EN 
ملابس أنثوية امتزجت بألوان الطلاء، ويدان ناعمتان لا تتوقفان عن العمل، لا تفرق بين عادات العمل المخصص للنساء والرجال، فحين تراها للوهلة الأولى في «شقة تحت التشطيب» لا تستطيع التقليل من كفاءتها في العمل لأنها أنثى، خاصة وأنها أول نقاشة في صعيد مصر، لتتحدى بعملها كل عادات وتقاليد بلاد الجنوب السائدة حتى الآن.
تواصل «صدى البلد» مع هاجر أشرف والتي بدأت العمل في مجال (النقاشة) منذ كانت في السابعة من عمرها، بسبب حبها للألوان والأعمال اليدوية التي أمضى والدها عمره فيها حتى أصبح (مقاول أعمال)، فكانت تقضي وقتا كبيرا في الجلوس معه بالعمل صامتة تشاهد كل ما يحدث حولها في أماكن العمل والمنازل حديثة البناء لتتعلم.
ترتيب هاجر صاحبة الـ 21 عاما هو الثالث بين أشقائها الخمسة، وعلى الرغم من انتصار عادات وتقاليد الصعيد لعدم عمل الفتاة في ظل وجود صبي، إلا أن هاجر بتشجيع ودعم والديها لم تكترث سوى لتحقيق شغفها والسير على خطى والدها.
"بحب مهنة بابا وحبيت أشتغل معاه وألازمه" كان هذا الدافع لهاجر ابنة محافظة المنيا لاختراق مجال شاع عنه أنه للرجال فقط، حتى أصبح لها عملاء ومعارف يطلبون منها تنفيذ الديكور النهائي لمنازلهم "بشطب أي مساحة لوحدي وأي حاجة تخطر على بالك حتى لو عمارة أو فيلا".
تعرضت هاجر صاحبة الصوت الرقيق والملامح الهادئة للكثير من الصعوبات، أبرزها حوادث مؤلمة عرضتها للموت، وتقول لـ «صدى البلد» أنه خلال عملها في شقة تقع في طابق مرتفع، في عام 2018، سقطت من الطابق الحادي عشر في حديقة المنزل، وتعرضت لحادث آخر أكثر مأساوية قبل 4 أعوام حيث قطع كف يدها بواسطة "الصاروخ" وأجرت عملية جراحية ناجحة.
"بشوف الموت لكن مقدرش أبطل شغل" هذا ما قالته هاجر عند سؤالها عن التفكير في التوقف عن العمل، رغم الآلام الجسدية التي عانت منها بعد العديد من الحوادث الأليمة، ففي رأيها كل إنسان يدفع ضريبة العمل الذي يحبه.
رغم جرأة هاجر للعمل في مجال «النقاشة» متحدية عادات المنيا ومحافظات الصعيد إلا أنها لم تلق من معارفها وزملاء العمل إلا المعاملة الحسنة، "كل اللي يعرفوني بيشجعوني"، فضلا عن اهتمامها بـ "كلام الناس الغريبة" على حد وصفها.
عملت هاجر في أكثر من محافظة مثل المنيا، محافظات الصعيد، القاهرة، الإسكندرية ومطروح، كل هذه التنقلات في كنف والدها، مقاول الأعمال، وتقول عن عملها أنها تعتبره أفضل من الدراسة الأكاديمية في هندسة الديكور، "أنا مهنتي بتعلم فيها جديد كل يوم والخبرة هي الأساس" كما قالت هاجر.
اختلاط هاجر بزملائها في العمل باعتبارهم جميعا رجال لا يشكل اختلافا، خاصة وأنها لا تتحدث أو تتعامل بشكل مباشر مع أي منهم إلا في حالة الإجابة على سؤال فقط، وتقول هاجر: "أنا برسم وبعمل خلفيات وأركب ورق حائط وثري دي وبعمل تحف وقطيفة".
تتميز هاجر بإشرافها على العمل بالكامل، ومنها اختيار وتنفيذ درجات الألوان يدويا، وتتمنى أن تمتلك مكتبا خاصا، ورسالتها لكل : "اشتغلي الحاجة اللي تبحبيها وكلام الناس مش مهم في سبيل تحقيق طموحك".
