الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بورصة مينا البصل



كثيرا ما يرتبط الاسم بالمكان ، فإذا زال المكان أو تطور ، بقى الاسم بدلا من المسمى ، فكأن الاسم أصبح أثر تاريخى له قيمتة وأهميتة الأثرية . ونلاجظ ذلك فى كثير من شوارع وأحياء القاهرة والإسكندرية وبالتأكيد باق المحافظات . 

لم تكن بمصر قديما لجانا لتسمية  الشوارع والأحياء ، إنما كانت الأسماء يطلقها الناس لواقع يرتبط بالمكان ، مثل حرفة أو تجارة أو شخصية مشهورة  إلى أن قرر محمد على باشا تطبيق أسلوب أوروبا فى تسمية الشوارع والأحياء والميادين وأيضا ترقيم البيوت ، حتى يتمكن السكان من الوصول إلى مقصدهم بسهولة ،  فكانت البداية بتسمية 50 شارعا بالقاهرة .

منطقة مينا البصل الشهيرة بالإسكندرية وهى من أقدم المناطق التى ظهرت مع مولد الإسكندرية الحديثة ، فكانت منطقة التجارة والمال والأعمال منذ حفر ترعة المحمودية 1820م و إنشاء الترسانة البحرية وكانت تعرف بدار الصناعة ، فكان لهذه المنطقة أثر كبير فى ازدهار حركة التجارة فى ثغر الإسكندرية خاصة بعد السماح للسفن الأوروبية بالدخول إلى الميناء الغربى  ، بعد أن كان محظورا خلال عصر المماليك أن ترسو هذه السفن . وظلت منطقة مينا البصل على هذا الحال ، إلى أن ألغيت البورصة نهائيا بعد 1952م ، فكانت بها بورصة مينا البصل أقدم بورصة للقطن بالعالم  . 

من خلال الميناء الغربى كان يتم تصدير كافة حاصلات مصر الزراعية إلى خارج مصر وداخلها عبر بحيرة المحمودية . وكان البصل يتصدر قائمة الحاصلات الزراعية منذ إنشاء الميناء الغربى وحتى أوائل القرن العشرين فكان المحصول الثانى بعد القطن ، لذلك أطلق على هذه المنطقة مينا البصل .

ويرجع سبب تصدرة للصادرات الزراعية إلى أنه كان يزرع فى كافة أنحاء القطر المصرى ، ويمكن تخزينه طوال العام دون تلف ، فامتلأت الميناء بشون البصل ومخازنه لاستيعاب حجم المحصول الهائل من شتى أنحاء القطر عبر ترعة المحمودية . وزادت أهمية تلك المنطقة بعد بناء المحطة الرئيسة لسكة حديد الإسكندرية عند القبارى . ظل البصل المصرى مصدرا رئيسا لإمداد الأسواق الأوروبية حتى ظهور البصل الأسبانى كمنافس له أوائل القرن العشرين .

 أوائل النصف الأول من القرن التاسع عشر ، اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية ، فقفزت صادرات القطن المصرى ، وارتفعت أسعارة فى الأسواق العالمية ، فزاد حجم التجارة الخارجية ، فنشأت فى مينا البصل سوق التجارة الحاضرة ، والتى تأسست 1872م ، وعرفت " ببورصة مينا البصل " والتى نعرفها ببورصة القطن ، وكانت تتبع الدائرة السنية  ، وتوافرت للبورصة كل المقومات التى تؤهلها كى تكون سوق البضاعة الحاضرة ،  فكانت معدة لأعمال تجارة القطن والقمح والمحاصيل المهمة .

فى سنة 1883م كون كبار تجار الصادرات المصرية وممثلو المصارف ، وفى مقدمتهم مدير البنك الإنجليزى المصرى بالإسكندرية و شركة بورصة  مينا البصل التجارية المصرية للسيطرة والإشراف على البضاعة الحاضرة ، ولتنظيم تصدير الحاصلات الزراعية المصرية الرئيسية مثل القطن وبذرته والبصل ، كما تأسست فى الوقت نفسه شركة مينا البصل والتى أصبح مبناها مقرا لمكاتب تجارة الصادرات ومكاتب المصارف .

ازدهر النشاط التجارى فى تلك المطقة ، وبالطبع سيطرت كبريات بيوت التصدير على البورصة وحققت أرباحا هائلة ، وكانت بورصة مينا البصل أشبه بسوق الخضار والفاكهة ، فتعرض فيها البضائع ويتم شراؤها فى الحال بعد معاينتها وسداد ثمنها ، فهى تختلف عن بورصة الأوراق المالية بالمنشية والتى تختص بالعقود ، فكان القطن بها غير مجهز للتسليم الفورى إنما يتم آجلا ويستحق التسليم فيما بعد .

فى سنة 1931م أصبحت بورصة مينا البصل تحت إشراف الحكومة المصرية ولكنها  ظلت تحت رئاسة الأجانب منذ نشأتها إلى أن تم إنتخاب محمد فرغلى باشا سنة 1935م ليكون أول مصرى يتولى رئاستها وأيضا أصغرهم سنا فكان عمرة 34 سنة ، واستمرت البورصة  تؤدى عملها  حتى قيام  ثورة يوليو 1952م ، حيث تغيرت السياسات الاقتصادية و ألغيت البورصة نهائيا .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط