الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكاء العقل في مخاطبة مخاوفنا وآلامنا


 

 

قادتني الصدفة في في أول أيام العام لمشاهدة الفيلم الوثائقي Heal أي التعافي أو الشفاء وذلك على منصة نيتفليكس Netflix ومن منا لا يفكر فيالمرض والصحة والتعافي وقد بدأنا عقد جديد من القرن الحادي والعشرين مع وباء فيروس كورونا وربما هذا سبب مشاهدتي له وقد ألهمني بكثير منالأفكار التي بالفعل تشغلني منذ فترة.

الفيلم الوثائقي Heal من انتاج عام ٢٠١٧ ولو كنت شاهدته في نفس عام إنتاجه لكان ربما مر مرور الكرام أو كان له تفسيرات مختلفة تمامًا فيسياق أسلوب حياتيولكن مشاهدتي لهذا الفيلم الوثائقي ونحن نمر بأزمة وباء فيروس كورونا وكل مشاعر القلق والتوتر التي تصحابها هذه الأزمةالعالمية كان له وقع مختلف علي.

الفيلم من إنتاج المنتجة والكاتبة كيلي نونان جورز Kelly Noonan Gores وتم طرحة من قبل شركة The Orhard والتي تمتلكها شركة سونيالعالمية وبدأ بثه على منصة نيتفليكس في بداية عام ٢٠١٩الفيلم يستضيف بعض الخبراء في مجالات الطب البديل أو التعافي عن طرق بديلة بشكلعام مع تسليط الضوء على بعض المرضي من أصحاب الأمراض المزمنة.

وهذه المقالة واستعراض الفيلم الوثائقي ليس دعوة مني لرفض أو تقبل الطب البديل ولأسباب كثيرة منها إحترامي وتقديري الشديد للعلم ولتقدم الطبالذي لولاه لكنا في دروب أخرى ربما الإندثار أو الزوالبصمات الطب والعلم في حياتنا لا يمكن إنكارهالكن الذي لا أنكره أن هناك مئات القراراتالتي يمكن أن نتخذها في حياتنا قبل اللجوء إلى الحلول الطبية كما يشير الفيلمالوصول لمرحلة الطبيب والعلاج هو مرحلة الوصول التعامل معالأعراض كما يشير الفيلم وبعض ضيوفه وهذه حقيقة نحن لا نذهب للطبيب لأننا لا نشعر بالألمالألم والوهن ومداهمة الأمراض لنا أسبابًا واقعيةلطرق باب الطبيب.

شاهدت الفيلم بتركيز شديد وبمتعة نظرًا للسياق الجديد الذي نعيشه جميعًا ولأن الفيلم يعطينا جرعة من الأمل في قدرتنا على تخطي آلام أجسادنا التيقد تداهمنا في أى مرحلة لسبب نعلمه أو لا نعلمه ولكن الألم جزء أصيل من ردود أفعال أجسامنا . الفيلم يعطينا أيضًا جرعة لا بئس بها من الإيمان إنهلدينا القوة الداخلية لاستعادة ما تفقده أجسادنا بسبب وهن المرض.

في أعوام وباء فيروس كورونا علينا أن نبدأ في التأمل في ردود أفعال اجسامنا وعلينا أن نبدأ في التفكر في العلاقة الجديدة التي خلقناها كبشر معالخوف والقلق والضغط النفسي ..

أبدأ أول كتاباتي في هذا العام الجديد عن الشفاء او التعافي وأنا استعرض معكم أفكار الفيلم الوثائقي Heal أو الشفاءالفيلم يناقش قوة وقدرة العقل على مناقشة الجسد وإعطائه الدعم لتفادي الإصابة بالمرض أو الدعم خلال فترة المرض لتخطي أزمته.

ففي زمن السيطرة على البشر من خلال فقاعات الخوف أو القلق أو الضغط النفسي باتت أول ردود أفعالنا هي الخوف التلقائي لمعظم الأمور ولم تعد عقولنا التي تنعكس أيضًا على مشاعرنا أو أحاسيينا داعمًا لنا كما يجب، فعند معرفتنا بأصابتنا بمرض ما فرد فعلنا أصبح تلقائيًا الخوف والقلق وربما تصل مراحل الخوف تداول أفكارًا مثل عن ميعاد الوفاة كيف سأترك أحبائي وطابور طويل من الأفكار غير الداعمة لعملية التعافي من المرضهذه الأفكار تدعم المرض وتدعم من هاجم خلايا جسدك وتعطيه القدرة لمزيد من السيطرة على أجسامنا وهي في النهاية ما تفقد عقلك أيضًا السيطرة والقدرة والقوة لإرسال الإشارات الصحيحة لأعضاء أجسامنا للتعافي.

الفيلم يناقش فكرة أن أجسامنا كما خُلقت للإصابة بالأمراض والفيروسات فإن لديها ما يدعمها للتعافي أيضًا ولكن أسلوب حياتنا أصبح يدعم ويساند الجزء الأول وهو قدرتنا على الإصابة بسبب علاقتنا الجديدة بالبيئة المحيطة التي تتمتع بكثير من السلبية وفقاعة تفرضها الأحداث الجارية لنعيش في توتر وقلق وخوف دائموحتى يسترد العقل سيطرته على الجسد يحتاج لإعادة تشكيل علاقته بالبيئة المحيطة التي تكتظ بكل أسباب التوتر والقلق والتوتروفي سياق حياتنا الجديد في ظل وجود وباء فيروس كورونا أصبح الخوف مركب أصيل من معركتنا ضد هذا الوباء.

الحديث عن استعادة قدرة العقل وقوته لإدارة معارك الجسم مع الأجسام الدخلية كالفيروسات مثلًا يبدأ من الاعتناء به وعزله من وقت لأخر ليهدأ ويستعيد توازنهكيف يستطيع هذا العضو أن يعمل بكفاءة وكل غذائه مصائب وأخبار سلبية من جميع أنحاء العالم وللأسف اتساع فقاعة الأخبار السلبية مستمر بسبب سرعة وسائل الاتصال وانتقال الأخباروالنتيجة أن العقل أصبح منهكًا مصابًا بالتوتر بشكل مزمن ولا يستطيع إرسال أية إشارات أو أفكار إيجابية لدعم باقي الأعضاء في محنتهم عند الإصابة بل بالعكس أصبح مشاركًا قد يكون أحد المشاركين في نصب الفخ الإصابة بالأمراض.

من أكبر الدروس التي تعلمتها وأنا في الخارج للعمل أن أتقبل الضغط النفسي والتوتر بسبب العمل ولكن الأهم من تقبله كجزء من الحياة هو الحرص على إيجاد الطرق والأسباب للتخلص من فقاعة القلق والتوتر والخوف حتى يعود الجسم لحالته المتزنةوتتعد الطرق وليس هناك طريقة وحيدة يمكن وصفها لكل الأشخاص لأنها ببساطة قد تكون لشخص اللعب مع قطته المفضلة.

وفي اعتقادي الشخصي أن العقل السليم في الجسم السليم أصبحت عبارة ذات اتجاهين في العصر الذي نعيشهلأن حماية العقل والاعتناء به أصبح ضرورة لسلامة الجسم.

من العوامل العامة التي يشير إليها الفيلم علاقتنا اليومية مع الأخبارعندما يستيقظ قطاع كبير من الناس على كوكبنا فإن أول ما يقومون به هو معرفة الأخبار وهي من أخطر العادات فنحن سنعرف الأخبار في كل الأحوال ولكن عند الاستيقاظ إذا كان أول تخاطب مع عقلك هو الأخبار المثيرة التي معظمها مقلقة والتي في معظم الأوقات لا علاقة لك بها ففرص إصابتك بالتوتر الدائم أعلى من أي شخص لأنك داهمت عقلك بثقل هموم العالم وأنت لم تبدأ بعد بمواجهة معاركك الشخصيةالنتيجة سيرتبك العقل وستبدأ أعضاء جسدك في الارتباك تباعًا وهذا ليس بأمر بعيد عنا ولكن الأخطر أن العقل وهو المنوط بدعم كافة الأعضاء أيضًا أصبخا مثقلًا.

الفيلم يربط بين قوة العقل والصحة البدنية والجسدية وبقدرتنا على اقناع أنفسنا بالأمل والإيمان في وقت الأزمات ونحن نواجه مخاوفنا أو نحن نحمل جروحًا من ذكريات طفولتنا أو ذكريات حزينة بسبب فقد فنحن كبشر نحمل أحمالًا أخرى بجانب ما نواجهه كل يوم في الحاضر ونتوقعه في المستقبل.

اُنتقد الفيلم بسبب الجدل الواقع على المعلومات العلمية ولكن في الحقيقة أن الفيلم لا يتخطى حدوده ويناقش طرق العلاج أو ما يصلح أو ما لا يصلح فهو يناقش أفكاره في فقاعة الروحانيات منه إلى العلم الخالص ولكنه أشار مثلًا أن جزء كبير من صناعة الأدوية أصبحت تجارة تتلاعب بعقول المستهلكينولكن الفيلم لا يطعن في أحقية الطب في التشخيص والعلاج لأن الفيلم اتخذ زاوية الطب البديل والتي تقوم على بعض المواريث أو التقاليد أو المعتقدات الإيمانية.

مما لا شك فيه أن العالم بالرغم من تقدمه العلمي المذهل مازال يحتاج إلى ركن يرتاح فيه العقل والجسد معًا أو أن يعيد الجسد والعقل ترتيب علاقتهما لأنها تنعكس علينا بشكل مباشر علينا من خلال الصحة البدنية والصحة النفسية.

الفيلم أيضًا يشير إلى فكرة التعرض إلى التنبؤ بالإصابة  كأسلوب حياة وذلك قبل الوصول إلى مرحلة الأعراض التي تتطلب العرض على طبيب.

الفيلم وجه انتباهي إلى أمر هام في هذا التوقيت الذي نعيشه جميعًا، هل نحن بصدد استعادة قوة أجسامنا لمواجهة وباء القرن من خلال دعم مناعتنا وتغيير أسلوب حياتنا أم نحن بصدد تغذية مخاوفنا من الحياة والتعبير عن قلقنا المستمر؟ فمع اتخاذنا كل التدابير الوقائية والاحترازية علينا نعلم أن لعقلنا وأجسامنا قوة لا يستهان بها في مقاومة الأمراض والإصابات حتى وإن كانت غير ملموسة وعلينا تغذية ما يدعمنا نفسيًا.

أدعوكم لمشاهدة الفيلم الوثائقي Heal ليس لأنني أتفق على كل ما جاء به ولكن لأننا نريد أن نتعافي من وباء فيروس كورونا وستتعافي البشرية بالتقدم العلمي للطب لا شك في ذلك ولكن علينا أن نؤمن أن لقدرتنا العقلية دورًا هامًا لتخطي الأزمة وأدعوكم لمشاهدته لأننا بحاجة إلى الأمل والفيلم يعطي جرعة من الأمل لابئس بهاالأمل أن قوتنا في الداخل وليس في خوفنا في فقدان ما هو خارج قدرتنا.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط