الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مغامرة عثمانية جديدة.. لماذا يعوي أردوغان على خط النار بين أرمينيا وأذربيجان؟

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

منذ تجدد الصراع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناجورنو كاراباخ قبل أسبوعين، شذت تركيا في موقفها عن المجتمع الدولي كالعادة.




وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، دعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، بل وحتى إيران، إلى وقف إطلاق النار بين البلدين، وحدها تركيا أعربت عن دعمها غير المشروط لأذربيجان، زاعمة أن وقف إطلاق النار سيكون بلا جدوى دون حل دائم. وقالت الحكومة التركية في بيان إنها ستدعم أذربيجان بشكل غير محدود وستقف بجانبها بأي طريقة تريدها.


وعلقت المجلة بأن هذا الموقف التركي يعكس المبادئ الجديدة لسياسة أنقرة الخارجية، والقائمة على فقدان الثقة في الدبلوماسية الدولية، والميل إلى التورط المباشر في الصراعات الإقليمية بغية اكتساب الأهمية والتأثير، واستثمارها في الوقت ذاته في اكتساب شعبية محلية.


ويمكن تفسير الموقف التركي من قضية إقليم ناجورنو كاراباخ مبدئيًا بعلاقات الهوية والعاطفة التي تربط تركيا وأذربيجان، فالبلدان يتحدثان لغتين قريبتين للغاية من بعضهما، ويعتبران نفسيهما جزءًا من عائلة تركية أوسع تمتد على طول الطريق حتى آسيا الوسطى.


وهناك ثانيًا التعاون الاقتصادي والعسكري طويل الأمد بين تركيا وأذربيجان؛ حيث لعبت أنقرة دورًا أساسيًا في تحديث الجيش الأذري وتزويده بالمستشارين وبرامج التدريب ومعدات استراتيجية مثل الطائرات بدون طيار، وبدا أثر هذا التعاون واضحًا خلال الجولة الأخيرة من المواجهات بين الجيشين الأرمني والأذري، والتي تحسن فيها أداء الأخير بشكل ملحوظ عن الجولات السابقة.


وسلطت المجلة الضوء على 3 عوامل ساهمت أكثر من غيرها في تبني تركيا سياسة خارجية أكثر ميلًا للانخراط في النزاعات الإقليمية.


يتعلق أول هذه العوامل بالنظام الدولي، حيث استثمرت تركيا ميلًا متزايدًا لدى الولايات المتحدة للانسحاب من التزاماتها الدولية الخاصة بتأمين استقرار مناطق حيوية من العالم، والذي خلق فراغًا في القوة في المناطق المتاخمة للاتحاد الأوروبي كان يجدر بالأخير التحرك لملئه، لكن أنقرة استغلت انهماك الاتحاد الأوروبي في علاج انقسامات بين الدول الأعضاء به وتقدمت لتوجيه دفة الصراعات الإقليمية القريبة منها لمصلحتها.


والعامل الثاني هو الأيديولوجيا المحركة لحزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمستندة إلى طموح غير عقلاني لإحياء الماضي الاستعماري لعهد الإمبراطورية العثمانية، على الأقل من خلال ممارسة النفوذ والتأثير على المحيط الإقليمي.


أما العامل الثالث فهو شعور متنامٍ بالعداء تجاه الغرب في تركيا، مدفوع بالرفض الطويل في الاتحاد الأوروبي لانضمام تركيا، ودعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، الحليفة لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة باعتباره منظمة إرهابية، وانتقاد الغرب المستمر لسجل السلطات التركية الحقوقي، لا سيما بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016.


يبقى بعد ذلك السؤال المشروع حول ما إذا كان الاقتصاد التركي يتحمل خوض مغامرة عسكرية خارجية جديدة في القوقاز، بجانب المغامرات القائمة بالفعل في سوريا وليبيا، ولا سيما في الوقت الذي لا يزال فيه اقتصاد البلاد تحت الضغط بسبب صدمة فيروس كورونا وغياب الإصلاحات لمعالجة الاختلالات الهيكلية طويلة الأمد.


مع ذلك، فإن السؤال عما إذا كان هذا الأداء الاقتصادي الهزيل سيدفع أردوغان إلى إعادة النظر في سياسته الخارجية التدخلية ربما يكون سؤالًا خاطئًا أو ساذجًا، فكما أظهرت المغامرات العسكرية في سوريا وليبيا، والآن في ناجورنو كاراباخ، من المستبعد أن يشكل الاقتصاد قيدًا على تحركات أردوغان الدولية.