الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انتحار الأبوة


ما الذي يدفع أب للتجرد من كل معاني الإنسانية وبكل ما أوتي من  قسوة يعرض فلذة كبده للموت دون أدنى شعور بالذنب؟!.. فقر.. قهر..ضيق يد..أو حتى ضغط نفسي مهما كان نوعه أو درجته.. كل هذا وأكثر ليس مبرر لانتحار الأبوة!.


فما شاهدناه خلال الأسبوع الحالي من حكاوي تقشعر لها الأبدان على مواقع التواصل الاجتماعي يعد جرائم في حق صغار لا حول لهم ولا قوة.. فكل ذنبهم أنهم ثمار زواج لرجال لا يصلحون لحمل حرفي الألف والباء. 


أولها فيديو يظهر طفل جالسًا على تنده بلكونة مسكنه في حضرة أبيه الذي يعاقبه.. وما أن تدخل المجلس القومي للطفولة والأمومة بعد تلقي خط نجدته بلاغ استغاثة من الجيران حتى أنكر الأب فعلته.. ودون الدخول في هوامش جانبية لن تنفي تعرض الصغير للأذية.. فالمسألة تحتاج لوقفة.. لأن سوء معاملة الأطفال بما في ذلك من عقاب بدني، نفسي، أو حتى إهمال من قبل الأبوين والأشخاص الآخرين من ذوي السلطة داخل المنزل يصنف ضمن أشكال العنف ضد الأطفال وفقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية.


ولا يختلف وجع الحكاية الثانية وإن تغيرت تفاصيلها، فالجاني أب تنصل من مسئولية رعايته لابنه المعاق وبدلًا من أن يحميه ويدمجه في الحياة.. ربما يستطيع العيش مثله كباقي الصغار، تخلى عن أبوته وبمنتهى ألا مروءة وألا شفقة  وضعه في قطار متجهًا لمحافظة أخرى.. ودون خوف من الله عز وجل، ترك يده وفيها ورقة مكتوب عليها " من يجده يضعه في دار رعاية"!. 


وهنا تساءلت،.. كيف يتوقف هذا الجهاز الكائن بالجانب العلوي الأيسر المسمى "القلب" عن الحب وبقدرة قادر يتحول من طاقة عطاء إلى جمرة نار تحرق من يسكن بين حناياه حتى لو كان  جزء لا يتجزأ منه ؟!،.. وأين ذهبت رابطة الأبوة؟!.. 


لاشك أن اختفاء مشاعر الأبوة لم يلحق ضرر بغد صغار أبرياء فحسب بل بناموس الكون وقواعد المنطق وأحكام القلب..


ما التفكك المجتمعي إلا أب وأم لا يعرفان شيء عن ماهية الأبوة والأمومة سوى لقب مدون في أوراقهما الرسمية بالأحوال المدنية وفقط!


لا أحد يحدثني عن صعوبات الحياة و الضغوط المعنوية التي اغتالت الأحاسيس الوجدانية..


عفوًا أيها الأب غير المستحق لنعمة الأبوة التي رزقك بها رب العباد، فلتتعلم من هذا الرجل الكفيف صاحب الفيديو المتداول على السوشيال ميديا،  والذي جاء في نفس توقيت سلوكك غير المسئول.. جائز يعطيك ومن مثلك درس تستفيد منه.. فهو يظهر رجل فاقد البصر بدلًا من أن يستغل أبنه في التسول أو يتخلى عن رعايته استعان به في عمله "كفواعلي" فيحمل الشكارة الثقيلة على كتفه بيد وباليد الأخرى يمسك بصغيره حتى لا يسقط .. 


وبعد كل ما قيل ويقال أليس هذا الكفيف يحتاج لمن يرعاه ويوفر له عمل بجهد اقل، لعل قصة كفاحه تكون موعظة  لآباء أخذتهم ألا نخوة .. ربما يصبح هذا الرجل البسيط  قدوة تؤهلهم للقيام بواجباتهم.. 


فعمله أصدق دليل أن جميع ابتلاءات الكون لا يمكن أن تغتال الأبوة أنما تكمن المشكلة في نفوس مريضة لا تصلح للزواج ..وليت كل مهتم بمناهضة العنف ضد الصغار يضم صوته لصوتي، ونطالب معًا بقانون يفرض اختبارات للكشف عن مدى صلاحية الرجل والمرأة النفسية في تحمل مسئولية الزواج والإنجاب.. أليست سلامة النفسية لطرفي العلاقة الزوجية لا تقل أهمية عن خلوهما من الأمراض العضوية  والتي يشترط القانون إجراء الفحوصات الطبية اللازمة لها لتوثيق عقود الزواج؟!..   

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط