الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة «1»


كل الدراسات التى قرأتها فى عالم السياسة تؤكد أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة ولا يمكن فصل أحدهما عن الأخر، كما أن هذان الوجهان يشكلا دائما نوعا من الاتساق الشديد ومواقف برجماتية بحتة بعيدا عن العواطف والخيال، وعالم السياسة هو عالم مليء بالصراعات الشديدة لا يوجد فيه عواطف ولا يوجد فيه استثناءات إنسانية عند أغلب الساسة، وقد يكون الأمر مفهوما لأنه مرتبط بالمصلحة العامة للمؤسسات السياسية ولا يمكن تطبيق المفهوم العاطفي حينما يرتبط الأمر بمصلحة العامة على حساب الخاصة والمجموع على حساب الفرد.

وبالتالي في السياسة نوع من الصراع الداخلى والخارجى لتطبيق المصلحة العامة، ومن وجهة نظري على الأقل ــ  أن الاقتصاد العام هو الهدف الرئيسى والمهم من استخدام السياسة وتنفيذ استراتيجياتها، فالدول قبل الأفراد تسعى للوصول إلى رخاء اقتصادي وازدهار استثماري مستخدمة حقيبة السياسات للوصول إلى ما يسمى بعملية التنمية والتخطيط للمستقبل، والحفاظ على حق الأجيال القادمة والحالية فى الحياة وإيجاد كل ما هو جديد من طرق تقود إلى بناء الدول والأفراد، الخلاصة من هذا الكلام أن السياسة مدخل رئيسي للاقتصاد، واعتقادي ومذهبى أنها ليس المدخل الوحيد ويمكن الاستغناء عنها مقابل التنمية والبناء.

وتظهر مجموعة من التساؤلات المنطقية والمحفزة لخلايا العقل والضمير، وتكمن فى عدة تساؤلات متتابعة وسريعة .. هل السياسة أولا أم الإقتصاد؟، وهل يمكن الاستغناء عن السياسة للوصول الى الإذدهار الإقتصادى؟، وكيف نعالج مفاهيم السياسة الخطأ أو القديمة التى لا يمكن إستخدامها أو استحداثها فى زمننا الراهن؟، وهل تستطيع القوى السياسية تحقيق تنمية في الوقت الراهن؟.

هذه التساؤلات منطقية وإجاباتها جميعا بالنسبة لى وحدى دون غيرى، تتلخص فى أن الهدف أهم من الوسيلة باستثناء الوسائل الغير مشروعة، النظرية الميكافيلية ليست نظريتي ولا طريقتى ولا هدفى، ولكن القصد من هذا الكلام أن السياسة إذا كانت لها نتائج إيجابية على المدى الطويل، فقد يكون الإستغناء عنها أهم بكثير لأن النتيجة المطلوبة تظهر سريعا وخاصة أن المعارك السياسية من وجهة نظرى دائما ما تكون نتيجتها صفرية، حينما يكون القصد منها المصلحة السياسية للمجموعات أو الأحزاب أو الجماعات أو الأفراد دون مصلحة الوطن الحقيقية والمطلوبة.
بمعنى أكثر توضيحا وإيجاز أن التنمية حينما تُرسم خرائطها لا يجب أن يتدخل فيها ما يسمى بـ المتفلسفين من الساسة، فهؤلاء الأشخاص ما رأيتهم إلا ناكرين للفعل ورد الفعل غير مطمئنين بالمرة لأي فعل أو قرار، ودائما ما يضعون نصب أعينهم نظرية المؤامرة، فإذا شُق طريق جديد قد يبررون إنشاء هذا الطريق بأنه أنشأ من أجل مجموعة من رجال الأعمال بنوا قصورا فى أخر الطريق ولهذا تم إنشائه، وإذا تم تطبيق منظومة جديدة فى الصحة أو التعليم أو النقل مثلا، فالمتفلسفين دائما ما يوجهون إلى تلك المنظومات النقد دون داع ودون خبرة ودون حيادية.
وكأن النقد والمعارضة من أجل المعارضة هى عنوان السياسة، فإذا كانت السياسة بهذا الشكل فياليتها تسقط فى بئر عميق لا تخرج منه أبدا لأنها تكون بهذا الشكل والمضمون دون فائدة ودون جدوى، والأكثر من هذا أنها تصبح أحد عراقيل التنمية والبناء والإقتصاد .. إذا هل يمكن الإستغناء عن السياسة مقابل التنمية الإقتصادية؟، الإجابة نعم، لأن البناء يحتاج الى الهدوء للوصول الى عمق التفكير وإيجاد آليات البناء والتنمية.
ويوجد نموذج قوى يحتذى به فى الأمر ذاته حيث طبق مبدأ أن الإقتصاد أهم بكثير من المهاترات السياسة كان مبدأه أن الفعل أهم من الكلام فقط، هذا النموذج هو "بناء دولة الإمارات الشقيقة"، على يد الشيخ زايد رحمه الله، فالإمارات في بداية الستينات من القرن الماضى لم يكن لديها موارد اقتصادية كبيرة بالقدر الذى ينبئ بالكيان الموجود فى الوقت الحالى، ولكن الشيخ زايد كان يهتم بالمشاريع والبناء والتنمية والإستثمار فى الأموال والقوى البشرية، وإيجاد فرص اقتصادية موازية وبديلة للفرص الأساسية، وكان صاحب مبدأ أن الاقتصاد أهم من السياسة، ولهذا نجد أن الإمارات العربية الشقيقة أصبحت قوة لا يستهان بها فى المنطقة بل أصبحت مصدرا للعلوم والثقافة والآداب والفنون، ولها بصمات إيجابية عديدة وعديدة داخل كل دول العالم تقريبا، بالإضافة إلى البنية التحتية القوية المرتبطة بالتكنولوجيا والحلول الذكية.

الإمارات العربية نموذجا يجب أن يُدرس داخل علوم التنمية والاقتصاد الدولي، ولهذا يجب أن ندعم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قراراته الاقتصادية المستمرة والتى تُنبأ ببناء دولة حديثة لها طابع سيادي قوى فى الداخل والخارج، كما أن الرئيس السيسي يتبنى فكرة بناء دولة عظمى بسواعد وجهود وعرق ومثابرة أبنائها المخلصين الذين يريدون لهذه الدولة أن تصل الى مكانتها الحقيقية، فمصر هى العروبة وقلب الوطن العربى وكيان الأمة الإسلامية، وعماد الدول فى منطقة الشرق الأوسط، إذا قامت واعتدلت وقويت قامت المنطقة بالكامل وإذا سقطت "ولن يحدث" سقطت المنطقة كلها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط