى ملابس سوداء وواقى من الرصاص واطلق الرصاص بطريقه عشوائيه فقتل حوالى خمسه وعشرون شخص على الفور واصاب اكثر من عشرين شخص تناقلت وكالات الانباء الخبر كذلك نقلته جميع محطات التليفزيون وقع الخبر كالصاعقه على نهى فهى تعلم ان مادلين فى تلك المنطقه بالتحديد حاولت الاتصال بها دون جدوى حاولت الاتصال بصديقتها ولكن لامجيب وفى اليوم الثانى نشرت نيويورك تايمز اسم مادلين ضمن اسماء سبعة وعشرون شخصا توفوا فى اسوأ عملية قتل جماعيه باطلاق النار علي ابرياء.
ماتت بطلة قصتنا مادلين بدون اى ذنب انها ضحية الإرهاب والتطرف والعنصريه.