الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أفنى عمره لخدمة القرآن.. معلومات عن أبو العينين شعيشع في ذكرى وفاته

القرآن الكريم
القرآن الكريم

تحل علينا اليوم الأربعاء، الذكرى العاشرة لرحيل آخر جيل عمالقة قارئي القرآن الكريم، القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع، نقيب قُراء مصر السابق، الذى وافته المنية يوم الخميس، 23 يونيو من عام 2011، بعد صراع طويل مع المرض، عن عُمر يُناهز 89 عاما.

دُفن «شعيشع» بالمقابر المُجاورة لكلية البنات بجامعة الأزهر، فى منطقة مصر الجديدة، بمحافظة القاهرة، وصلى عليه أهالي مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، مسقط رأسه، صلاة الغائب، في جميع مساجد المدينة، باليوم التالي لوفاته، وكان يوم جمعة.

ويعد القارئ الشيخ الراحل أبو العينين شعيشع واحدا من ألمع نجوم كفر الشيخ، كونه صاحب مدرسة متفردة فى التلاوة، وقضى نحو 80 عاما من إجمالي 89 عاما عاشها، فى خدمة كتاب الله، وتلاوته في أنحاء العالم، حتى قضى نحبه.

نشأته وحفظه القرآن الكريم

ولد الشيخ أبو العينين شعيشع بمدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ في شمال مصر، في 12 أغسطس 1922، وهو الابن الثاني عشر لأبيه.

التحق الطفل الصغير بالكُتَّاب بـ«بيلا»، وهو في السادسة، وحفظ القرآن قبل سن العاشرة، وألحقته أمّه بالمدرسة الابتدائية؛ فشجعه ذلك وساعده على القراءة بالمدرسة أمام المدرسين والتلاميذ كل صباح، خاصة في المناسبات الدينية والرسمية، فنال إعجاب واحترام الجميع، فأشار ناظر المدرسة إلى والدته أن تذهب به إلى أحد علماء القراءات والتجويد.

التحاقه بالإذاعة 

التحق «أبو العينين» بالإذاعة سنة 1939، وكان وقتئذ متأثرًا بالشيخ محمد رفعت، وكان على علاقة وطيدة به، وقد استعانت به الإذاعة لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات الشيخ رفعت.

وحفظ الشيخ أبو العينين شعيشع، القرآن، في كتاب المدينة، وتوفي بعد أن قضى رحلة عامرة في تلاوة القرآن الكريم، وذاع صيته في مشارق الأرض ومغاربها.

ويُعد الشيخ الراحل أبو العينين شعيشع، أصغر قارئ يلتحق بإذاعة القرآن الكريم، في سن السابعة عشرة من عمره، عام 1939م، وأول قارئ مصري يقرأ القرآن في المسجد الأقصى.

واتخذ الشيخ أبو العينين لنفسه أسلوبًا خاصًا في التلاوة، بدءًا من منتصف الأربعينيات، وكان أول قارئ مصري يقرأ بالمسجد الأقصى، وزار سوريا والعراق في الخمسينيات.

وأصيب بمرض في صوته مطلع الستينيات من القرن الماضي، ثم عاد للتلاوة وعين قارئًا لمسجد عمر مكرم سنة 1969، ثم لمسجد السيدة زينب منذ 1992.

وناضل الشيخ في السبعينيات لإنشاء نقابة القراء، مع كبار القراء وقتئذ، أمثال الشيخ محمود علي البنا، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وتحقق ذلك، وانتخب نقيبًا لها سنة 1988، خلفًا للشيخ عبد الباسط.

وعين الشيخ أبو العينين عضوًا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعميدًا للمعهد الدولي لتحفيظ القرآن الكريم، وعضوًا للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضوًا باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف وعضوًا بلجنة عمارة المسجد بالقاهرة.

ويقول الشيخ: «في عام 1936 ذهبت إلى المنصورة، وكانت المفاجأة التي لم أتوقعها في حياتي؛ فقد وجدت أكثر من 4 آلاف نفس في مكان الاحتفال، فقلت: معقول، أأقرأ أمام هذا الجمع! كانت سني وقتها 14سنة وخفت وزاد من هيبتي للموقف، أنني رأيت التلاميذ في مثل سني يتغامزون ويتلامزون، لأنني في نظرهم ما زلت طفلًا، وقرأت الافتتاح والختام، وفوجئت بعد الختام بالطلبة يلتفون حولي، يحملونني على الأعناق يقدمون لي عبارات الثناء؛ فلم أستطع السيطرة على دموعي».

وعندما توفي الشيخ الخضري شيخ الجامع الأزهر آنذاك؛ أشار أحد علماء بيلا إلى الشيخ «أبو العينين» أن يذهب معه إلى القاهرة ليقرأ في هذا العزاء، وجاء دوره وقرأ وكان موفقًا فازدحم السرادق بالمارة في الشوارع المؤدية إلى الميدان، وتساءل الجميع: "من صاحب هذا الصوت الجميل؟!"، وبعد أكثر من ساعة ختم الشيخ أبوالعينين تلاوته ليجد نفسه وسط جبل بشري تكوّم أمامه لرؤيته ومصافحته إعجابًا بتلاوته، وبعد هدوء عاصفة الحب؛ جاءه الشيخ عبد الله عفيفي– إمام القصر الملكي- وقبّله، وقال له: "لابد أن تتقدم للإذاعة، لأنك لا تقل عن قرائها بل سيكون لك مستقبل عظيم بإذن الله".

ويضيف الشيخ: "والتحقت بالإذاعة عام 1939، ثم تدفقت عليَّ الدعوات من الدول العربية الإسلامية، لإحياء ليالي شهر رمضان بها، ووجهت لي دعوة من فلسطين، لأكون قارئًا بإذاعة الشرق الأدنى، والتي كان مقرها «يافا»؛ وذلك لمدة 6 أشهر، والاتفاق كان عن طريق المدير الإنجليزي للإذاعة المصرية وسافرت عام 1940، وبدأت القراءة كل يوم، أفتتح إذاعة الشرق الأدنى وأختتم إرسالها بتلاوة القرآن، وانتقل كل يوم جمعة من يافا إلى القدس لأتلو قرآن الجمعة بالمسجد الأقصى؛ ولأنني كنت صغيرًا فقد كنت مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بأسرتي، ولذلك لم أحتمل الغربة أكثر من شهر".

وسافر الشيخ أبو العينين إلى معظم دول العالم، وقرأ بأكبر وأشهر المساجد في العالم، أشهرها المسجد الحرام بمكة، والمسجد الأقصى بفلسطين، والأموي بسوريا، ومسجد المركز الإسلامي بلندن، وأسلم عدد غير قليل تأثرًا بتلاوته، ولم يترك دولة عربية ولا إسلامية إلا وقرأ بها عشرات المرات على مدى مشوار يزيد على ستين عاما قارئًا بالإذاعة،حتى توفاه الله فى 23 يونيو 2011 عن 89 عاما.

وقد نعى عدد كبير من القراء الشيخ شعيشع، واصفين حياته بأنها كانت حافلة بالعطاء، مؤكدين أهمية اقتفاء أثره، وقال القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي: إن «شعيشع من الأعلام الذين لا ينسى فضلهم في الفكر الإسلامي، امتاز بالوسطية والبساطة»، موضحا أنه كان عف اللسان طوال حياته، لافتا إلى أننا افتقدنا شيخا جليلا خدم القرآن أكثر من 80 عاما.

وعرف الشيخ شعيشع بـ"روح الشجن" في قراءته للقرآن، ما أدى إلى أن يصفه متخصصو القراءات بلقب «ملك الصبا»، وهو المقام الموسيقي الذي يحوي الشجن في مقامات النغم، ويقول الراحل «إن ذلك يعود إلى حادث وفاة والده الذي أثر على نفسه كثيرا فاكتسى صوته بالحزن والشجن‏».‏

وأبو العينين شعيشع توفي وله 3أولاد (ولدان وابنة واحدة)، ورغم أن زوجته "الحاجة حسنات" قد توفيت قبل رحيله بما يقارب 15 عامًا؛ إلا أنه لم يتزوج بعدها، عُرف شعيشع بوفائه لزوجته المتوفية، ففي أحد اللقاءات معه، سُئِل لماذا لم يتزوج بعدها فقال «أنا راجل مشاعري لم تسمح لي بالزواج بعد وفاة زوجتي وفاءً لها رغم أن هذا حقي».