EN 
اشتعلت الأيام القليلة الماضية الساحة الداخلية لدولة إثيوبيا بالمظاهرات بعد مقتل المطرب " هالوشا هونديسا" والتي أسفر عنها العديد من القتلي والجرحي وأعمال الشغب المفرطة وتحديدًا في اليوم التالي بعد جلسة "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" والتي عرضت فيها الدبلوماسية المصرية المتمثلة في الوزير " سامح شكري "علي العالم كلة حقيقة مجريات ملف سد النهضة وتعنت الجانب الإثيوبي المفتعل لعدم سير المفاوضات وكيفية الإضرار بالأمن القومي الكامل للمنطقة والدعوة لمحاولة التفاوض حتي تتجنب المنطقة نزاعات مسلحة سوف يكون لها بالغ الأثر السلبي علي بعض الدول وتأكيد مصر علي دعمها لمصالح والمشروعات التنموية الأثيوبية ولكن دون الإضرار بحقوق دول المصب وكما ظهر أمام العالم أيضًا مدى ضعف الدبلوماسية الأثيوبية بالإضافة لعدم وجود سيادة حقيقية للحكم في الدولة ذاتها .
**وهنا يتوجب عليك أولًا أن تتفهم طبيعة تركيبة المجتمع الأثيوبي حتي يتسني لك فهم الدولة التي تحاربنا الأن في ملف مياه النيل ومدي تأثير تلك الأوضاع علي الموقف كاملًا في المرحلة القادمة.
_فإثيوبيا في طبيعة تكوينها لها طبيعة خاصة حيث إنها مقسمة( لقوميات عرقية ) بمعني أنها عبارة عن شعوب متداخلة داخل بعضها البعض بالإضافة إنه لا تحكمهم لغة واحدة ومنذ القدم لديهم مجموعة من الصراعات والاحتجاجات وبالأخص علي مقاليد الحكم الإثيوبية. والملاحظ علي مختلف عصورهم ليس لديهم طوائف عرقية مترابطة مع بعضها مطلقًا وعليه يتكون المجتمع الأثيوبي من 9 قوميات مختلفة ولكل واحدة منهم منطقة مستحوذة عليها وتحكمها وتتميز دومًا بلغتها وطقوسها الخاصة ولكن كانت هناك الطائفة الأكثر استحواذًا في المجتمع الإثيوبي وهي "طائفة الأورومو " والتي تمثل حوالي 39% من شعب إثيوبيا وهو ما يوازي 39 مليون مواطن والتي تتميز اقتصاديًا بصناعة القهوة عالميًا بالإضافة لعاصمتهم الخاصة والتي تدعي " أداما" وهي نفس الطائفة التي يتبعها المطرب المقتول بالإضافة أن لديهم جبهة تحريرية ومعارضة لمدة لا تقل عن 40 سنة ماضية من الكفاح المتواصل وبالرغم من أغلبيتهم في التكوين إلا أنهم لا يملكون التشارك الحقيقي والفعلي في مقاليد الحكم الأثيوبي وعلي العكس سنجد طائفة تدعي "التيغراي" وتمثل 6% فقط من سكان إثيوبيا ولكنهم المستولون علي الحكم الأثيوبي بشكل شبه كامل بالإضافة لممارستهم العنف والاضطهاد المستمر علي الأورومو وأيضًا سرقة أراضيهم واغتصاب مقدراتهم ..
**وظلت التظاهرات والاحتجاجات مستمرة من قبل الأورومو وصولًا لعام ٢٠١٥ حتي وصلت لقمتها والتي علي أثرها تمت إقالة رئيس الوزراء الأثيوبي( هايلي ديسالين ) وكان السبب الرئيسي لاشتداد التظاهرات في هذه المرحلة هو مقاعد البرلمان الأثيوبي والذي يتكون من 547 مقعدا برلمانيا وكانت الصدمة أن طائفة " التيغراي" استحوذت علي المقاعد بنسبة 100% بالرغم إن الأورومو بيشكلون فعليًا 39% من سكان الدولة ولكن نتيجتهم كانت صفرًا.
_ولما كان ديسالين المترئس حكم إثيوبيا ليس من أبناء طائفة "التيغراي" ولكن كان من خارجهم وادعوا أنه رئيس وزراء توافقي في البلاد ولكن كانت الحقيقة أنه مجرد تابع وواجهة فقط لكل طموحات وأطماع التيغراي والتي كان لديها من العلاقات الوثيقة والعميقة مع (الماسوصهيونية العالمية) لتنفيذ مخططاتهم في إفريقيا ولكن بعد شعور الطائفة الحاكمة لقوة وشراسة الأورومو داخليًا ومن أجل محاولتهم لتهدئة الأوضاع الداخلية قامت (التيغراي) بتولية "آبي احمد " رئيسا للوزراء وهو يعتبر الشخص الأول من طائفة الأورومو والذي تولي حكم البلاد ..
ومن الطبيعي أن تسأل لماذا التظاهرات الحالية عليه من طائفته وكيف يتم قتل أهلها ورموزها في عصر حكمه؟ لأن آبي احمد نفسه ما هو إلا نسخة طبق الأصل من تجربة " ديسيالين " فهو تابع مطيع للتيغراي ولا يملك سيادة الحكم في أي شيء بل علي العكس لديه القدرة والنية الكاملة علي الاضرار بشعبه ولكن في المقابل الحصول علي الاستمرارية في كرسي الحكم وهذا اتضح كخطوة أولي حينما اخترق الدستور الأثيوبي والذي علي أثره تقدمت رئيسة البرلمان باستقالتها بالإضافة لتكشف ضعفه المطلق أمام الممولين الفعليين والخفيين لسد النهضة الأثيوبي وكان الاثبات الأول علي دعمه هو حصوله علي( جائزة نوبل) في السلام وهو لا يمت له بأي صلة وبالأخص مع استمرار تكرار جرائم القتل العرقية من طائفة الأورومو وغيرهم في فتره حكمة وهذا ما قمت بشرحه كثيرًا عن الشأن الداخلي الأثيوبي في مقالاتي السابقة وعلي مدار العامين الماضيين.
**ولتظهر علي الساحة المناورة السياسية الفاشلة من خلال ( آبي احمد ) والتي اشتدت خلال الشهور الماضية من خلال تصريحاته العنترية والتي تخلو من المنطق السياسي والدبلوماسي للتعامل مع المنطقة وبالأخص في ملف مياه النيل لمحاولة منه لكسب الرأي العام الداخلي الأثيوبي حتي يصل لسدة الحكم مرة أخري في العام القادم.. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتعرض مصر حقيقة الملف كاملًا علي العالم في مجلس الأمن من خلال الدبلوماسية المصرية ولا يستطيع (آبي احمد ) التأكيد في مجلس الأمن علي مزاعمه بتصريحاته في ملء السد في غضون أسبوعين وبدون التوصل لاتفاق مثلما قال لشعبه مسبقًا وفي نفس اليوم نجد رد فعل جماعيا من الشعب الأثيوبي واتهامهم لرئيس وزرائهم بخداعهم بشكل كامل وتشتعل التظاهرات هناك وأعمال الشغب والتخريب وليبدأ ( آبي احمد ) فصلًا من الصراع الداخلي وتخلي القوة الداعمة الخفية له لأنه لم يثبت جدارة في إدارة مقاليد الحكم والفشل في التعامل مع ملف سد النهضة ولتبدأ الماسوصهيونية العالمية في التحضير لبديل أخر وأيضًا إعادة الأوراق بشكل كامل في ملف سد النهضة.
