الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تونس بخير بعد الإطاحة بالنهضة

في العديد من الصحف العالمية الشهيرة، يحلوا لهم دائمًا أن يصفون تونس بأنها "الديمقراطية الهشة" في العالم العربي بعد أحداث أو بالأحرى مؤامرة ما سمي بالربيع عام 2011. لكنهم يتجاهلون مع كل ما في الوصف من تجاوز سيتم إيضاحه، الحديث عن وضع الشعب التونسي تحت حكم هذه "الديمقراطية المزعومة"!
وفي الأيام التي سبقت اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد، قراراته القوية الجريئة، بتعليق عمل مجلس النواب الذي تهيمن عليه حركة النهضة الإخوانية وإعفاء المشيشي، كانت هناك احتجاجات تونسية شعبية عارمة. تنتقد التردي الاقتصادي والصحي، والحال لا يحتاج إلى إيضاح كبير، فتونس تحولت إلى مستنقع لكورونا تفترسها "سلالة دلتا" الهندية، وتردت اقتصاديا بشكل لم يسبق له مثيل وتجاوزت الديون التونسية حاجز ال100% من الناتج المحلي. وفى الوقت الذي كانت فيه ديون تونس في عام 2010 نحو 13.5 مليار دولار، فإنها تخطت الـ 35 مليار دولار بنهاية عام 2020!
وطوال هذه الفترة من التردي الإقتصادي والديون المتفاقمة، فإنه لا يُسئل عنها سوى حركة النهضة وتنظيم الإخوان في تونس، المهيمن على تونوس طوال السنوات العشر الماضية.
المشكلة للذين يروجون لأكذوبة تونس، هى الديمقراطية الهشة بعدما ما سمي بالربيع العربي يتجاهلون أنه طوال 10 سنوات كاملة، ورغم "تحالفات وتكتيكات" إرهابية ورهن تونس لتحالفات غامضة، وبالخصوص مع تركيا الراعية لتنظيمات الإسلام السياسي، فإن كل هذه الحكومات لم تستطع أن ترتقي بحال المواطن التونسي، فالقضية مع إخوان تونس كانت ولا تزال كلمات معسولة أمام الشاشات وواقع مؤلم متردي مريع يعيشونه، فإذا كانت تجربة حركة النهضة، للذين يتباكون وخصوصا في الغرب عليها، فلماذا فشلت في إدارة تونس؟ لماذا تردت الأحوال هكذا صحيًا واقتصاديًا؟ ما الذي كان يعوقهم عن العمل من أجل الشعب التونسي؟!!
أما بخوص القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، فهى استجابة لآلام حقيقية يشعر بها التونسيون، وخرجوا بسببها في احتجاجات ضخمة للشارع، علاوة على ذلك فقد تفجرت قضايا فساد مروعة في تونس، ووفق الرئيس سعيد فإن نحو 4.8 مليار دولار جرى نهبها أي نحو ما يزيد على 13 مليار دينار تونسي وهو رقم ضخم لدولة تعاني اقتصاديا. وبالطبع فهذه أرقام اولية عن نهب وفساد طوال حكم النهضة في تونس، ومجرد قمة جبل الثلج، ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستفرز الكثير وستكشف جرائم مروعة ارتكبت في حق تونس، تحت ستار ديمقراطيتها الهشة، وهو ما انتبه له الرئيس قيس سعيد بقوله، إنه أكثر ديمقراطية من الذين يتحدثون عنها، متعهدًا بحماية الحقوق والحريات والمسار الديمقراطي.
وبالرغم من سعادة الكثيرين بالمد العالي في تونس، والذي جاء لتخليصها من سلسلسة حكومات فاشلة، عينتها حركة النهضة الإخوانية، فأعتقد أن تونس أمامها الكثير والرئيس قيس سعيد مطالب أمام التونسيين قبل غيرهم باتخاذ مزيد من الإجراءات الضرورية لصالح تونس، حتى تكتمل الفرحة وتقلب الصفحة. وكما قال هو أيضا، فالفيصل يكون للقضاء، والحكومة التي يقوم بتعيينها تكون حكومة كفاءات وليس موالية لإخوان تونس أو حتى لمعارضيهم، ولكن حكومة تنحاز لشعب تونس وهمومه وتقنع العالم وصندوق النقد الدولي، أنها قادرة على إحداث إصلاحات حقيقية وتنفيذ شروطه، حتى تحصل على قرض بنحو 4 مليار دولار، وهو أكبر قرض تفاوض عليه تونس في تاريخها، للنجاة من الانهيار الاقتصادي. 
بقى أن نتوقف حول الخطوة القادمة من جانب إخوانيي تونس، ردًا على قرارات الرئيس قيس سعيد، وفى الوقت الذي يتوقع فيه الكثيرون التحريض على اضطرابات بالشارع التونسي وأعمال عنف، بدت عبر تصريحات الغنوشي الاخيرة، فإني أعتقد أن "غنوشي تونس"  لا يزال ينتظر توجيهات من التنظيم الدولي من جانب الإخوان بخصوص هذه الخطوة، ولم يقرر بعد كيف سيكون الرد وهناك سيناريوهات عدة تطرح عبر الصحف العالمية حول شكل الأيام المقبلة في تونس. لكن أجزم أنه مهما كان التحرك من جانب إخوانيي تونس الفترة القادمة، سواء أعمال عنف وإرهاب او ضغوط سياسية داخلية وخارجية أو غيرها، فإن ما انتظره التونسيون تحقق، وهو الإطاحة بحركة النهضة الإخوانية وفتح ملفاتها، واتاحة فرصة شعبية وديمقراطية مغايرة لتونس، لتختار من يحكمها خلافًا لكل ما جرى خلال السنوات العشر الماضية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط