الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عزت العلايلي أستاذ الصدق في التعبير


في عام 2018 فوجئت باتصال من الفنان الكبير عزت العلايلي ليشكرني عن مقال كتبته عنه وقتها! أصابني الحرج من عبارات شكر هذا النجم الكبير لي ولم أجد كلمات أرد بها عليه، حينها تضاعف التقدير لهذا النجم الاستثنائي في الفن المصري، الكتابة عن فنان بحجم تاريخ عزت العلايلي تحتاج لكتاب وليس مقالا هو أحد أهم نجوم الفن المصري والعربي وله إسهامات وعلامات بارزة لا ينافسه أحد فيها.
لم يكن عزت العلايلي مجرد فنان عابر بل هو واحد من أهم نجوم السينما المصرية خلال تاريخها الطويل، من منا لا يتذكر فيلم "الأرض" ليوسف شاهين والذي شاهده الملايين عدة مرات ، وارتبط العلايلي في ذهنهم بشخصية عبدالهادي الفلاح "الشهم" لبراعته الشديدة في تجسيدها وتفوق يوسف شاهين في صناعة هذا العمل والذي شاهدنا فيه حالة إبداع فنية متكاملة مما أهله للمنافسة على جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان عام 1970، و أعتبره النقاد الغربيين بعد عرضه في مهرجان كان " إنه ليس حدثا سينمائيا عربيا فقط ، بل حدثا سينمائيا عالميا".
و عقب عرض فيلم "الأرض" أصبح عزت العلايلي أحد النجوم البارزين في السينما المصرية حينها مثل عمر الشريف و رشدي اباظه و أحمد رمزي .
ليس هذا هو الفيلم الوحيد البارز في مسيرة العلايلي السينمائية الحافلة والذي وضح خلالها إنه صاحب حرفية شديدة في اختيار أعماله، ليكون صاحب النصيب الأكبر بين نجوم السينما المصرية في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ هوليوود الشرق وتحديدا أفلام الإختيار ، أهل القمة ، السقامات ، على من نطلق الرصاص ، الطوق و الأسورة ، إسكندرية ليه ، زائر الفجر ، الأرض.
مع هذه الأعمال قدم النجم القدير عزت العلايلي شخصيات متنوعة بموهبة فريدة من الفلاح ، للضابط ، للطالب ، للفتوة ، لإبن البلد، للطبيب، شخصيات عدة أدخلته قلوب المشاهدين في كافة أنحاء العالم العربي .
وعن نظرته لأعماله يقول : بالطبع ليس هناك من يستطيع النجاح بصفة مستمرة، فهناك بعض الأعمال أعتبر نفسي فشلت في تقديمها قد يعتبرها البعض الآخر ممن عملوا فيها نجاحًا ولكني أعترف أن هناك بعض الأعمال التي فشلت فيها ولكن في نفس الوقت كنت في قمة سعادتي عندما وجدت عدد من أعمالي ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية .
عبر 75 فيلما عاصر عزت العلايلي فترات مختلفة للسينما المصرية ما بين إزدهارات لانكسارات.
و يقسم العلايلي حياته الفنية إلى نصفين ، الأول مع تخرجه فى معهد الفنون المسرحية عام 1959 واحترافه للعمل، والثاني عندما جاءته أول فرصة حقيقية بعد نحو عشر سنوات من العمل مع فيلم " الأرض" .
الصدق في التعبير
يشير المخرج الكبير صلاح أبو سيف في أحد أحاديثه عن فيلمه "السقا مات" حول أداء العلايلي لشخصية السقا "بائع المياه" المنتشر في حارات القاهرة القديمة خلال بدايات القرن الماضي قائلا "وبعد ان أسندت دور "السقا" للممثل عزت العلايلي حصل على "قربة مياه" حقيقية وأخذ يتمرن على كيفية تعبئتها وطريقة رفعها كي يحملها على ظهره ويمشي بها و ظل على هذه الحال أياما كثيرة حتى أجاد تجسيدها على الشاشة"، هكذا كان العلايلي دائما في تعامله مع شخصياته يسعى للتعبير بصدق عن الشخصية التي يقوم بها بشكل متعمق في رسم التفاصيل الخارجية للشخصية من ملابس و حركة وصوت.
المتتبع لمسيرة العلايلي نجد أنه نجح في الحفاظ علي تواجد ذا قيمة فنية في السينما و معها التليفزيون وصولا للمسرح أيضا ، ليظل أحد النجوم الكبار في الفن المصري المرتبطين لدى المشاهد بالأصالة الفنية فيما يقدمه من أعمال و يقول مصر حاضرة دائما بالإيجابيات والسلبيات في أعمالي ، فهو ابن أحد أعرق الأحياء الشعبية في القاهرة القديمة " باب الشعرية" فتربى علي قيم معينة ترجمها بوعي و ثقافة شديدة في أعماله .
وعرف عن العلايلي ثقافته السياسية الكبيرة ، فلا يتردد في البوح برأية بجرأة شديدة ، كما يعشق الكتابة وله تجارب في التليفزيون والمسرح كما شارك "شاهين" في الكتابة الأولية لفيلم "الاختيار" .
فمثلا عندما جسد شخصية المؤلف المسرحي المثقف " سيد" في فيلم يوسف شاهين "الاختيار" و الذي حاز على جائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج عام 1970 ، يتذكر النقاد حواره مع يوسف وهبي والذي ظهر بشخصيته الحقيقية كان حوارا ثقافيا و فنيا رفيعا و الذي يكشف أنه كان المفترض أن يقوم ببطولته في الأول يوسف شاهين والعلايلي هو الذي سيقوم بالإخراج ثم "هرب" شاهين من الدور ويقول العلايلي رشحنا بعد ذلك محمود يس و لكنه كان مشغولا، حتى فوجئت بشاهين يطلب أن أقوم أنا بالدور و بسبب هذا الفيلم تعمقت أكثر في القراءة السياسية .
السينما العربية كانت لها نصيبا في أعماله فقدم عدد من الأعمال المشتركة مثل الفيلم المغربي "سأكتب أسمك على الرمال" لعبدالله المصباحي و شاركت فيه سميرة سعيد و الفيلم العراقي " القادسية" لصلاح أبوسيف و اللبناني "بيروت يا بيروت" لمارون بغدادي و الجزائري "طاحونة السيد فابر" لأحمد الراشدي .
و عن غيابه مؤخرا عن الساحة الفنية قال ، إنه ليس بإرادتي بل أبحث عن عمل جيد ، لأن الفن مسئولية كبيرة، كما يرى أن السينما المصرية حاليا في حالة ارتباك شديدة علي مستويات عدة ، كتابة وإخراجًا وتمثيلًا رغم ما بها من كفاءات كبيرة وعلي أعلي مستوى ومن أمنياته الفنية تحويل رواية نجيب محفوظ الشهيرة " أولاد حارتنا " لعمل سينمائي أو تليفزيوني و يكون أحد المشاركين فيه.
أخر ظهور سينمائي له وكان سعيدا به مشاهد قليلة في فيلم "تراب الناس" أضافت الكثير للفيلم بحضور طاغي و أداء فريد للنجم الكبير،  رحم الله عزت العلايلي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-