الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مثقفون قنائيون: الدراما الصعيدية ساهمت في تأجيج الصراعات الثأرية بين العائلات ..شاهد

صدى البلد

دفعت الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة قنا و تحديداً قرية أبو حزام التابعة لمركز نجع حمادي، الكثير من المثقفين و الأدباء للبحث عن حلول وعلاج لخصومات الثأرية التي تحصد ضحايا أبرياء مثل العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية واستطاعت أن تقضي عليها أو تحد منها بخطوات وجهود مدروسة.

المثقفون يحملون الدراما التليفزيونية، مسئولية جزء كبير من أحداث العنف و الأزمة الأخيرة التي مازالت تداعياتها تثير الكثير من علامات الاستفهام، لاغتيال براءة أطفال و سيدات لا ذنب لهم، و لم يكن أي منهم مستهدفاً في الخصومات الثأرية فيما سبق.

 

ويرى كثير من المثقفين ، أن الكتابة عن الصعيد و همومه لا تنبغي إلا لمن عاش فترة من حياته وسط آلام و أفراح هذه المناطق التي لم تبوح بكل أسرارها حتي الآن للغرباء عنها، فتفاصيلها أكبر من أن تحصيها صفحات رواية لا تري إلا جانب واحد.


قال دسوقي الخطاري، عضو اتحاد كتاب مصر، الثأر عادة و أزمة وجدت في صعيد مصر بشكل خاطئ، لها أسباب كثيرة أبرزها ما حصرها ابن عروس في المال و النساء، و زاد من مساوئها الدراما التي تسمي بالدراما الصعيدية والتي يتعرض لها الكثير من المؤلفين وكتاب السيناريو دون خبرة أو دراسة حقيقية للواقع الحقيقي الذي يعيشه أبناء الصعيد.

و تابع الخطاري، يجب ألا يكتب عن الصعيد و خاصة الثأر إلا من تربي في الصعيد، و عاش ويلات الثأر، حتي يكون واقعياً في كتاباته عن هذه الأزمة، حتي يعالج و يساهم في وضع الحلول والمقترحات التي تساهم في القضاء علي هذه العادة الذميمة، ولا يكون مؤججاً للصراعات من أجل تحقيق مكاسب مادية و درامية زائفة كما يحدث حالياً.

 

و أشار الخطاري، إلي أن ما يحدث في الخصومات الثأرية الأخيرية لا يعبر عن أخلاقيات الصعيد أو حتي عن قواعد الثأر والقصاص المتعارف عليها و التي كانت تستهدف القاتل نفسه، أما الآن فالثأر يؤخذ من اشخاص لم يرتكبوا جرماً سوي أنهم من العائلة أو أفضل من فيها، مطالباً بدور حقيقي للرقابة على المصنفات في متابعة ما يعرض عن الصعيد حتي لا يؤجج الصراعات بين العائلات والقبائل.

 

فيما قال أحمد الجارد، باحث تاريخي، إن الثأر مشكلة معقدة تحتاج تدخل و تكاتف كافة الجهات و المؤسسات للقضاء على هذه العادة الذميمة التي تسببت في تعطل مسيرة التنمية بصعيد مصر، نظراً للخصومات التي لا تتوقف و سلسال الدم الذي يتجدد مع كل واقعة قتل.

و أضاف الجارد، علاج الثأر لابد أن يبدأ من المدرسة لأنها المسئولة عن وضع اللبنة الأولى في حياة الطفل، ومن بعدها تتساوي الأدوار، فلابد أن يكون هناك دور أكبر لرجال المصالحات، ومديرية الأمن في نزع السلاح و استحداث مبادرات لتسليم السلاح، و كذلك وزارة الأوقاف بخطب وخطط ممنهجة عن عواقب الثأر على الأسرة و المجتمع.

و طالب الجارد، الكتاب و المؤلفين بمراعاة الدقة في الكتابة عن الصعيد وعاداته، فالقضية اكبر من مجرد عمل درامي يخاطب فئة معينة خلال فترة معينة لكنه يخاطب أجيال ويرسخ أفكار، إما إيجابية أو سلبية.


و قال الشاعر فتحي عبدالسميع، مذبحة أبي حزام حدث استثنائي، لم يحدث في القرية من قبل، رغم أن القرية شهدت وقائع ثأرية تعد بالمئات، ولهذا لا يعبر عن ثقافة القرية، أو على الأصح، لا يعبر عن النظام التقليدي للثأر، أما على مستوى الثقافة فلم يكن التأثير إيجابيا بنفس القدر، ولا نبالغ عندما نقول كان التأثير سلبيا وخطرا، و يرجع اللوم على الدولة وطبقة المثقفين، لأنهم تركوا مهمة الحوار مع المستجدات لسكان الريف أنفسهم، وهكذا تم التأثير الثقافي بشكل عشوائي، و عجزت الجماعة الشعبية عن هضم تلك المتغيرات الحداثية.

و أضاف عبدالسميع، في ظل الثورة الصناعية وثورة المعلومات، كان الطبيعي هو اختفاء ظاهرة الثأر العرفي، باعتبارها ظاهرة بدائية، فرضتها ظروف العصور الوسطى وما قبلها، لكن الثأر خالف المتوقع، واستمر بعناد كبير، وليته توقف عند هذا الحد.