الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أشرار يكرهون تطوير الإعلام ويُحرضون عليه


بعيدا عن الأهداف السامية لمهنة الإعلام على مدى التاريخ، في نقل المعلومة، وفي اشاعة حالة من التنوير بين المجتمع. فإن هناك وقفة أصبحت واجبة أمام فريق في المجتمع يترصد للإعلام ويكرهه، وللأسف بعضهم من صناعه! وزادت هذه النبرة بعد ثورة يونيو العظيمة 2013.


فرغم الدور التنويري الهائل الذي لعبه الإعلام، المقروء والمسموع والمرئي في فضح عام أسود لجماعة الإخوان الإرهابية في حكم مصر، وتنوير ملايين المصريين وتبصيرهم بأن الجماعة، وبعد وصول أحد افرادها للحكم، لا تحكم بما فيه صالح المصريين جميعا وصالح الوطن، بل لـ"حسابات ضيقة" يكاد أن يضيع معها الوطن، وعليه وبسبب حالة إعلامية مذهلة يتذكرها الجميع حتى اليوم، نزل الملايين للشوارع يطالبون بسقوط حكم المرشد والإخوان وانتصرت الثورة في النهاية وتحققت مطالبها في إزاحة الحكم الأسود للجماعة.


هكذا كان للإعلام ولا أحد ينكر ذلك الدور الهائل والمصيري، في تبصير عشرات الملايين من المصريين بسوءات الإخوان وحكمهم الأعرج. وكان من المنتظر بعدها أن يشهد الإعلام طفرة كبرى تليق بدور بطولي قدمه في ثورة شعبية مهيبة، ساندتها القوات المسلحة المصرية الباسلة، لكن ما جاء كان مخيبا للآمال.


فقد جرى الحط من شأن الاعلام، ودأبت بعض الأطراف على مهاجمته ومهاجمة دوره وكان ذلك غريبا ومريبًا؟!
واستمرت النغمة سنوات وكانت لها آثارها الشديدة على الاعلام، بعدما فرح "نبت شيطاني" في وسائل الاعلام، بإلغاء وزارة الإعلام وأصبح كل يغني على ليلاه، فضاعت الرسالة الإعلامية وسط محتوى فاحش في بعض الأحيان وصراخ وسب وشتيمة وايحاءات وجرائم وتمييز عنصري في أحيان أخرى!


وكانت النتيجة أن تردى حال الاعلام المصري وهى الحقيقة التي يراها ويشعر بها عشرات الملايين من المصريين كل يوم.


ووفق شهادة وزير الدولة للإعلام، أسامة هيكل في بيان له أمام مجلس النواب يناير الماضي، فإن مصر تأخرت عن الاستثمار في صناعة الإعلام الجديد، ودخلت رؤوس أموال أجنبية في هذا المجال، واستقطبت كوادر من الإعلام المصرى، وأنشئت منصات أصبح لها دور في توجيه الرأى العام، وإعطاء انطباعات ربما تكون خاطئة عن الدولة المصرية، وربما أيضًا تعبث بمنظومة القيم المصرية.


وأضاف في كلمات مباشرة: أن صناعة الإعلام في حاجة إلى مزيد من التطور المهنى والاستثمارى. ولافتا إلى تجاوز حجم صناعة الإعلام والترفيه في المنطقة العربية خلال عام 2019 نحو 10 مليارات دولار، كان نصيب مصر منها أقل من 10%، بعد أن كانت تستحوذ على نحو 60% من حجم صناعة الإعلام قبل ذلك بعقد أو اثنين.


وهكذا فالأرقام تكشف تراجعا كبيرا في الميزانيات المخصصة للإعلام وتراجع الاعلام المصري، بشكل واضح طبقا لحجم الاستثمارات التي يتم ضخها فيه.


لكن للأسف فإن الوضع المتردي للإعلام حاليا، لا يعجب كثيرا من أصحاب "المنصات الإعلامية" الذين يرون أن أي تغيير قد يطال مقاعدهم، وانطلاقا من منصات يديرونها فإنهم يهاجمون كل خطة وطنية للارتقاء بالإعلام المصري.


وإذا كان الوزير أسامة هيكل، وأمام جلسة مجلس النواب المشار اليها قال نصا: أنه قد تم عرض الخطة المقترحة لعمل الوزارة على السيد رئيس الجمهورية، بناءً على الأهداف التي حددها سيادته في اجتماع معه، وتضمنت أهدافًا خمسة لسياسة الدولة الإعلامية وهى:


- الحفاظ على منظومة القيم المصرية وتماسك الجبهة الداخلية
- تنمية الشخصية المصرية على أسس موضوعية والحفاظ على وسطية الدولة بما يكفل البعد عن التطرف والمغالاة
- ‏ إبراز جهود الدولة في المشروعات القومية وأثَرها في مُستقبل المواطنين
‏- تقوية الإعلام المصرى محليا وإقليميا ودوليا، وزيادة قدرتهِ على التعامل مع الأزمات المُختلفة
‏- ترسيخ وعى المواطنين بأحكام الدستور والقانون، ورفع حالة الوعى المجتمعى بالقضايا ذات التأثير
 فإنه للأسف الشديد، تجرى مهاجمة الإعلام المصري وتجرى مهاجمة خطط تطويره، بضراوة من قبل "طابور خامس" لا يريد نهضة حقيقية للإعلام.


ولا يريد أصحاب المصالح ممن يشنون حملة ضارية على وزارة الدولة للإعلام، - وأنا بالمناسبة لا أعمل فيها- أنها وزارة أعيد خلقها مرة ثانية، بعدما تم إلغاؤها وأن وجود وزارة إعلام في مجتمع مثل مصر ضرورية للغاية، بعدما ثبت أنها الوزارة الوحيدة، القادرة على رسم سياسات إعلامية رائدة لمصر وتسويق وجهات النظر الوطنية في الداخل والخارج.


القضية ليست أن تكره وجود وزارة للإعلام، أو تكره شخص الوزير الذي يمسك بقيادتها، ولكن القضية أننا فعلا بحاجة إلى إعلام قوي، قادر على تحقيق الأهداف الخمسة العليا للدولة المصرية وقادر على تجاوز مشاكلها العصيبة.


ووفقا للأرقام والتي أوردها السيد اسامة هيكل امام مجلس النواب، فإن الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقا) وهى إحدى أهم ركائز الإعلام المصرى والمملوك بالكامل للدولة المصرية، أصبحت تعانى من ديونٍ مُتراكمةٍ تتزايدُ فوائدها عامًا بعد الآخر حتى بلغت 40 مليار جنيه مصرى أو يزيد، وكذلك الهيئة الوطنية للصحافة، التي تُمثل الدولة في الصحافة المَملوكة للدولة، وتُصدِر نحو 55 إصدارا صحفيا وتبلغ ديونها 22 مليار جنيه أو يزيد. 


وهنا وبوضوح، فالقضية كذلك ليست في تخلي الدولة عن هذه "الديون" من جانب هيئات الضرائب والتأمينات وغيرهما، لكن هل يضمن أحد أنه في حال – فرضا- تخلت الدولة عن هذه الديون، أن هذه المؤسسات الاعلامية المرئية والمسموعة والورقية قادرة على تحقيق ربح. أشك كثيرا في ذلك؟


وللأسف فـ"عامان" لا أكثر ووفق سياسات إعلامية وصحفية عقيمة، قد تتعدي ديون هذه المؤسسات مقدار ما كانت عليه في السابق بفرض إلغائها وأكثر. والسبب انها وللأسف مؤسسات إعلامية وصحفية تتحدث مع نفسها وغير قادرة على الاشتباك وإثارة الجدل، والدخول في حالة من التنافسية مع وسائل إعلام عربية ودولية.


إن هذه المرحلة، تتطلب صراحة إعلامية وتتطلب شهادات دقيقة وواقعية، حول نسب المشاهدة للتلفزيون المصري وعشرات الإذاعات المصرية، وشهادات واقعية ودقيقة، حول أرقام توزيع إصدارات المؤسسات القومية وهذه وذاك هى أيدي الدولة في الإعلام.


ولا ننسى أنه في فترة ما كان المسلسل المصري يعرض في وقت واحد، سواء كان من إنتاج قطاع الانتاج أو مدينة الانتاج الإعلامي في كل العواصم العربية بلا استثناء ويحقق نجاحا مهولا ومدويا، ويحمل الرسالة الفنية المصرية ومفرداتها.


وفي وقت من الأوقات كانت الصحافة المصرية، قادرة على أن تقيم بخبطاتها الصحفية عروشا وتزيل أخرى، وتحتج وزارات خارجية لبعض الدول على قوة وصراحة الطرح الصحفي المصري.


رجاءً لا تقتلوا الإعلام ونحن شعب مهول، يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة بحاجة إلى إعلام صادق جذاب قوي يقود للتنوير الحقيقي. 


رجاءً.. افتحوا منافذ عقولكم لتستوعب التغيير، فإهدار الأموال في مؤسسات فاشلة لا يجوز وغير مقبول ويسرع في القضاء عليها، لأنها باختصار لا تربح، وإذا وقفت الدولة بجابنها اليوم فقد يكون من الصعب أن تقف معها غدًا.


 ثم إلى متى سيكون واجبا على الدولة اعطاء رواتب وأموال لمؤسسات اعلامية وصحفية فاشلة؟!


هو منطق لا يستقيم ولا يقبله أحد، والفشل هنا سيكون مسؤولية الجميع وليس فقط مسؤولية قيادات لا ترى غير وقع أقدامها. الإعلام الوطني بحاجة إلى ثورة حقيقية ترفع رأسه وسط اعلام عربي مهيمن، ولا يمكن أن ندفن رؤوسنا في الرمال، لنرضي أفاعي "تصرخ وتولول" طوال الوقت عبر الشاشات دون أن يسمعها أحد، ولا يمكن أن نبقى طوال الوقت نتكلم مع أنفسنا؟


ولنسأل معارضو التطوير ومن هم عقبة في طريق الإصلاح الاعلامي، هل هناك فضائية مصرية يراها الغرب وتحقق نسب مشاهدة حقيقية حتى بين الجاليات العربية في الخارج؟!
للأسف لا. 


هل هناك صحيفة مصرية تصل إلى العواصم العربية والعالمية وتنطق برؤى وتوجهات وطنية أصيلة، وقوة القرار المصري، وتصل إلى عقر العواصم العربية تحمل رؤى مصر ورسالاتها؟
للأسف لا.


وأرقام التوزيع ونسب المشاهدة معلنة للجميع.
باختصار.. الإعلام هو اليد الطولى في العصر الجديد وهو قوة التأثير، وهو القادر على أن يهاجم خصمك وعدوك في عقر بيته ودون أن تتحرك من مكانك ويوجه له لكمات شديدة.


 إضعاف الإعلام المصري لصالح مجموعة على عداء مع وزير الدولة للإعلام، وإحباط خطط للتطوير والاصلاح، هو تدني بقضية خطيرة، تهم 100 مليون مصري ومستقبلهم وقوة دولتهم والدفاع عن قيادتهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط