الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عيد الأضحى 2020 .. أهم مظاهره وموقف الأضحية فيه

عيد الأضحى .. صورة
عيد الأضحى .. صورة أرشيفية

عيد الأضحى 2020 يشغل بال الكثيرين في هذه الفترة، حيث يزداد البحث عنه على مواقع الإنترنت، وذلك لأن المسلمين في جميع بقاع الأرض دائمًا متشوقون للاحتفال بهذه المناسبة العطرة، فعيد الأضحى من الأعياد التي يحتفل بها المسلمون حول العالم في  العاشر من شهر ذي الحجة من كل عام، وهو اليوم الذي يلي يوم عرفة، وحسب الحسابات الفلكية لهذا العام تكون عدة شهر ذو القعدة (30 يومًا)، و يكون يوم الثلاثاء (21 يوليو) هو آخر أيام شهر ذو القعدة، ويوم الأربعاء (22 يوليو) أول أيام ذو الحجة، ومن ثم يكون يوم الجمعة (31 يوليو) هو أول أيام عيد الأضحى 2020.
 
عيد الأضحى 2020 وموقف الأضحية فيه:

لعل ما يشهده العالم 2020 من وجود فيروس كورونا المستجد يثير في أذهان الكثيرين سؤالًا عن موقف الأضحية هذا العام، وفي هذا السياق توجه أحد المتابعين لصفحة دار الإفتاء المصرية بسؤال عن موقف الأضحية هذا العام تزامنًا مع قرار المملكة العربية السعودية بتقيل أعداد الحجاج هذا العام وقصره على المقيمين داخل المملكة حفاظًا على أرواح المسلمين في شتي بقاع الأرض، والذين يتوافون إليها كل عام؛ لأداء شعيرة الحج في عدد كبير من التجمعات،  وأجاب عن السؤال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فيديو البث المباشر، قائلًا: «الأضحية شعيرة وسنة مؤكدة عن النبى - صلى الله عليه وسلم-، وليس لها علاقة بإقامة شعيرة الحج هذا العام من عدمه احترازًا من فيروس كورونا المستجد، لافتًا: أنه إذا منع الحج؛ الأضحية قائمة ولن تمنع، لأن لدينا وسائل كثيرة، والحالة الوحيدة التي تمنع فيها الأضحية إذا كان ذبحها يقتصر على الشوارع فقط؛ لعدم خلق تجمعات للناس إضافة إلى الدماء التي قد توجد».

كما لفت مستشار المفتي أنه حاليًا يوجد مجازر تجرى صكوك بنظم محددة ومنظمة، مشيرًا: فقط علينا أن ننتقى الأمور غير التقليدية، طالما هناك ضر قد يقع إذا تم التعامل بشكل مباشر مع الأضحية بالتزامن مع أزمة كورونا، لذا نقول أن الأضحية قائمة- إن شاء الله-، لكن الطريقة قد تختلف، والأضحية شعيرة مختلفة عن شعيرة الحج».


مظاهر عيد الأضحى 2020:

وبما أنه تفصلنا أيام قليلة عن عيد الأضحى 2020، والذي اعتاد فيها المسلمون الاحتفال في مظاهر فرحة وسرور، فإنه متوقع أن تتأثر مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام احترازًا من انتشار فيروس وكورونا، حفاظًا على أرواح الناس وحياتهم، فقد رأينا أنه كان يوجد قرار بإغلاق معظم المساجد في كثير من دول العالم في عيد الفطر 2020 تقليلًا للإعداد والتجمعات احترازًا من إنتشار الفيروس ، كما حثت تعاليم ديننا الحنيف، ووقف ما أقرته المؤسسات الدينية الرسمية في معظم دول العالم.

ومظاهر عيد الأضحى 2020 قد لا تتأثر جميعها بسبب الفيروس إن استمرت الأوضاع مع مجيء العيد على ما هي عليه الآن، فعلى سبيل المثال التكبير: من مظاهر العيد، ولا يشترط فيه أن نكون في تجمع من الناس، فيمكن أن يؤيده المسلم منفردًا أو مع أهل بيته، وحكمه سنة مؤكدة؛ حيث إن المسلمين يكبرون من صباح يوم عرفة، حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق، التهنئة بالعيد: ويمكن أن تتم من خلال الاتصالات الهاتفية وتبادل الرسائل على مواقع التواصل، ولا مشكلة في تقديم العدية للأهل إن اتخذنا الإجراءات الإحترازية: وهي عبارة عن هدية تُقدَّم للصغار والكبار من أهل البيت والأقارب، وصلة الأرحام: في ظل كورونا تكون كالتهنئة أيضًا عبر وسائل التواصل، ومن مظاهر العيد أيضًا التي قد لا تتأثر ارتداء الملابس الجديدة والتطيب: فيسن للمسلم يوم العيد أن يغتسل، ويلبس أجمل ملابسه، ويضع الطيب.

ولا يمكن استباق الأحداث، ولكن وارد أن تتأثر بعض مظاهر عيد الأضحى 2020 بسب فيروس كورونا، ومن ذلك صلاة العيد في الساحات والمساجد: حيث يصلى المسلمون ركعتي صلاة العيد، وفيها اختلف العلماء بين كونها سنة مؤكدة أم واجبة أم فرض كفاية، وهي عبارة عن ركعتين، يكبر المصلون في الركعة الأولى سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، ويجوز أن تُصلّى جماعة أو بشكل فردي، ذبح الأضاحي في أماكن بها تجمعات: والمعتاد أن يذبح المسلمون بعد صلاة عيد الأضحى الأضاحي، ومن الأمثلة على الأضاحي التي يذبحها المسلمون: الأغنام، والأبقار، حيث يوزعونها على الفقراء والمساكين، الخروج مع العائلة: يستغل بعض المسلمين الإجازة في عيد الأضحى بالخروج مع أصدقائهم وعائلاتهم للتنزه، بينما يفضل بعضهم السفر إلى بلدان مجاورة لقضاء الإجازة، ومن ذلك أيضًا: إقامة الولائم يوم العيد: حيث يدعو بعض المسلمين أقاربهم وأصدقاءهم على وليمة من لحم الأضحية. 


عدد أيام عيد الأضحى 2020:

عدد أيام عيد الأضحى 2020 أو أي عام 4 أيام؛ يُسمى الأول منها: يوم النحر، والأيام الثلاثة التي تأتي بعده: تُسمى بأيام التشريق، وقد جاء ذِكر هذه الأيام في الحديث الشريف؛ إذ قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ ..» حديث صحيح رواه الترمذى وغيره، وقال الإمام الشوكاني إن هذا الحديث فيه دلالةٌ على أن أيام التشريق الثلاثة هي من أيام العيد.


سبب تسمية عيد الأضحى: 

يسمى عيد الأضحى بهذا الاسم نسبة إلى الأُضحية؛ إذ إن الناس تبدأ بذبح الأضاحي في هذا اليوم، ويُسمى أيضًا بيوم النحر؛ لأن الهدي والأضاحي تُنحر فيه، ويُعرف العيد بأنه: كُل يومٍ يكون فيه اجتماع، وقِيل إنه من العادة؛ لأن الناس اعتادته، وقال الإمام النووي إن العيد سُمِي عيدًا؛ لأنه يعود ويتكر، أو لأن الفرح يعود فيه، وهو من باب التفاؤل لِمَن يعود عليه العِيد؛ لأن العرب كانت تُسمي القوافل عندما تخرج بالتفاؤل؛ ليتفاءلوا برجوعها سالمة، وقِيل لأن الله -تعالى- يعود على عباده في ذلك اليوم من كُل عام بكثرة الإحسان عليهم.


تعريف الأضحية: 

تعريف الأضحية كما ورد عن دار الإفتاء المصرية هي في لغة العرب: فيها أربع لغات على ما ذكر الإمام اللغوي الأصمعي: إضْحِيَّةٌ، وأُضْحِيَّةٌ والجمع أضاحي، وضَحِيَّةٌ على فعيلة والجمع ضحايا، وأضْحَاةٌ والجمع أضحًى كما يقال: أرطاةٌ وأرْطًى، وبالأضحية سمي يوم الأضحى؛ أي اليوم الذي يضحي فيه الناس، كما عرفها اللغويون بتعريفَين؛ أحدهما: الشاة التي تذبح ضحوة، أي: وقت ارتفاع النهار والوقت الذي يليه، وثانيهما: الشاة التي تذبح يوم الأضحى، وهذا المعنى ذكره صاحب "اللسان" أيضًا.

