يعد صلاح الدين الأيوبي أحد القادة المسلمين الذي حفر سمه بنور في قلوب الأمة العربية لقرون من بعده، حيث كان رجل حرب وسلام وبطل مغوار في مواجهة الصليبيين وتمكنه من استرجاع بيت المقدس تحت حكم المسلمين مرة آخرى في أعقاب معركة حطين الملحمية.
مثل وضع يد صلاح الدين على بيت المقدس ضربة موجعة للغرب، لذا انطلقت نداءات الاستغاثة في أوروبا ليستجيب له كل من "ملك نجلترا، وامبراطور ألمانيا، وملك فرنسا" ليشكلوا قوة ضاربة في مواجهة صلاح الدين الأيوبي، إلا أن الأقدر ساقت له بعض المساعدات لعل على رأسها تعرض امبراطور المانيا لأزمات متتالية في طريقه إلى القدس وانتهت بوفاته دون الوصول إلى مبتغاه والمشاركة في حصار الأيوبي.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وقعت أزمة كبرى بين ملك نجلترا ريتشارد قلب الأسد وفيليب الثاني ملك فرنسا، انسحب الأخير على آثرها من المعركة وبات ريتشارد وحيدا دون مساعدة من فرنسا او المانيا.
خلال فترة بقاء ريتشارد في بلاد الشام ومحاصرا لـ"عكا" وقعت الكثير من المعارك التي جمعته وصلاح الديني لأيوبي وادرك ريتشارد أن حظوظه في هزيمة الايوبي ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها.
الهزائم المتتالية التي بلي بها ريتشارد قلب الاسد على يد صلاح الدين الايوبي جعلت الازمات تنشب داخل صفوف الجيوش الصليبية مما اضطر ريتشارد إلى البحث عن مخرج ىخر لمعالجة الموقف الذي لايبشر بأي نتيجة إيجابية، وعلى الفور لجأ إلى عقد هدنة عرفت باسم "صلح الرملة".
تم وضع بنود الهدنة بعد مشاورات طويلة وكثيرة وانتهت على أن تكون الهدنة عامة في البر والبحر، ومدتها ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، بجانب ضرورة تخلى الجيوش الصليبية لصلاح الدين عن عدة مناطق هامة على رأسها "عسقلان، وغزة، ودير البلح"، على أن يحتفظ الصليبين بالساحل بداية من صور وصولا إلىى يافا.
كما ضمنت معاهدة الرملة الحق للنصارى في زيارة الأماكن المقدسة دون أن يؤدوا ضرائب للمسلمين، وأن تكون لهم السيادة على الأماكن المسيحية، وان تكون مدينة الرملة واللد مناصفة بين المسلمين والصليبيين.
ومثلت تلك الهدنة بداية لحالة من الهدوء والتعايش بين الصليبين من جهة والمسلمون من جهة، وتوقفت الحروب والمعارك التي راح ضحيتها الآلاف على مر السنين بما يحمل التاريخ من محاولات عدة للسيطرة على بيت المقدس من المسلمون والصليبيون