الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد داود يكتب: اللغة وكورونا

صدى البلد


اللغة مرآة المجتمع، تعكس  ما فيه من سمات ومزايا، وتكشف ما فيه من أسرار وخبايا، ويعبر  المنحنى اللغوى عن  صعود المجتمع ورقيه أو هبوطه وسقوطه، كما أنها كاشفة عن مواطن الخطر ونقاط الضعف، وهى كذلك هاتف إنذار تحذر وتنبه.


ومن خلال التباين اللغوي بين مجتمع وآخر، يمكن الوقوف على قدرة المجتمع وقوته أو ضعفه وهوانه فى مواجهة الكوارث والأوبئة والأزمات؛ فاللغة تُعد مقياسا دقيقا وصادقا لمستوى النجاح أو الفشل فى التعامل مع الأزمات والأوبئة.


ومن خلال اللغة، يمكن الوقوف على حجم التغير فى الحياة، بسبب الأحداث الكبرى (علميا، وثقافيا، واجتماعيا، وسياسيا، واقتصاديا، وأخلاقيا)،
فاللغة دائما فى قلب الحدث شاهد لا يغيب، تُجلى الحقائق ويكشف الأسرار.


والعلاقة بين المجتمع وما فيه من أحداث واللغة علاقة جدلية تفاعلية، كلاهما يؤثر فى الآخر، فالأحداث الكبرى والأزمات الخطيرة، والأوبئة العالمية لها أثر بالغ فى تطور اللغة واستحداث تعبيرات ودلالات جديدة، أو إحياء تعبيرات أخرى واستدعائها.


ومنذ عدة أشهر  هجم على العالم خطر عظيم يهدد حياة البشر جميعا.


صنفته وزارة الصحة العالمية بوصفه وباءً عالميا، ومع تزايد حالات الإصابة والوفيات يوميا على مستوى العالم، كانت اللغة فى قلب المشهد، من خلال أصوات تحذر من خطورة الوباء، وأصوات أخرى تنادى بأهمية الوقاية من الوباء، وأخرى مرشدة إلى سبل الوقاية، وأخرى محفزة على إيقاف كل العادات والسلوكيات التى تعرض الناس للعدوى.


وكل هذه الأصوات استخدمت اللغة لإيصال وسائلها، فاستدعت مصطلحات وتعبيرات أحيتها، وصاغت تعبيرات أخرى جديدة للتعبير عن كل ما استحدثه  فيروس كورونا، وشاعت هذه الكلمات والتعبيرات  عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى.


لقد خلقت الأزمة واقعا جديدا لعبت اللغة فيه دورا  فعالا، حيث فرض وباء كورونا مصطلحات وتعبيرات غير مألوفة فى مختلف مجالات الحياة،
بل امتدت لتشمل سياقات متنوعة وعديدة (سياسية، اجتماعية، اقتصادية، تكنولوجية، ودينية) حتى أصبح عندنا ما يمكن أن يطلق عليه "المعجم اللغوى لفيروس كورونا" مثل الكلمات "وباء، جائحة، تفشى، لقاح، حجر صحى، حجر ذاتي، عزل، سياسية الاحتواء، إغلاق، أعراض العدوى، بؤرة الوباء، مناعة القطيع، المخالطون، فترة حضانة  الفيروس، الجيش الأبيض، تباعد اجتماعى، تباعد جسدى، مسافة آمنة، ضربة الكوع، مصافحة الكوع، تحية الأقدام، إجراءات احترازية، تدابير احترازية، مسحة (بلعومية – أنفية)، التعليم عن بعد، الإدارة عن بعد، منصة رقمية / زووم، زمن كورونا، جيل كورونا".