وتعريف الأضحية عند الفقهاء: هي ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله - تعالى- من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق بشرائط مخصوصة، وعليه فليس من الأضحية ما يذكى لغير التقرب إلى الله -تعالى-، أو جزاء التمتع أو القران في النسك، أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور في النسك، أو يذكى بنية الهدي، وهذا حسب ما ذكرته دار الإفتاء المصرية، عبر بوابتها الإلكترونية الرسمية. 


دليل الأضحية:

الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، وانعقد الإجماع على ذلك، أما الكتاب: فقال -تعالى-: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، قال القرطبي: [قال قتادة وعطاء وعكرمة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وقال أنس: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَرَ]، وأما السنة: فهناك عدة أحاديث تروي لنا فعله صلى الله عليه وآله وسلم لها، وأخرى تحكي قوله في بيان فضلها والترغيب فيها، فأما السنة النبوية الفعلية، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحي وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم فمن ذلك: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا"، متفق عليه، وغير ذلك الكثير من الأحاديث.

وأما السنة النبوية القولية: فقد وردت أحاديث كثيرة في الأضحية؛ منها:عن البراء -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»، رواه البخاري ومسلم، وعن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: شهدتُ الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يعدُ أن صَلَّى وفرغ من صلاته سَلَّمَ، فإذا هو يرى لحم أضاحِي قد ذُبحت قبل أن يفرغ من صلاته، فقال: «مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ -أَوْ نُصَلِّيَ-، فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ» رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وقد أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية.

متي شرعت الأضحية والحكمة منها: 

شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهي السنة التي شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال، وذلك لحِكَم كثيرة منها:

أولًا: شكرًا لله -سبحانه وتعالى- على نعمه المتعددة، فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى كنعمة البقاء من عام لعام، ونعمة الإيمان ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى، حيث قال جلَّ جلاله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].

ثانيًا: إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام في يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما في الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها.

ثالثًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنة منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى، فقد ثبت في الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ»، فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم وذكر هَنَةً من جيرانه فكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عذره، وقال: عندي جذعة خير من شاتين، فرخص له النبي صلى الله عليه وآله وسلم. الحديث رواه البخاري ومسلم.

حكم الأضحية:

اختلف الفقهاء في حكم الأضحية على قولين:

القول الأول: أنها سنةٌ مؤكدةٌ في حق الموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء، ومنهم الشافعية والحنابلة، وهو أرجح القولين عند الإمام مالك وإحدى روايتين عن القاضي أبي يوسف، وهو كذلك قول أبي بكر وعمر وبلال وأبي مسعود البدري وسويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر، وهو المفتى به في الديار المصرية، وبه أخذت دار الإفتاء المصرية.

واستدل الجمهور على السنية بأدلة، منها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إذَا دَخَلَت الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» رواه مسلم في "صحيحه"، ووجه الدلالة في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ» فجعله مفوضًا إلى إرادته، ولو كانت التضحية واجبة لاقتصر على قوله: «فلا يمس من شعره شيئًا حتى يضحي»، ومن الأدلة أيضًا أن الشيخين أبا بكر وعمر- رضي الله عنهما- كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يُرى ذلك واجبًا، رواه البيهقي، وهذا الصنيع منهما يدل على أنهما علما من الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- عدم الوجوب، ولم يُروَ عن أحد من الصحابة خلاف ذلك.


القول الثاني: أنها واجبة، وذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة، وهذا المذهب هو المروي عن صاحبيه الإمام محمد بن الحسن والإمام زفر وإحدى الروايتين عن القاضي أبي يوسف، وبه قال من أئمة الفقهاء: ربيعة، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، ومالك في أحد قوليه.
واستدل الحنفية على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، فقد قيل في تفسيره: صلِّ صلاة العيد وانحر البدن، ومطلق الأمر للوجوب، ومتى وجب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجب على الأمة لأنه قدوتها.

واستدلوا أيضًا بقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» أخرجه ابن ماجه، وهذا كالوعيد على ترك التضحية، والوعيد إنما يكون على ترك الواجب، واستدلوا كذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ»، رواه مسلم في "صحيحه"، فإنه أمر بذبح الأضحية وبإعادتها إذا ذكيت قبل الصلاة، وذلك دليل الوجوب.
ثم إن الحنفية القائلين بالوجوب يقولون: إنها واجبة عينًا على كل من وجدت فيه شرائط الوجوب، فالأضحية الواحدة كالشاة وسبع البقرة وسبع البدنة إنما تجزئ عن شخص واحد.


شروط الاضحية:

يشترط فى الأضحية عدة شروط وهي أن تكون مِن بَهيمة الأنعام وهى الإبل والبقر والجواميس والغنم ضأنا أو معزًا، فإن ضحى بغير هذه الأصناف لم يجزه عن الأضحية، ولو ضحى بالطيور لا يصح.

ويشترط أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ التَّضْحِيَةِ، أو بلغت السن المعتبرة شرعًا بِأَنْ تَكُونَ ثَنِيَّةً أَوْ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْمَعْزِ ، وَجَذَعَةً أَوْ فَوْقَ الْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ، فَلا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا دُونَ الثَّنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ ، وَلا بِمَا دُونَ الْجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ.

وبيانها كالتالى: المسنُّ مِن الإبل: ما أتمَّ خمس سنين ودخل في السادسة ، والمُسنُّ من البقر: ما أتمَّ سنتَين ودخَل في الثالثة، والمُسنُّ مِن المعز: ما بلغ سنَة ودخَل في الثانية ، ويُجزئ الجذع من الضأن وهو: ما بلَغ ستَّة أشهر ودخَل في السابع.

ويشترط في الأضحية أن تكون الأضحية خالية أو من العيوب وهى التى تنقص اللحم منها، وهى كثيرة ومنها: العمياء- العوراء البين عورها وهى التى ذهب بصر إحدى عينيها، وخالف الحنابلة فقالوا هى التي انخسفت عينها أى زالت فلو بقيت مع عدم رؤيتها بها أجزأه – مقطوعة اللسان بالكلية أو ما ذهب منه جزء يسير – الجدعاء وهى مقطوعة الأنف – مقطوعة الأذنين أو إحداهما أو ما قطع من أذنها مقدار كثير وقدر الكثير بالثلث – العرجاء البين عرجها وهي التى لا تمشى إلى المذبح أو لا تسير مع صواحبها – المريضة البين مرضها لمن يراها – الجذماء وهى مقطوعة اليد أو الرجل – مقطوعة الإلية».

توزيع الاضحية:

يجوز للمضحي الأكل من أضحيته أو الانتفاع بها لحمًا وأحشاءً وجِلدًا كلها أو بعضها، أو التصدق بها كلها أو بعضها، أو إهداؤها كلها أو بعضها، إلا أنه لا يجوز إعطاء الجِلد أجرةً للجزار، وكذلك لا يجوز بيعه، والأفضل في الأضحية أن تقسم إلى ثلاثة: ثلث له ولأهل بيته، وثلث للأقارب، وثلث للفقراء. 


وقت التضحية مبدأ ونهاية:

يدخل وقت ذبح الأضحية بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذي الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومُضي زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق في ذلك بين أهل الحضر والبوادي، وهذا قول الشافعية والحنابلة، وبه قال ابن المنذر وداود الظاهري والطبري، وهو المفتى به.

وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، أي أن أيام النحر أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهو قول الشافعية.

وقد احتج الشافعية على ذلك بقوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبَحٌ» أخرجه ابن حبان، قال الإمام الشافعي: [فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق ثم ضحى أحد فلا ضحية له]  "الأم" (2/ 222).

الاضحية على من تجب:

الأضحية سنة للقادر عليها هو مَن مَلَكَ ما تحصل به الأضحية وكان ما يملكه فاضلًا عمَّا يحتاج إليه للإنفاق على نفسه وأهله وأولاده أو من يلتزم بنفقتهم في يوم العيد وليلته وأيام التشريق الثلاثة ولياليها، قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 385): «مَذْهَبنا أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ وَلا تَجِبُ عَلَيْهِ».