الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في اليوم العالمي للغة العربية .. علي جمعة: اللغة هي الأداة الأساسية للتفاهم

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن اللغة لها وظيفتان: الوظيفة الأولى: هي الأداء، وفيه يعبر المتكلم عما في ذهنه من معان بألفاظ لها دلالة متفق عليها بين أهل اللغة الواحدة؛ حيث وضعت هذه الألفاظ مقابل هذه المعاني، وواضع ذلك عند بعضهم هو الله قال سبحانه: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا) ، وعند آخرين هم البشر، وفريق ثالث يرى أن أصول اللغات وقوانينها من عند الله، وأن الألفاظ المولدة من وضع البشر، وليس هذا مهمًا الآن، ولكن المهم أن الوضع بمعنى جعل الألفاظ بإزاء المعاني أمر لا بد منه حتى يتم التفاهم بين البشر، وذلك أن المتكلم يقوم بنقل المعاني التي قامت في ذهنه إلى السامع الذي يحمل هذه الألفاظ على مقابلها من المعاني التي سبق للواضع أن تواضع عليها، وبذلك الحمل من السامع تتم الوظيفة الثانية للغة، وهي وظيفة التلقي.

وأضاف جمعة عبر الفيسبوك: تحصل عندنا ثلاث عمليات: الأولى الوضع، والثانية الاستعمال، والثالثة الحمل، حتى قال علماء أصول الفقه: إن الاستعمال من صفات المتكلم، والحمل من صفات السامع، والوضع قبلهما، ويرى بعض الناس من مدارس ما بعد الحداثة أن عملية الوضع ينبغي أن تكون مرنة لا تتقيد بالموروث، ولا يقتصر هذا المفهوم على اتساع اللغة طبقًا لزيادة مساحة عالم الأشياء، والأشخاص، والأحداث، والأفكار، والنظم، وهو الاتساع المتفق عليه نظرًا وعملًا. بل مقصودهم تغيير دلالات الألفاظ بحيث تزداد مساحة الحرية الفكرية، وترى بعض المدارس المتطرفة من مدارس ما بعد الحداثة أن هناك خمسة أشياء يجب أن تزول حتى يستطيع الفكر البشري أن يبدع، وأن ينطلق بدون أي عائق وهذه الخمسة هي: الثقافة، والدين، والأسرة، والدولة، واللغة.

وأكمل: رفع سلطان الثقافة السائدة أمر سيؤدي إلى الاتجاه نحو (النسبية المطلقة) التي تدعو هذه المدارس الفكرية لتبنيها، والتحرر من سلطان الدين قد تم من قبل في الحضارة الغربية، والأسرة أصبحت تطلق عندهم على أي اثنين، فلم يعد المعنى زوج، وزوجة، وابن، وابنة، أب، أم، عائلة. نفس المعاني التي ورثناها عمن قبلنا، ويعدون هذا من المعاني المعجمية أي التي وجدناها في المعجم اللغوي، ومن هذا المدخل أصبح الشذوذ الجنسي -الذي لعن عند عقلاء البشر دع عنك الأديان كلها- من حقوق الإنسان.

وتابع جمعة: ورفع سلطان الدولة وأن يستبدل بها الجمعيات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني يحتاج إلى تغيير النظام القانوني والاجتماعي، بل قوانين الفكر والنموذج المعرفي والإطار المرجعي.

أما إنهاء سلطان اللغة فهو أمر مفزع حقًا ويحضرني نقل من كتاب الأستاذ شريف الشوباشي (لتحيا اللغة العربية) حيث يقول في ص 24 ما نصه: (وبالإضافة إلى دورها الأساسي كوسيلة وحيدة لحفظ التراث وانتقاله عبر الأجيال، فإن اللغة هي أحد أهم العناصر المكونة للحضارة وللهوية الإنسانية في كل مكان. وأول اتصال بين الإنسان وآخر يتم عن طريق اللغة. ويحتاج الزعماء ورجال السياسة والاقتصاد إلى مترجمين للتفاهم. ولولا هؤلاء المترجمون الذين يجيدون أكثر من لغة لكان التفاهم صعبًا للغاية إن لم يكن مستحيلًا.

وأكد أن اللغة هي الأداة الأساسية للتفاهم. لكنها أيضا الوعاء الذي يتبلور فيه فكر الإنسان ورؤيته للحياة. وبالتالي فإن اللغة هي العنصر المشكل للثقافة وللفكر والفلسفة والآداب) وهو يؤكد ما نعتقده في شأن اللغة.

واختتم الدكتور علي جمعة أن عند هؤلاء الحداثيين وظيفة اللغة هي التلقي فقط، ومعنى هذا أن السامع يحمل الكلام على ما يشاء من معنى بغض النظر عن مراد المتكلم من كلامه، وبذلك يفتح باب التأويل من غير ضابط ولا رابط، ونصل إلى النسبية المطلقة؛ حيث يفهم كل سامع ما يشاء أن يفهم ولا ينظر إلى حمل الكلام على ما وضع له، ولا إلى حمله على مراد المتكلم.