لا يكاد يمر أسبوع دون أن تترك تركيا بصمتها الناشرة للفوضى والمزعزعة للاستقرار، تارة في شرق المتوسط، وأخرى في شمال أفريقيا، وثالثة في القوقاز.
ومع أن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس العامل الوحيد المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فقد أصبح من الواضح تمامًا أن أردوغان يتبع مسارًا سيؤدي لا محالة إلى حروب إقليمية، ولا يتورع عن التلاعب بحلف شمال الأطلسي (الناتو) من خلال اتخاذ خيارات لا رجعة فيها تدفع الأمور إلى حافة هاوية خطيرة، وفق ما رأى موقع "أحوال" التركي.
وأضاف الموقع أنه طالما كان أردوغان قادرًا على بيع فكرة أن ما يفعله يحقق مصلحة تركيا لجمهور مؤيديه في الداخل التركي، فسيحافظ على قدرته على استخدام موارد البلاد في مغامرات أكثر انتهازية في الخارج.
ويخوض نظام أردوغان سلسلة من المواجهات التي لا يمكن الانتصار فيها ضد أعداء صنع عداوتهم بنفسه، في منطقة جغرافية واسعة النطاق، تمتد من ليبيا إلى سوريا، ويصطدم بقوى إقليمية ودولية لا قبل له بمقارعتها فرادى أو مجتمعين، في مقدمتهم مصر والسعودية والإمارات واليونان وفرنسا وروسيا، فضلًا عن أطراف وفاعلين أصغر، في حين تظل قطر هي الداعم الثابت الوحيد لأردوغان، والتي تواصل ضخ الأموال في الاقتصاد التركي المتعثر بطرق متعددة.
وتابع الموقع أنه بفضل تغاضي الإدارة الأمريكية المحير عن استفزازاته الإقليمية والدولية، وغياب الإجماع والحسم لدى الاتحاد الأوروبي، استطاع نظام أردوغان استغلال هذه التناقضات للبقاء في ظروف كان يمكن أن تدمره مائة مرة في ظروف تاريخية أخرى.
وعلى الرغم من كل المناورات الدبلوماسية لتجنب المواجهة المباشرة، تجد روسيا نفسها تواجه تركيا بشكل متزايد في كل مسرح يقع إلى الجنوب من حدودها، فمن المستحيل أن تسمح موسكو بخسارة حليفتها سوريا لصالح تركيا، أو بانتصار أذربيجان الحليفة لأنقرة على أرمينيا في صراعهما الحدودي على إقليم ناجورنو قره باغ.
أما عن الولايات المتحدة، فإن موقف إدارتها الحالية غير متوازن ومتناقض فيما يتعلق بحضورها ومصالحها التاريخية طويلة الأمد في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، ويرى موقع "أحوال" أن الاستجابة الأمريكية الضعيفة والمترددة إزاء التطورات في سوريا وليبيا تتيح مجالًا لنظام استبدادي مثل نظام أردوغان لبث الاضطرابات وزعزعة استقرار منطقة ملتهبة بطبيعتها على المدى الطويل.
وخلص الموقع إلى أن هناك حاجة ملحة لتدخل أمريكي حاسم، لا لوضع حد لطموح أردوغان الاستعماري فحسب، وإنما للحيلولة دون دفع تركيا المنطقة إلى أتون حروب إقليمية ممتدة بلا حسم، ومن أجل مستقبل الناتو والاستقرار الإقليمي، يجب أن يتأكد أردوغان من أنه لن يُسمح له بعد الآن بنشر الفوضى والدمار والإفلات من العقاب.
وختم الموقع بالقول إن الشعب التركي عليه أن يعي موقف بلاده جيدًا، وأن يستعيد زمام أمره وقدرته على تقرير مصيره والاختيار بين تركيا حديثة مزدهرة ترنو على المستقبل أو تركيا أصولية متشددة متعثرة اقتصاديًا ومتورطة في حروب إقليمية بلا نهاية.