الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وزير الماء والهواء


ما أنت أعمى إنما نحن جوقة العميان رثاء نزار قباني في قاهر الظلام رائد التنوير والحداثة واحد قادة النهضة الفكرية في مصر شخصية استثنائية متمردة تمرد علي انطفاء مصابيح نظره بعقله الذي كان نبراسًا يضيء طريقا زداه فيه القوة والعزيمة ومن عتمة الظلام جاء التحدي وارادة لاتعرف الفشل وكفاح حثيث وبعزيمة لا تقهر هو د.طه حسين.


استطاع ان يطرق باب المسكوت عنه ويحرك المياه الراكدة  في مساحات من الوعي ومسلمات لم يكن لاحد ان يجرؤ علي الاقتراب منها.

 

بدأ طه حسين حياته متمردا علي أحلام الأهل الذي كان حفظه للقرآن هو مبلغ آمالهم واذ هو يتمرد محلقا في الآفاق الرحبة متجاوزا أحلامهم فانتقل للقاهرة للدراسة في الأزهر وما هي إلا سنوات قليلة لم تتعد الاربعة اعوام وصفها وكأنها أربعون عامًا لرتابة الدراسة وعقم المنهج وأساليب التدريس حتى سئم طه حسين الدراسة الأزهرية والأزهريين.


ولم يعد يطيق المكوثَ فيه فهو المفكر الذي يعتمد علي إعمال العقل ببراهين استنتاجية وليس بالتلقين كما كان عليه حال الدراسات الأزهرية في ذلك الوقت فكانت مجادلاته التي تنبأ بعبقرية فريدة بمثابة معارك بين التجديد والتقليد واصبح المعمم الكفيف مصدر سخرية ونقد من اقرانه وأساتذته الذين لقبونه بالأعمي. 


فغادره مغضوبا عليه ومطردوا ملتحقا بالجامعة الأهلية ونال الدكتوراة منها أوفدته الجامعة في نفس العام الي فرنسا وفصل اخر اكثرا تمردا فدرس في جامعاتها العلوم الإنسانية  علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وحصل علي الدكتوراة في الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون إضافة إلى حصوله علي دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني  بدرجة الامتياز والتقي هناك رفيقة كفاحه الفرنسية سوزان بريسو التي كان لها اكبر اثر في حياته وكانت النافذة التي يطل منها علي العالم.


وعاد طه حسين إلى مصر متشبعا بالمناهج العلمية الحديثة التي تلقاها من الأساتذة والمستشرقين ومتمردا على أساليب التعليم في مصر خاصة الأزهري وجاء كتابه في الشعر الجاهلي محدثا حراك فكريا  فقد تجرأ على تحريك الساكن الثقافي وكسر التقاليد الجامدة وأشرف علي مساحات كانت من المحظورات في محاولة منه لإرساء منهج نقدي جديد في التعامل مع كل ما يختص بالتراث.


ومنطقة بين تجاوز الخطوط الحمراء والحداثة خاض  فيها  طه حسين  معارك ضارية مدافعا عن رسالة التجديد والتنوير ليثير ضجة في الأوساط الفكرية والدينية اتسمت بطابع الشراسة  فانتقلت المساجلات من  ساحة  الفكر لتغدو صراعًا سياسيًا وعقائديًا  وفلسفيًا ومواجهة بين التراث والمعاصرة وتمت مصادرة الكتاب. 


ودفع طه حسين ثمن اعادة صياغته الوعي العربي المعاصر وتحديد ملامحه وكانت ضريبة قناعاته الفكرية ونضاله التنويري المستند علي البحث والتحليل باهظة و لم تقف عند حد المساجلة الأدبية والفكرية بل انتقلت إلى أروقة المحاكم والعزل من المنصب والتنمر والحصار بالمنزل ومحاولة الاعتداء الجسدي والطعن في وطنيته فلم تكن تهدا عاصفة حتي تثور اخري. 


طه حسين رائد التنوير والتجديد حمل منارة العلم والمعرفة وآمن  بأهمية التعليم الذي وصفه بالماء والهواء فدعا الي إقرار مجانية التعليم كما انشا جامعتي الإسكندرية وعين شمس ووضع نواة جامعة أسيوط، وشرع لجمع تبرعات لإنشاء جامعة المنصورة لذلك لقب بابو الجامعات.


حياته اشبه بالملحمة الكبري تحول من رمز الي اسطورة ومسيرة خالدة متوهجة مازلنا نتحسس خطاها التحية لروح صاحب حديث الأربعاء الذي سرعان ما صار حديث العامة والخاصة الذي ترك لنا ثراثا ثريا ادبيا وصاخبا فكريا نعيش اصداؤه حتي يومنا هذا .


 دطه حسين وان خبا ضياء عينيه الا ان بصيرته قد أضاءت لنا ظلام جنبات الثقافة العربية واتساءل هنا في ظل التراجعات الفكرية والتعصب الذي  تتسم به هذة  المرحلة المتوترة من التاريخ العربي المعاصر ماذا لو ظهر د طه حسين اخر في هذة المرحلة المازومة ماذا كنا فاعلين . 



المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط