الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في التقدم والتخلف.. لماذا سقطت الأنظمة الدينية؟


على مدى عقود عدة ماضية، حاولت الكثير من رموز التيارات الدينية في العالمين العربي والإسلامي، الترويح وهمًا، بأنه يمكن إقامة أنظمة سياسية دينية ناجحة بدل الأنظمة "الغربية والعلمانية" الموجودة، وفق وصفهم.
وحول هذه الفكرة أو هذا الوهم، تسيّدت تيارات دينية في العالم العربي والإسلامي، وتنظيمات تراوحت بين المتطرفة والشديدة التطرف، وفي المجمل كلها "إرهابية" للفكر والوجود والثقافة والرأي الآخر المغاير.
زعم شيوخ التيارات الدينية، أو هكذا روجوا داخل صفوف أتباعهم أن "الأنظمة الدينية"، التي يدعون لها هى التي ستطبق شرع الله، وتكون بدلاً لهذه الأنظمة الموجودة وجرى تكفيرها وكان هذا منذ ستينات القرن الماضي أو ربما قبلها، مع بروز تيار سيد قطب داخل جماعة الإخوان.
المثير أن هذه التيارات، ورغم تجارب الفشل الذريع الذي قوبلت به في مناطق عدة أمثال أفغانستان والسودان والصومال من قبل، لم تُجرب يومًا مراجعة هذه "الأصنام الفكرية" التي جرى ترويجها بين الأتباع واللفّ حولها. ولم يحاولوا أن يقتربوا مرة  واحدة من الحقائق الناصعة، بأن الأنظمة الدينية وقد جرى تجريب بعضها في العصور الوسطى قبل مئات السنين في أوروبا، عبر "حكم البابوات" حولت حياة الناس لجحيم ولم تأتي لهم بالجنّات الموعودات، وأن الأنظمة السياسية الحديثة التي تقوم على الانتخاب والديمقراطية وتعزيز المواطنة، وحق الترشح للجميع وفق الضوابط والأصول المعمول بها محليًا وعالميا هو السبيل الأمثل.
لم يراجعوا أنفسهم أن دمار دول مثل أفغانستان والسودان والصومال وغيرهم، لم يكن صدفة ولكنه تدايعات الحكم الديني الفاشل في هذه البلاد، ولم يعد على أي منها سوى بوبال عظيم ومصائب سوداء. وبعيدًا عن تعصبهم وإرهابهم، فـ"الدين دين والسياسة سياسة" مع تطور المجتمعات وزيادة السكان وتطور العصر، وقد جرى شق ذلك وصياغته في أنظمة سياسية ديمقراطية معاصرة وأجهزة رقابية وبرلمانية بعيدًا عن أساطير وأوهام يدفعون بها للناس أو بالأحرى لأتباعهم.
وما جرى في 30 يونيو 2013، وسقوط حكم جماعة الإخوان والدوي الهائل لهذا محليًا وإقليميًا وعالميًا، كان انتفاضة شعبية مصرية هادرة، تؤكد أن الأنظمة الدينية فاشلة، وأن النظام الذي يمارسه الإخوان "ضيق وطائفي ومتطرف" ولا يليق بمصر ولا دور مصر ولا علاقات مصر. وهذا دور وحضارة أملاها التاريخ والجغرافيا على مدى العصور ويستحيل تغييرها.
وكان السؤال الذي يشغلني دائمًا وشغل عشرات الملايين من المصريين من قبلي.. هل هناك سابقة لحكم ديني نجح في العالم في العصور الحديثة؟ الإجابة لا
هل هناك سابقة لحكم ديني لم يتسبب في إثارة الفتن والاضطرابات والدمار والخراب؟ الإجابة ايضا لا
وحتى اليوم، وإزاء بعض التيارات الدينية والإخوانية التي لا تزال لها الغلبة في بعض الدول، مثل ليبيا والعراق، إن لم يكن في صدر الحكم ففى مفاصله، للأسف تعاني من دمار واسع وخراب يعجز الجميع عن وصفه.
"الدين نقاء أم السياسة فهى مصالح واتجاهات ورؤى"،  ولذلك كان العمل على الخلط والضحك على عشرات الآلاف من الشباب هو السبب وراء "موجة إرهاب وتكفير عاتية" ضربت مصر والعالم العربي على مدى ال50 سنة الماضية بقوة وعنف شديدين منذ سبعينيات القرن الماضي، فالرؤوس تُقنع الشباب- كذبًا وزورًا- أن الأنظمة السياسية الموجودة كافرة يجوز قتالها،  والشباب مغيبيون وراء "أصنام بالية"، تبحث فقط عن مصالحها، لكن الحقيقة أن النجاح، هو حليف الأنظمة السياسية الحديثة فقط وهى القادرة على التعامل مع العصر والقوى العالمية الموجودة فيه.
ومن أكثر من 100 سنة، وعندما كتب الشيخ على عبد الرازق كتابه الشهير "الإسلام وأصول الحكم"، لم يقل إلا حقًا رغم مهاجمته وتكفيره وضراوة الهجوم عليه، وكلنا رأينا بأعيننا صدق ما قاله بعد تجارب فشل ودمار واسعة في كل الدول التي صادفت الحكم الديني.
ثم إن هناك مشكلة ضخمة، بل بالاحرى جرائم مروعة، ارتكبها انصار النظام الديني في العديد من البلاد العربية والإسلامية ومصر، وهى "جرائم الإرهاب"، فاللأسف أيدي هؤلاء اليوم جميعهم ملوثة بدماء الأبرياء انسياقًا وراء أفكارهم المريبة وأفكار قادتهم الإرهابيين، ولذا، فأنا أعتقد أن هذه التيارات المتطرفة، وبعد نجاح ثورة 30 يونيو في مصر، نالت هزيمة أبدية، بعدما انكشف خطابها وفشل خطابها وسوء أطروحاتها.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط