الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم عمران يكتب: الطلاق وتزايد معدلاته

صدى البلد

هل أصبحت  مصر الأولى عالميا فى نسب الطلاق؟ البيانات والإحصائيات الرسمية تؤكد ذلك، بعد أن تزايدت دعاوى الخلع رغم أن النساء يدفعن فواتير الطلاق مضاعفة؟ وبحسب تقارير  رسمية.

يتردد نحو مليون حالة طلاق سنويا على محاكم الأسرة، وتقع 240 حالة طلاق يوميا بمعدل عشر حالات طلاق كل ساعة، كما بلغ إجمالى عدد حالات الخلع، والطلاق عام 2015 ربع مليون حالة، بزيادة 89 ألف حالة عن عام 2014.

وأضاف التقرير أن مصر احتلت المرتبة الأولى عالميا، بعد أن ارتفعت نسب الطلاق من 7% إلى 40% خلال الخمسين عاما الأخيرة، ووصل عدد المطلقات إلى ثلاثة ملايين. وكشف التقرير أن أبرز أسباب الانفصال - كما رصدتها محاكم الأسرة من أقوال الأزواج والزوجات - هى عدم التوافق بين الزوجين، وعدم الإنجاب، وعدم إنفاق الزوج على الأسرة، والاعتداءات الجسدية أو الخيانة الزوجية، وصغر سن الزوجين، فضلا عن نقص الوعي، وإدمان المخدرات، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي. وسوء الاختيار، وقلة الوعى الاجتماعى لدى الأفراد، وتراجع منظومة القيم الأخلاقية، وضعف الوازع الدينى يعد أبرز أسباب ارتفاع نسبة الطلاق سنويا، بشكل أصبح معه ظاهرة تهدد استقرار المجتمع.

الأصل  فى مؤسسة الأسرة التماسك والانسجام، وعدم وجود ما يعكر صفو هذا التماسك والانسجام داخل مؤسسة الأسرة، لا سيما وهى المؤسسة الأولى التى تنتج للمجتمع أفرادا فاعلين فى شتى جوانب الحياة فإذا سمحت الأسرة بدخول عوامل وأسباب من شأنها أن تقوم على تفكيك هذا الرابط الأسري، وهى كثيرة.

يأتى على رأسها عدم الفهم الواعى لطبيعة العلاقة بين الزوجين داخل الأسرة، فالأصل بين الرجل والمرأة أنهما شقان متكاملان وليسا ندين متصارعين، وعقد الزواج سماه الله الميثاق الغليظ: (يَا أَيُّهَا  الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا  وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ
مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)، مما يؤكد أن عقد الزواج هو من أشرف العقود عند الله سبحانه وتعالى، فينبغى عدم السماح لأى سبب دخيل يفسد هذه العلاقة بين الزوجين مما يترتب عليه مما نراه فى المحاكم من قضايا الخلع المنتشرة الآن. ومن الأسباب أيضا، عوامل الإفساد الإلكترونية بين الزوجين، من خلال الشبكات التى تسمى التواصل الاجتماعي، وإن كانت فى جوهرها تحمل إفسادا لمن لا يحسن استخدامها، وسوء الأوضاع المعيشية والفقر والجهل، التى تؤثر سلبيا فى الأسرة، ومن هنا تأتى الكراهية بين أفرادها وخاصة بين الزوجين، فتلجأ الزوجة لطلب الخلع فى المحكمة لإحساسها بالظلم، وانعدم الثقة بين الزوجين، وربما يتولد عن ذلك أن يكون الزوج عنيفا نتيجة هذه الضغوط مع زوجته.

الإسلام اهتم ببناء الأسرة المصرية على أساس دينى صحيح، ولابد أن نعود إلى ديننا، الذى نظم لنا سبل السعادة حتى من خلال تكوين الأسرة ونشأتها، فالإسلام أقام الأسرة على أساس قوى ومتين، ووضع النظم والأساليب، فقال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ونسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وليس معناه أن الإسلام يلفظ الجمال أو المال أو الحسب ولكن إذا قامت العلاقة على أساس الدين والتنشئة الدينية للزوجة فهذا هو المعيار الأول، فإذا نشأت العلاقة من خلال هذا الإطار أثمرت عن زوجة صالحة وأسرة ناجحة وسعادة تدوم لا تشوبها شائبة ولا يعكر صفوها أى شىء، ونفس الأمر يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه) فإذا كان هذا هو المعيار فى الزوج والزوجة، لابد أننا نصل إلى نتائج مرضية، أما العلاقات الأسرية إذا قامت على خلاف هذا، فإنها محكوم عليها بالفشل لا محالة، ولا تدوم طويلا، فنرى زوجا سيئ الخلق، لا يقيم للحياة الأسرية وزنًا، ونرى زوجة غير مهيأة لبناء لبنات المجتمع، لأن الاختيار أولا لم يكن على أساس دينى سليم، ولن يصلح أمرنا إلا بما صلح به أمر أولنا. فالأولون كانوا يدققون طويلا فى تأسيس الأسرة فيحسنون الاختيار، وكان الشافعى رضى الله عنه يقول، (لا تزوج ابنتك إلا لتقي، فإنه إن أحبها أكرمها.. وإن كرهها لم يظلمها)، فما أحوجنا إلى أن نصحح خطواتنا، ولا ضير إذا ارتفعت الأصوات بأن نعود إلى أساس اختيار الدين فى تكوين الأسر. كما ننصح المرأة التى تقبل على دعوى الخلع، بأن تصبر فهذا
أفضل لها حماية لأبنائها والأسرة بأكملها من الفشل والانهيار، فإن صبرت ورضيت وحافظت على أسرتها كان ذلك خيرا لها، وربنا يقول: (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.