طالب الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، بتغيير ثقافة المصافحة والأحضان والقبلات، في ظل انتشار فيروس كورونا.
وأكد "شومان" في تصريح له، أنه لا مشكلة من الناحية الشرعيّة في المصافحة والأحضان بين النوع الواحد من الناس، من باب إظهار الود والترحيب لا سيما للقادم من سفر ونحوه.
وقال: «مع ذلك ففي ظل ما نمر به من جائحة كورونا أرى أنه من الضروري إعادة النظر في هذا السلوك الذي يجمع خبراء الصحة على أنه باب من أبواب انتقال العدوى».
ولفت إلى أنه من المعلوم أن الفتوى تتغير بتغيّر الأحوال، ولمّا كانت المصافحة وأشد منها الأحضان والقبلات من أبواب نقل العدوى، فيكون من المناسب مناشدة الناس بتغيير هذه الثقافة وذلك بالتخلي عن المصافحة والتقبيل في جميع الأحوال وبين كافة الناس، والاكتفاء بإلقاء السلام وعبارات الترحيب القولية.
وواصل: «فهي كافية في التعبير عن الود والترحيب وفيها من الأجر الكثير، ولسنا في حاجة على الإطلاق للمصافحة باليد أو غيرها من التلامس والتقارب الجسدي عند الترحيب، ولسنا في حاجة إلى اختراع وسائل مصافحة كتلامس الأيدي المضمومة وغيرها».
وأكمل أنه «على من يجرحون غيرهم بمد أيديهم أو التحرك نحوهم لضمهم مما يضطر الآخرين للتجاوب معهم على مضض أن يتوقفوا عن هذا، حتى لايتحول الود والترحيب إلى إيلام للنفس، وليت التخلي عن ثقافة المصافحة والقبلات تتحول إلى سلوك دائم حتى بعد زوال جائحة كورونا، فقد كثرة الأمراض التي تنتقل عن طريق العدوى ولم تقتصر على كورونا فقط، ونهج شرعنا البعد عن مصادر الضرر "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ومن قواعد شرعنا: "لاضر ولاضرار" حفظ الله البلاد والعباد، ورفع البلاء،ومتعكم بالصحة والعافية».
وكان الدكتور عباس شومان، ذكر في تصريحات سابقة، أننانعلم جميعًا أنه حل بالعالم جائحة خطيرة ولا زالت حسابات العالم مرتبكة، تحاول جاهدة استخدام كافة الوسائل للحد من خطر هذا الوباء، ولما كنا ننتمي إلى الأمة الخاتمة التي لها دستور نزل من السماء فيه تفصيل كل شيء، ونمتلك بين أيدينا سنة خاتم الأنبياء "صلى الله عليه وسلم" الذي لا ينطق عن الهوى، ولما كان سلفنا الصالح ما تركوا شاردة ولا واردة إلا وفسروا القول فيها، فقد أصبحنا على بينة ومنهج واضح في التعامل مع هذه الأزمات والجوائح، والمسلم صحيح الإيمان والعقيدة يلزمه أن يتعامل مع هذه الأزمات تعامل يتفق مع شرع الله ومستمد من كتاب الله وسنة رسوله.
ونبه علىأنه لا يجب أن نضيع كثيرًا من الوقت للبحث في أسباب هذه الجائحة وهل هي بلاء أم مكيدة بشرية؟، لكن ما علينا هو أن نتلمس كيفية الاستفادة من هذا الابتلاء، وأولها: الإيمان والتسليم بقدرة الله، فما زالت البشرية حائرة في تفصيل كل ما يتعلق بهذا الفيروس، وما هي أسبابه وكيف ينتشر بين الناس؟، وما هو العلاج المناسب له؟، الكل يجتهد وليس هناك حقائق مؤكدة إلا ما هو في علم الله، والأمر الثاني: بأن نراجع ما نحن عليه من سلوك لاسيما وأنه يتخطف الناس من بين أيدينا، لكن مع علمنا أن الموت حقيقة، يفترض على العقلاء أن يتصالحوا مع الله ومع البشر وليس ذلك معناه أن نظل في انتظار الموت، لكن عقيدة المسلم تفرض عليه أن يأخذ بالأسباب ويتوكل على الله وأن يتحوط ويعمل بكل طاقته.
ونوه بأنهذه الجائحة ليست شر محض؛ بل فيها كثير من الخير، فمنها العظة والاعتبار وتصحيح المسار مع الخلق والخالق، ومنها ترسيخ لقدرة الله عز وجل، فهذا الذي لا يرى بالعين المجردة قد حير العالم، وهذا دليل على قدرة الله فاعتبروا يا أولي الأبصار واعلموا أن في المصائب فوائد؛ "فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ فِي الطَّاعُونِ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ".