الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد العطار يكتب: الوحدة ونبذ العنف

صدى البلد

إن الإسلام يدعو إلى الوحدة والألفة والمحبة حيث قال الله تبارك وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم ءايته لعلكم تهتدون)  سورة آل عمران.
 
فالإسلام يهدف إلى التجمع والوحدة في جميع فرائضه العملية وسننه الفعلية . فجميع أركان الإسلام بهيئتها وصورتها تدعو المسلمين إلى الجماعة والاتحاد.

فصلاة الجماعة مثلا خمس مرات في اليوم والليلة إلى قبلة واحدة خلف إمام واحد يتحرك الإمام فيتحركون يسكن الإمام فيسكنون ما هذا إلا تدريب على روح الجماعة . حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في رواية الإمام أحمد وأبو داود :- رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة . لماذا ؟ لكى يتحد المسلمون في كل حياتهم.

وكذلك أيضا الزكاة :- تؤخذ من الأغنياء وترد إلى الفقراء ليشعروا جميعا أنهم جسم واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى

وكذلك أيضا الصيام:- نرى المسلمين جميعا يصومون شهرا واحدا وهو رمضان يبتدئونه معا وينتهون منه معا يبتدئونه بالفجر حيث الإمساك للجميع ويهتمون نهاره بالمغرب حيث الإفطار للجميع 

وكذلك أيضا الحج :- نرى المسلمين يحجون إلى بقعة واحدة وهى مكة المكرمة ويكوفون حول بيت واحد وهو بيت الله الحرام . والإسلام الكريم ألغى العصبية القبلية فقال سبحانه ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) سورة الحجرات 

والحبيب صلى الله عليه وسلم أزال العصبية الجنسية فقال صلى الله عليه وسلم كما جاء عن الإمام أحمد والطبراني ( أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ) 

وذلك ليكون المسلمون جميعا إخوانا في الله لأن أصل الناس كلهم واحد ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) رواه أحمد والطبراني ..
وهكذا جميع أحكام الدين تدعو إلى التعاون والمؤاخاة ليكونوا أمة تخشى صولتها الأمم زمان الوحدة .

والناظر إلى حال الأمة في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتساءل ؟ كيف هزموا القياصرة الأكاسرة ؟ كل ذلك عندما كانوا أمة واحدة بالرغم من قلة عددهم وعدتهم . فقال الفاروق رضى الله عنه وأرضاه كما جاء عن ابن أبى شيبة وأبو نعيم والبيهقي :- إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله..

الوحدة :- يوم أن وقفوا يصدون السهام عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد ويقول أحدهم للنبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري ومسلم ((نحرى دون نحرك يا رسول الله ))

الوحدة :- هي التي جعلت عمرو بن الجموح رضى الله عنه وأرضاه يرفض أن يقعد عن الجهاد رغم أنه أعرج وليس عليه حرج ولكنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عن ابن المبارك في الجهاد (( أريد أن أطأ بعرجتي هذه الجنة يا رسول الله ))

الوحدة :- هي التي جعلت حنظلة ابن عامر غسيل الملائكة ينخلع من بين أحضان عروسه ويخرج جنبا من بيته دون أن يغتسل لينال شرف الصف الأول مع رسول الله فيموت شهيدا فتغسله ملائكة الله 

الوحدة :- هي التي جعلت أنس بن مالك رضى الله عنه وأرضاه يتمنى أن ينال الشهادة في غزوة أحد بعد أن شهد بدرا وضرب في جسده ثمانون ضربة فما عرفه أحد إلا أخته وعرفته من بنانه وذلك رواه مسلم والبخاري فنزل فيه قرآن يتلى إلى يوم القيامة (( من المؤمنين رجل صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) سورة الأحزاب ..

ونحن إذا تأملنا حالة المسلمين اليوم وجدناهم في حالة سيئة ووضع ذميم . فلقد تخلفوا عن ركب الحياة وأصبحوا في حالة عظيمة من الذل والاستبعاد ليس لهم كيان ولا لشخصياتهم وجود .

وأسباب ذلك مهما تعددت فإنها ترجع إلى سبب واحد ألا وهو التفكك .

فالمسلمون اليوم أكثر من مليار ونصف وذلك العدد ليس لغيرهم من الشعوب ويضاف إلى ذلك كرم المعدن ، خصوبة المنبت ، كمال الطبع ، حيوية الدين ، وهذه العوامل كلها إذا اجتمعت في أمة متحدة متماسكة ستملك الدنيا بما فيها . لماذا لم يتحد المسلمون أجمع في كل بقعة من بقاع الأرض لنصرة المظلومين الضعفاء واسترجاع المقدسات ولنشر الخير والوئام في كل ربوع الأرض ليحيا المسلمون حياة العزة والشرف والكرامة مرة أخرى ولنعيد لمصرنا مجدها وعزها وكبريائها . 

ولكن للأسف الشديد صدق فينا قول النبي في الحديث الذي رواه أبو داود وأحمد ( يوشك الأمم أن تدعى عليكم كما تدعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل :- ومن قلة نحن يومئذ ؟ 

قال:- بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم . وليقذفن الله في قلوبكم الوهن  فقال قائل :- يا رسول الله وما الوهن ؟ فقال :- حب الدنيا وكراهية الموت ..

أصبح الاختلاف والتفرق بسبب حبنا للدنيا والانغماس فيها ونسينا الآخرة . 

فلقد تنكب المسلمون الطريق السوي وانحرفوا عن الطريق المستقيم بل تمكن الشقاق من قلوبهم ودب الاختلاف بين صفوفهم فانقسمت وحدتهم وتفرقت جماعتهم وتعددت مذاهبهم وكثرت أحزابهم لا يعرف الإنسان منهم إلا منافعه الشخصية ولا يقدر إلا مصالحه الشخصية إلا من رحم الله . لم يقف الاختلاف فيهم عند دنياهم بل تعدى الاختلاف حتى في دين الله وأصبحنا نرى الدين كالدنيا (( فذرهم في غمرتهم حتي حين )) الكل فرح بمذهبه وحزبه فأين جماعة المسلمين ؟ 

نحن أمة واحدة لسنا أحزابا ، لسنا شيعا ، فلماذا تنقسمون وأنتم مسلمون ؟ لماذا كل هذه الأحزاب والمذاهب ؟ لماذا كل هذه الطرق والمسميات ؟ والله سبحانه سمانا مسلمين فقال (( هو سماكم المسلمين من قبل )) سورة الحج .

المشرع سبحانه سمانا مسلمين فلماذا كل هذه المسميات ؟ لماذا هذه التفرقة ؟ 

هل كانت هذه التفرقة وهذه المسميات يوم أن انتصر المسلمون في بدر ؟ 

هل كانت هذه التفرقة وهذه المسميات يوم أن انتصر المسلمون على التتار؟ 

النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف سوى الإسلام كان ينفر من الفرقة ويدعوا إلى الوحدة والاعتصام 
ونحن في مثل هذه الأيام في أمس الحاجة إلى الوحدة والاعتصام ونبذ الفرقة .

هيا بنا نضع أيدينا في أيدى بعض ، تعالوا بنا نبنى وننهض ببلدنا ، تعالوا بنا نعيد مقدساتنا من أيدى أعدائنا ، تعالوا بنا لنعيد لمصر عزها ومجدها وعظمتها وكبريائها مرة أخرى ، تعالوا بنا لنعيش حياة العزة والشرف والكرامة مرة أخرى . 

تعالوا بنا نسأل العلى القدير أن يحفظ مصرنا وأن لمصرنا أمنها واستقرارها اللهم أعد لمصر أمنها واستقرارها اللهم أعد لمصر أمنها واستقرارها اللهم جنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن . 

اللهم اجعلها قبلة للإسلام والمسلمين . اللهم أرفع عنا ما نحن فيه . اللهم ارفع عنا البلاء والوباء. 

اللهم احفظ مصر وأهلها من كل مكروه وسوء. اللهم احفظ جيشها ورجالها ونسائها وشبابها وأطفالها وأزهرها وشيوخها وعلمائها وحفظة كتاب ربها. 

اللهم رد أهلها إليك مردا جميلا اللهم اجعلهم على الإسلام ثابتين وعلى الصلاة محافظين وللزكاة فاعلين وبقضائك راضين برحمتك يا أرحم الراحمين. 

وصلى اللهم وسلم وزد وبارك على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين.