الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مبارزة عون والحريري.. من يترك العيش للخباز في فوضى لبنان

سعد الحريري وميشال
سعد الحريري وميشال عون

لم تكن مفاجأة أن وصلت مفاوضات تشكيل الحكومة في لبنان إلى طريق مسدود، فمنذ تكليفه وعلى حد قوله، زار رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا 16 مرة للتشاور في شأن تشكيل الحكومة دون أن يفلح أي لقاء رسمي بين الرجلين في ترتيب لقاء حقيقي بين المواقف ووجهات النظر.

على أن المفاجأة كانت التصعيد غير المسبوق في الحرب الكلامية بين عون والحريري، مساء أمس الأربعاء، إلى حد تبادل الاتهام بتعطيل تشكيل الحكومة ومطالبة كل منهما للآخر بالاستقالة وترك المسئولية لمن هو أقدر على الاضطلاع بها.

وكان الرئيس عون هو من بدأ التصعيد في خطاب متلفز قال فيه "آثرت الصمت إفساحًا في المجال أمام المعالجات على مختلف المستويات، وتفاديًا لأي حدث من جراء التجاذبات والانقسامات الحادة في المواقف السياسية وانهيار المنظومة الاقتصادية والمالية نتيجة سياسات خاطئة لعقود خلت. إلا أني سلكت درب المساءلة الوعرة في ظل نظام تجذر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامي كل المتاريس، وأنتم تعرفون أني ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعًا عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم".

وأضاف عون "أما اليوم، ومن منطلق قسمي، وبعدما تقدم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، فإني أدعوه إلى قصر بعبدا، من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير".

وتابع عون "أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف. كل ذلك من منطلق مسؤوليته الدستورية وضميره الإنساني والوطني، ذلك أن مثل هذه المعاناة الشعبية لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال. دعوة مصممة وصادقة للرئيس المكلف إلى أن يبادر فورًا إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علنا ننقذ لبنان".

ولم تكد تمضي سويعات حتى أصدر الحريري بيانًا لا تقل لهجته حدة عن خطاب عون، قال فيه "تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعا، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته".

وأضاف الحريري "وبما أنني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني اجيبه بالطريقة نفسها انني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشر فورا إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة".

وتابع الحريري "أما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته أن يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن إفساح مجال الخلاص أمام المواطنين، وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر".

وفي القلب من أزمة تشكيل الحكومة في لبنان تكمن عقدة "الثلث المعطل" أو "الثلث الضامن"، ذلك أن القرارات المتعلقة بالسياسة العليا للبلاد لا بد أن تصدر بموافقة ثلثي أعضاء الحكومة، وينص الدستور اللبناني على أن استقالة ثلث أعضاء الحكومة زائد واحد، تؤدي حكمًا إلى استقالة الحكومة، ما يعني أن هذا الثلث من شأنه أن يعطل جلسات مجلس الوزراء، بحيث إن امتناعه عن حضور الجلسات يفقد الحكومة النصاب الدستوري للانعقاد واتخاذ القرارات، ومن يملك الثلث زائد واحد، يصبح قادرًا على التحكم باستقالة الحكومة.

ويتشبث كل من الحريري وحلفائه من ناحية والتيار الوطني الحر بزعامة عون وحلفائه (وبينهم حزب الله) من ناحية أخرى بالحق في تعيين ثلث الوزراء من التيار الذي يضمن لكل طرف منهما الهيمنة على القرار الحكومي، ولم تفلح الضغوط الدولية المتكررة في تليين موقف أي من الطرفين.